السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

هاني أبو الفتوح يكتب: انتهاك الحرية الشخصية آفة تنهش المجتمع

الخميس 13/يناير/2022 - 01:19 م
هير نيوز

أصبحنا نستيقظ بين الحين والأخر على نوعية من الأخبار تنتشر سريعاً في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي تعرض قصص مثيرة للجدل تهتك ستر أشخاص.

وللأسف، بعد وقت قصير من نشر القصة الفاضحة، تتسابق  القنوات لبثها إما من خلال البرامج التلفزيونية، أو القنوات الأخرى التي تديرها مواقع الأخبار الإلكترونية، أو حتى منشئو المحتوى الإلكتروني الذين يديرون قنواتهم الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة جديدة لكسب المال، وفي كثير من الأحيان على حساب الضحايا الأبرياء. كل هذا يحدث دون اعتبار لانتهاك الحرية الشخصية، ربما لأشخاص أبرياء هتك سترهم مجرم بلا ضمير، واستهان بخصوصيتهم دون مراعاة ما أمر به الله من الستر.  

 في الشهرين الماضيين، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بمثل هذه القصص المثيرة للجدل. على سبيل المثال لا الحصر، السيدة الأوكرانية التي تم تصويرها بعدسة مكبرة دون إذنها وهي في شرفة منزلها مرتدية  ملابس كاشفة.

ومعلمة المنصورة التي تم تصويرها خلسة وهي ترقص في رحلة نظمتها نقابة المعلمين، ونُشر الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى فصلها تعسفياً والتشهير بها وطلاقها من زوجها الذي لم يتحمل نظرات المجتمع بعد انتشار الفيديو. وفي قصة أكثر مأساوية كانت ضحيتها فتاة عمرها 17 عاماً،  أقدمت على الانتحار إثر قيام أحد الشبان  بتركيب صور مخلة لها على أحد برامج تعديل الصور ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

 هكذا أصبحت الحرية الشخصية أمراً مستباحاً.

الأدهى أن تداول مقاطع الفيديو المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي أصبح شائعاً بين فئات المجتمع الذي لا يجدوا غضاضة في نشرها دون الشعور بالذنب سواء بدافع التقيد بتعاليم الدين، أو الخروج عن عادات وتقاليد المجتمع التي سادت في الماضي، والتي كانت تحث على الستر وعدم الخوض في الفضائح والأعراض.

 من منظور الدين، نهى الإسلام عن البحث عن عورات الناس والتجسس عليهم لأجل إنكارها.

ولذلك يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا) . وفي تفسير لهذه الآية قال القرطبي : "خذوا ما ظهر، ولا تتبعوا عورات المسلمين، أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله". فبعد أن أمر الله باجتناب سوء الظن؛ أكّد عليه بالنهي عن التجسس.

 ومن الناحية القانونية، الحرية الشخصية يصونها الدستور والقانون. تنص المادة رقم 41 من الباب الثالث المخصص للحريات والحقوق والواجبات العامة في الدستور المصري على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون".  

 كما نصت المادة 57 من الدستور على أنه "للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون".

 كذلك تنص المادة 99 من الدستور على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع عليه الاعتداء."

 

كملاحظة ختامية، لا ينبغي ترك انتهاك الحرية الشخصية للقانون فقط  ولكن يجب على المجتمع بأسره اتخاذ موقف أكثر حزماً ضد هذه القضية. يجب أن يكون لدى الأسرة والهيئات الدينية والمجتمع المدني أجندة مشتركة للحد انتشار هذه الأفة البشعة، باعتبارها منافية للدين والقيم المجتمعية السليمة.

 





هاني أبو الفتوح

هاني أبو الفتوح
ads