امرأة صنعت تاريخًا.. أول صعيدية تفوز بعضوية مجلس الشعب
الخميس 04/أغسطس/2022 - 11:32 م
على مدار 100 عام منذ إنشاء البرلمان المصري ظهرت شخصيات كثيرة لم ينساها التاريخ في الحياة النيابية وأكثر منها لا يتذكره المواطن رغم أن منهم يعيشون بيننا، ولا يزالوا تحت قبة البرلمان، ومن بين الشخصيات التي سطرت تاريخا نيابيا، النائبة ناريمان الدرمللي أول عضو في البرلمان من النساء في صعيد مصر..
تاريخ المرأة المصرية مع البرلمان ليس في صالح المرأة منذ أن اقتحمته للمرة الأولى عام 1957م حيث كان عدد العضوات (( 2 )) وبدأ الرقم بالتزايد من دورة لأخرى.. وفى سوهاج لم يسبق لأي امرأة أن خاضت الانتخابات كمشاركة سياسة.. بل كانت المرأة لا تشارك حتى بالتصويت .
أسرة ناريمان الدرمللي الحاصلة على ليسانس الحقوق عارضت بقوة دخولها للانتخابات رغم أن عائلتها تحسم الصراع الانتخابي في طما لكن مع إصرار ناريمان رضخت الأسرة لمطلبها وساندتها فى المعركة الانتخابية.
روت ناريمان الدرمللي قصة وصولها إلى قبة البرلمان بعد أن خاضت انتخابات ساخنة في دائرة طما بأقصى جنوب مصر عام 2000م حيث قامت بتنظيم ندوات ومؤتمرات مع الناخبين للتعرف على همومهم فتقول: "بدأت رحلتي في المنافسة على الفوز بعضوية البرلمان من مسقط رأسي طما وتبنت الجولة الأولى مبدأ الصدق فكان النجاح هو حليفها وقدمتني بصورة طيبة إلى الشارع السياسي فى طما ، وفى زمن بسيط صار اسمي يتردد في شوارع الدائرة، روايات، شائعات.. لكن الكل كان يؤكد استحالة النجاح.. لأن عقلية الناخب الصعيدى لم تنصف امرأة من قبل خاضت الانتخابات وكنت أنا أول امرأة في سوهاج تخوض انتخابات برلمانية فى دوائر جنوب الصعيد، وبمرور الوقت بدأت أكسب معارك سياسية ضد خصومي الذين ذهلوا من الانتصارات المتتالية للندوات التي عقدت لى من الناخبين وساعـدني كثيرا الود الإنسانى مع أبناء الدائرة … كما أنني أصبحت أعرف العديد من شباب ونساء القرية اللاتى كن الورقة الرابحة لي في الانتخابات".
وعن الوسيلة التي حققت بها هذا الود الإنساني تقول: "تحقق عن طريق زياراتي للمرضى - خدمة المحتاج - مساعدة الضعيف حتى يعود حقه - خدمات كثيرة نجحت في تقديمها الى أبناء الدائرة، الأمر الذى جعلنى أدخل دائرة الترشيحات بقوة".
وتضيف: "كانت المفاجأة عندما أعلن الحزب الوطنى قوائمه التي سوف تخوض الانتخابات تحت لوائه - كنت خارج القوائم لكن لم أترك اليأس يتسلل إلى تفكيرى، أكملت الرحلة وساعدني على ذلك أن الانتخابات سوف تجرى تحت إشراف قضائي كامل، ووعد الرئيس مبارك بنزاهة الانتخابات، فدخلت الانتخابات بدون غطاء سياسي، ورشحت نفسي مرشحة مستقلة، الأيام الأخيرة قبل انطلاق الجولة الأولى للانتخابات شهدت أحداثا ساخنة، بعد أن تردد أن هناك مخططا للإطاحة بي وعدم حصولي إلا على أصوات عائلتي، ولكن مع ذلك كنت واثقة أن الانتخابات سوف تكون عادلة كما وعد الرئيس مبارك وقتها، وفي ليلة 18 أكتوبر سنة 2000م شهدت التاريخ الذي لا ينسى فى حياتي حيث عشت ليلة عصيبة عندما بدأ الناخبون بالتوجه إلى صناديق الانتخاب منذ الصباح الباكر وكنت أقف أمام اللجان استشعر الصدق والأمل في عيون الناس إلى أن احتدمت المنافسة بين 18 مرشحا على مقعدين، وتوافد رجال الشرطة لحمل الصناديق بعد نهاية زمن الانتخابات، شعرت أن مصيرى فى عالم السياسة سوف يتحدد خلال عدة ساعات، في الدقائق الأول، والساعة الأولى لم أكن فى الصورة، ولكن بدأت الزحف، كنت الأولى فى كل لجنة … تفوقت بأصوات كبيرة عن المنافسين وتأكد بقائي فى المنافسة قبل نهاية الفرز بزمن، وتقرر إقامة معركة سياسية أخرى - إعادة لـ 4 مرشحين حصلوا على أعلى الأصوات شعرت بأن النجاح يقترب مني فرسمت خطة سياسة جديدة فى الأيام القليلة، وحان موعد لقاء الإعادة بعد 7 ايام من الجولة الأولى".
الجولة الأخيرة
تابعت: "10 ساعات ويتحدد مستقبل المرشحين الأربعة، وصلنا إلى نهاية المرحلة، سيارات الشرطة حملت الصناديق لمكان فرز الأصوات عندما بدأ الفرز - اقتربت أحلامى من أن أكون نائبة بمجلس الشعب … بعد الساعات الأولى بدأ حلمى يتحول إلى واقع … أطلق الناخبون الذين أدلوا بأصواتهم لي أعيرة نارية ابتهاجا بتقدمي على المنافسين ، وزاد صوت الأعيرة النارية ، فأنا مع كل دقيقة أقترب من النجاح بقوة، وقبل أن يعلن القاضي النتيجة النهائية كانت الأفراح مقامة في كل قرى الدائرة - نجحت بأعلى الأصوات - أكثر من 32 ألف صوت – و الدائرة شهدت أعلى نسبة تصويت من النساء اكثر من 10 آلاف امرأة كانت لا تشارك فى الانتخابات شاركن من أجلي" .
وتضيف: "الأفراح هي سمة طما - كل منزل - كل أسرة فرحت لي، الرغبة في اختيار من يمثلهم جعلتهم يقفون معي حتى النهاية، أنا لم أكن أتوقع ان أحظى بكل هذا الحب من أبناء الدائرة، ولكن هناك مقولة مشهورة … من زرع حصد … أنا زرعت - ود ، وحب إنساني مع الناس ، وحصدت النجاح".
وتعلق ناريمان الدرمللى بأنها منذ طفولتها لم تكن تحلم أو تتوقع أن تكون نائبة بمجلس الشعب، وأن الفضل فى تجربة خوضها للانتخابات يرجع للمجلس القومى للمرأة الذي أعد دورات مكثفة لتثقيف المرأة سياسيا، وطالب المجلس بضرورة خوض حواء الانتخابات السياسية.
وتؤكد ناريمان الدرمللى أن المرأة العربية قادرة على خوض الانتخابات ودخول مجلس النواب ولكن عليها أن تخوض التجربة وألا تفكر في الفشل والنجاح لأن المحاولة شيء جميل بغض النظر عن التوفيق أو الفشل، خاصة ان المرأة العربية اليوم تختلف عن الأمس بثقافتها وعلمها.
وفي سؤال لها عن مدى تأثير المال على حسم المعارك الانتخابية تقول: "أحيانا يؤثر المال في حسم المعركة ، ولكن لو كانت الدائرة قليلة العـدد، بالإضافة إلى أن هناك أفرادا يرفضون بيع إرادتهم بالمال وتكثر هذه النوعية فى جنوب الصعيد الفقير فالصعيدى لديه شيء يحافظ عليه باستمرار هو الكرامة وحرية رأيه ويرفض أن يبيع رأيه وفكره مهما كان الثمن" .
اقرأ أيضًا..