كيف تختارين شريك حياتك؟.. معالج نفسي يجيب
الأحد 10/يناير/2021 - 01:00 م
حبيبة عبدالعزيز
خلال المرحلة الجامعية وما بعدها ينشغل بال الفتيات بقضية في منتهى الأهمية، وهي قضية "كيفية اختيار شريك الحياة"، وهذه القضية هي بالفعل قضية مصيرية إذ يترتب عليها مستقبل عمرها القادم بأكمله، لكونها ستصبح زوجة وأما ومسئولة عن كيان أسرة بكل أعبائها، وعلى قدر هذه المسئولية العظيمة يتعين على الفتاة حسن الاختيار منذ البداية، وأن تتيقن وتعلم أين تضع قدمها وإلى أين تسير خطاها.
هذا ما أكده محمد عبد الحليم صالح المعالج النفسي، عضو الجمعية العامة المصرية للمعالجين المصريين، قائلًا: "إننا - مع الأسف - نجد في السنوات المعاصرة انتشار ظاهرة الطلاق بين أزواج لم يكملوا عامهم الزواجي الأول، وهذا يرجع بشكل كبير وفي المقام الأول إلى سوء الاختيار منذ البداية، إذن ما الذي يجب على الفتاة القيام به عند الإقدام على هذه الخطوة المصيرية؟".
وتابع: "في البداية، لابد أن تضع كل فتاة لنفسها – حسب قناعاتها- بعضًا من المعايير والقواعد المحددة، تختار بناء عليها شريك عمرها القادم، وهذا الأمر يتطلب كثير من النضج والتفكير العقلاني والتروي وعدم الاندفاع، فمن أهم القواعد التي يجب الالتزام بها في هذا الأمر المصيري الابتعاد تماما عن الاختيار بناء على مواصفات شكلية ومظهرية زائلة مثل "الوسامة، والشياكة، والممتلكات المادية والمالية، والنسب والعائلة الكبيرة".
واستطرد: "هذه الأمور ربما تأتي لاحقًا، ولكن ليس لها المقام الأول عند الاختيار، إذ أن كل هذه الأمور إلى زوال، ولكن من باب أولى أن تكون قواعد الاختيار قائمة على أساس متين وثابت وهذه القواعد الثابتة تتمثل في" السمات الشخصية"، و"المبادئ الأخلاقية"، لأن هذه الصفات تتميز داخل الشخصية الإنسانية بقدر مناسب من الاستقرار والثبات والدوام، مما يحصن الحياة الزوجية من كثير من التخبطات".
وأوضح "صالح" أن من الأمور المهمة أيضا عند اختيار شريك الحياة ألا تنخدع الفتاة بالأحلام البراقة والكلمات المعسولة والوعود الوردية وهذا الجو العام المشبع بالوهم والضبابية غير الواضحة وغير المحددة، ومع الأسف أشارت بعض الدراسات العلمية إلى أن من أهم أسباب ارتفاع نسب الطلاق في زماننا المعاصر توهم كلا الطرفين حياة زوجية سحرية على الرغم من أنها من الأحلام الزائفة غير الواقعية، وعند عدم العثور عليها تنتهي العلاقة بينهما.
وتابع: "ومما زاد من اشتعال هذه الأحلام الخادعة ذلك الطوفان الهائل من الأعمال الدرامية التركية والهندية وغيرها، التي تصور لحظات خاطفة من الرومانسية داخل الحياة الزوجية على أنها كل الحياة الزوجية دون أدنى إشارة إلى المسئوليات والعقبات والصعوبات والمراحل الحرجة التي تمر بها الحياة بين الزوجين وما يعتريها من مد وجزر، وشغف وفتور".
واستطرد قائلًا، ولذلك فمن باب العقل والحكمة والحرص على استمرار الحياة الزوجية بالشكل الصحيح أن تؤهل الفتاة نفسها أن تكون زوجة وأُما ومسئولة عن أسرة بشكل واقعي وعملي وعقلاني وليس بشكل وهمي ومثالي وملائكي لا وجود له في حياتنا المعاشة، وفي المقابل أيضا يؤهل الشاب نفسه ليكون زوجًا وأبا ومسئولًا عن مسئوليات أسرة ويستطيع تحمل صعوبات الحياة وتحمل أدواره الزوجية والاجتماعية والمهنية وليس المرح الوهمي واللذة العابرة.
ونصح "صالح" بضرورة عدم تدخل الأهل في قرار اختيار الزوجين لبعضهما البعض - إلا بالطبع في حدود معينة - لأن في الأهل غالبًا ما يختارون بناء على قواعدهم ومعاييرهم هم، وليس قواعد أصحاب هذه الشراكة الحياتية المستمرة عبر العمر، وبالتالي إذا بدأت الحياة بينهما بضغوطات من الأهل فقد تستمر الحياة بينهما بعض الوقت ولكن لن تستمر طويلا، وإذا استمرت فإننا نجد مع الأسف داخل البيوت مايسمى بظاهرة" الطلاق المقنع".
وأوضح أن الطلاق المقنع ظاهرة تعبر عن حالة من الانفصال التام بين الزوجين عن أي تواصل دون أن يقع الطلاق بشكل فعلي.