د.سحر حسن أحمد تكتب: سفيرات دولة التلاوة
قراءة القرآن من العادات المُحببة إلى المصريين ولكنها تزداد توهجاً فى شهر رمضان المعظَّم, والمقارئ المصرية جزء لا يتجزأ من التراث المصري. وإن كان القرآن أُنزل في مكة، وطُبع في إسطنبول, فإنه قُرئ في مصر.
إذ تميزَّت مدرسة التلاوة في مصر بزخم كبير جداً من القراء ذوى الأصوات المميزة التى جمعت بين: حلاوة الصوت, والتمكن من الأداء والحفظ التام للقرآن, والدراسة الدقيقة لفن التجويد من إدغام وإظهار وتنوين ومد وغيرها من أحكام التلاوة.
وإذا أدرت مؤشر الراديو ناحية إذاعة القرآن الكريم ستجد القرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار بصوت رجالى من دون تواجد للمرأة التى لها برامج حوارية وفقهية. هل كان لها وجود بين قراء القرآن فيما قبل؟ وما هو سبب غياب المرأة عن دولة التلاوة ؟ هل كان للمرأة وجود بين قراء القرآن فيما قبل؟
كانت القارئة المصرية تُرتّل القرآن الكريم فى الاحتفالات العامة، والمناسبات الدينية، والمآتم والأفراح ، وكان الاستماع إليها مقصورًا على السيّدات، وذلك بجانب الأماكن المُخصصة للسيّدات فى المساجد. إذ زخرت القرى والأحياء الشعبية بمئات القارئات ذوات الصوت الحسن، وإن لم يتجاوز صيتهن دوائرهن المحلية. إلا أن بعض القارئات عرفن إلى الشهرة سبيلاً. وعرفت الأحياء المتوسطة والفقيرة ومدن الأقاليم مثل طنطا والأقصر وكثير من المدن والقرى المصرية أعداداً لا حصر لها من قارئات القرآن المحترفات – وخاصة فى الموالد وفى المآتم وكذلك فى المناسبات الدينية فى بيوت وقصور الأثرياء .علي سبيل المثال لا الحصر نجد حى حدائق الزيتون أحد الأحياء الذى احتفظ حتى عقد التسعينيات من القرن المنصرم بتقليد المقرئة المعتمدة لدى أسر الحى . أما فى طنطا وبالتحديد فى الخمسينيات فقد كان هناك الشيخة وهيبة ذات الصوت الجهوري وكان لها هيبة بالرغم من كونها كفيفة . وأيضا خليفتها الشيخة فاطمة التى تشابهت معها وذاع صيتها في السبعينيات
كانت في مصر قارئات قرآن من طراز رفيع، صدحن عبر الأثير، وسجَّلن بأصواتهن آيات الذكر الحكيم ، بل إن بعضهن كُن يمنحن إجازة للقراءة، وتتلمذ عليهن بعض مشاهير القراء الرجال، قبل أن تُطوى صفحاتهن، ولا يبقى منهن سوى ذكريات فى كتب التاريخ. وفى عشية نهاية ثلاثينيات القرن العشرين ، تردَّدت بعض الأقاويل بأنّ صوت المرأة عورة، وهو ما جعل أغلب المقرئات يختفين من على الساحة. وبناء على هذه الأقاويل التى اعتبرت أن (صوت المرأة عورة ) ـ أصدرت الإذاعة المصرية قراراً بمنع المرأة من تلاوة القرآن الكريم عبر الأثير . وهذا الأمر لفت انتباه محطات إذاعية عريقة مثل البي بي سي والشرق الأدنى فاستقدمتا القارئات للتلاوة عبر أثيرهما بعد أن أوقفت الإذاعة المصرية التعاون معهن.
في عام 2009دعا نقيب القراء الشيخ أبو العينين شعيشع إلى إعادة الأصوات النسائيّة التي تتلو القرآن فى الإذاعة. وحسب شعيشع عرفت مصر قارئات القرآن من سنوات طويلة مضت، وأن الإذاعة المصريّة عرفت عدداً من القارئات المعتمدات المجيدات، وأن نقابة القراء التي يرأسها منحت فى ذات التوقيت تراخيص القراءة لعدد من الأصوات النسائيّة بعد اختبارات دقيقة من قبل عدد من كبار العلماء ؛ إذ بلغ عددهن (30 ) ثلاثين قارئة . كما تقدم 150 قارئة لاعتمادهن فى نقابة قراء القرآن الكريم وتم اعتمادهن بالفعل. وقد دعم هذه الدعوة كلاُ من : الشيخ «محمد محمود الطبلاوي»، نائب نقيب القراء سابقًا، والدكتور «أحمد عمر هاشم»، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر...إلخ
سمية علي عبد العزيز الديب
وفي العصر الحالي ظهرت مُرتلات من شرق آسيا يتمتعن بأصوات رائعة، ومن مصر خرجت سمية علي عبد العزيز الديب، المولودة في بنها عام 1994، من أسرة قرآنية شهيرة.
حفظت القرآن وعمرها 6 سنوات، وحصلت على الإجازة فيه برواية حفصٍ عن عاصم، من الشيخ أحمد شرف، ودرست المقامات الموسيقية وأتقنتها، ومثلَّت مصر فى كثير من المحافل الدولية.
ميادة محمود محمود عبد الرحيم
فازت ميادة محمود عبدالرحيم بالمركز الأول على مستوى العالم الإسلامى فى المسابقة الدولية لتلاوة وحفظ القرآن الكريم كاملاً حفظ " نساء " والتى نظمتها دولة ماليزيا فى عام 2016.
في بدايات القرن العشرين، ذاعت أسماء مقرئات كثيرات مثل كريمة العدلية ومنيرة عبده وسكينة حسن والشيخة مبروكة ونبوية النحاس ومنيرة أحمد وعطيات إبراهيم والشيخة زاهية وخوخة أحمد.
وعلى مدى أربعة أعوام قدمت الإذاعة خمس قارئات للقرآن، هن على حسب ترتيب ظهورهن:
منيرة عبده وكريمة العدلية (أول تلاوة في الرابع عشر من إبريل 1936).
وخوخة إسماعيل (أول تلاوة في التاسع عشرة من إبريل 1936).
والشيخة منيرة أحمد (في التاسع من سبتمبر 1940)،
أما الشيخة عطيات إبراهيم فقد كانت أخر صوت نسائي يصدح بآيات من الذكر الحكيم من الإذاعة المصرية وحتى يوم الخامس والعشرين من نوفمبر 1940.
وللحديث بقية