هاني أبو الفتوح يكتب: انتهاك الحرية الشخصية آفة تنهش المجتمع
أصبحنا نستيقظ بين الحين والأخر على نوعية
من الأخبار تنتشر سريعاً في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي تعرض قصص مثيرة للجدل
تهتك ستر أشخاص.
وللأسف، بعد وقت قصير من نشر القصة
الفاضحة، تتسابق القنوات لبثها إما من
خلال البرامج التلفزيونية، أو القنوات الأخرى التي تديرها مواقع الأخبار
الإلكترونية، أو حتى منشئو المحتوى الإلكتروني الذين يديرون قنواتهم الخاصة على
منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة جديدة لكسب المال، وفي كثير من الأحيان على حساب
الضحايا الأبرياء. كل هذا يحدث دون اعتبار لانتهاك الحرية الشخصية، ربما لأشخاص
أبرياء هتك سترهم مجرم بلا ضمير، واستهان بخصوصيتهم دون مراعاة ما أمر به الله من
الستر.
ومعلمة المنصورة التي تم تصويرها
خلسة وهي ترقص في رحلة نظمتها نقابة المعلمين، ونُشر الفيديو على منصات التواصل
الاجتماعي، ما أدى إلى فصلها تعسفياً والتشهير بها وطلاقها من زوجها الذي لم يتحمل
نظرات المجتمع بعد انتشار الفيديو. وفي قصة أكثر مأساوية كانت ضحيتها فتاة عمرها
17 عاماً، أقدمت على الانتحار إثر قيام أحد
الشبان بتركيب صور مخلة لها على أحد برامج
تعديل الصور ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
الأدهى أن تداول مقاطع الفيديو
المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي أصبح شائعاً بين فئات المجتمع الذي لا يجدوا
غضاضة في نشرها دون الشعور بالذنب سواء بدافع التقيد بتعاليم الدين، أو الخروج عن عادات
وتقاليد المجتمع التي سادت في الماضي، والتي كانت تحث على الستر وعدم
الخوض في الفضائح والأعراض.
ولذلك يقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا) . وفي تفسير لهذه الآية قال القرطبي :
"خذوا ما ظهر، ولا تتبعوا عورات المسلمين، أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى
يطلع عليه بعد أن ستره الله". فبعد أن أمر الله باجتناب سوء الظن؛ أكّد عليه
بالنهي عن التجسس.
كملاحظة ختامية، لا ينبغي ترك انتهاك الحرية الشخصية للقانون فقط ولكن يجب على المجتمع بأسره اتخاذ موقف أكثر
حزماً ضد هذه القضية. يجب أن يكون لدى الأسرة والهيئات الدينية والمجتمع المدني
أجندة مشتركة للحد انتشار هذه الأفة البشعة، باعتبارها منافية للدين والقيم
المجتمعية السليمة.