الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

"سمر" تتحدى إعاقتها وتكمل دراستها حتى الدكتوراه في القانون

الجمعة 25/ديسمبر/2020 - 11:21 ص
هير نيوز


فتاة من ذوات الهمم، تبلغ من العمر 26 عامًا، تعاني من ضمور الأعصاب منذ طفولتها، وساء بها الحال حتى أصبحت لا تستطيع الحركة، ولكنها تحدت الإعاقة بالإرادة، وانتصرت على مجتمع محيط بها، كان دائمًا يهدم معنوياتها، واستكملت دراستها وحصلت على ليسانس الحقوق، وعلى دبلومتين في القانون، وتقوم حاليا بتحضير الدكتوراه، إنها سمر عبدالمحسن عبد الباقي حسين، من قرية نعيم، محافظة بني سويف، هير نيوز التقت بها وتحدثت معها عن مشوارها والمصاعب التي واجهتها. 

قالت "سمر": "منذ مولدي وكنت طبيعية جدًا لا أعاني من أى شيء وحركتي عادية؛ لكن حين وصلت لسن ثلاث سنوات أصبت بحمى أثرت بدورها على الأعصاب فبدأت تظهر مشكلة في قوة الأعصاب، وبدأت على مراحل وفترات تضعف حتى سن الـ 12 سنة، أصبحت لا أستطيع الحركة نهائيًا. 

وتابعت: "ذهبت للعديد من الأطباء وكانت تشخيصاتهم مختلفة، فمنهم من قال إنني أعاني ضمورًا في الأعصاب، ومنهم من قال إنني أعاني نقصا في كالسيوم النخاع الشوكي. 

وأضافت "سمر": "تناولت الكثير من الأدوية والعلاجات المختلفة دون فائدة تذكر، بل تدهورت حالتي حتى أصبحت قعيدة تمامًا". 

وبسؤالها عن حياتها الدراسية في ظل هذه الظروف، قالت: "كنت تلميذة متفوقة في الدراسة أنهيت الابتدائية والتحقت بالإعدادية وكنت محبوبة من المعلمين، وقد حصلت على مجموع كبير في الإعدادية يؤهلني للالتحاق بالثانوية العامة". 

وأكملت "سمر": "كنت أرغب كثيرًا في الالتحاق بالثانوية العامة واستكمال دراستي حتى الجامعة، وكانت رغبتي ضد رغبة أسرتي لسببين،هما، ظروفي الصحية، وثانيًا ظروف أسرتي المادية، حيث والدي كان يعمل في الشركة المصرية للاتصالات وخرج معاشا مبكرًا، وكان يتقاضى معاش 125 جنيهًا فقط لا غير، وأسرتي 6 أفراد". 

وأضافت: "أضربت عن الطعام لفترة طويلة ودخلت في مشكلات مع أسرتي حتى يوافقوا على التحاقي بالثانوية ومن جهة أخرى كان أقربائي وجيراني ينصحون أسرتي بعدم الموافقة على طلبي بسبب ظروفي الصحية، ولكني في النهاية استطعت إقناعهم والتحقت بالثانوية العامة واعتمدت على نفسي اعتمادًا كليًا دون دروس خصوصية والتحقت بشعبة علوم لرغبتي في الالتحاق بكلية الطب، وحصلت على مجموع 87% في الصف الثاني الثانوي، وفي الثالث الثانوي حصلت على مجموع 80%، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي". 

وتابعت: "اخترت كلية الحقوق آخر رغبة في التنسيق الجامعي، وبالفعل التحقت بها رغم عدم حبي لدراستها، لكن أخذت الأمر كتحدٍ جديد لإثبات نفسي فيها". 

وأوضحت سمر، أنها كانت محبوبة من أساتذتها وأصدقائها، واستكملت صراعها مع مرضها وصراعها في دراستها حتى حصلت على ليسانس الحقوق عام 2016. 

واستطردت قائلةً: "رفضت الاكتفاء بهذا القدر وتحديت ذاتي مرة أخرى حتى حصلت على دبلومة في قانون عام 2017 ودبلومة قانون دولي عام 2018، وهما يعادلان ماجستير قانون عام، وحاليًا أعمل على رسالتي للحصول على درجة الدكتوراه في القانون الدولي". 

وحول كيفية تحقيقها لهذا الإنجاز، قالت: "أنا طوال هذه الفترة لم أكن أستخدم كرسيا متحركا كنت أرفضه رفضًا قاطعًا بسبب نظرة الناس لي"، مضيفةً: "أنا عايشة في مجتمع محبط دايمًا بيهد في معنوياتي". 

وأضافت: "منذ الابتدائية وحتى حصولي على الماچستير، كان والدي يحملني على كتفه ويوصلني لمدرستي وبعدها كليتي يوميًا، حتى وأنا في الماجستير، ويشهد على فضل أبي أساتذتي ودفعتي". 

وتابعت: "والدي تحمل بسببي الكثير من المتاعب وأذكر حين كنت في الابتدائية وكنت لازلت أسير بمفردي بشكل مقبول، كان والدي يهرع لمساعدتي ولا يتوان عن ذلك أبدًا، وأثناء اليوم الدراسي في غياب والدي كان لابد من مساعدة أحد لي حتى أصعد الدرج فكان زملائي يساعدونني". 

ومن المواقف الصعبة التي مرت بها أكدت: "كانت مُعلمتي في الابتدائية مستاءة جدًا من مساعدة زملائي لي وقالت لهم نصًا "اللي هيساعدها أو يشيلها هرميه وهرميها من الشباك"، وقتها توقف زملائي عن مساعدتي خوفًا منها ولكن حين علم أبي توجه بشكوى لمديرية التربية والتعليم وتم وقف المعلمة وبعدها اعتذرت لنا". 

وأوضحت سمر أن والدها كان أكثر الداعمين لها، فحين كانت في الجامعة ووصلت متأخرة عن امتحانها، وكان المصعد معطلا في ذلك الوقت، وقتها لم يتردد والدها في حملها على كتفه حتى الطابق السادس وكان يرفض أي مساعدة من أحد، حتى وصلت إلى لجنة الامتحانات وهذا موقف عظيم من والدها لن تنساه مهما طال بها العمر. 

كما أبدت سعادتها لوجود أصدقاء مقربين مدوا لها يد العون وساعدوها في مشوارها إضافة إلى أساتذتها في الكلية مثل الدكتور مبروك مصري أستاذ الشريعة الإسلامية، الذي تعامل معها كأب ودعمها ومازال. 

وقالت سمر، إنني واجهت صعوبات كثيرة في حياتي الدراسية، وكان الاعتماد الكلي على نفسي، حيث كنت أساعد نفسي في مذاكرتي. 

وحول تعرضها للتنمر، قالت سمر تعرضت للتنمر كثيرًا جدًا تحديدًا من بداية استخدامي للكرسي المتحرك وحتى الآن، فنظرات المحيطين بي كانت تقتلني يوميًا، لدرجة أن الناس كانت تعتقد أني "متسولة " فيلقوا بالمال علي وأنا أسير بالكرسي".
 
وعبرت سمر أنه حتى النظرات المتعاطفة والبائسة لحالتها كان لها سيئ الأثر على نفسيتها مما جعلها تصاب بنوبات اكتئاب وبكاء متواصل، ولكنها اعتادت فيما بعد على ذلك وتشجعت قليلًا خاصة بعد أن تحولت هذه النظرات لفخر مما حققته في حياتها العلمية برغم ظروفها المرضية. 

وفي ختام حديثها طالبت سمر، بأن تعمل في مكان يقدرها ويقدر مجهودها وهذا حلم والدها وحلمها، كما تحلم سمر بأن تجد علاجًا لحالتها داخل أو خارج مصر وأن يستجيب المسئولون لأحلامها القليلة تلك، كما تمنت أن تنتهي سريعًا من رسالتها لتحصل على الدكتوراه.