مقالات

شيماء المرزوقي تكتب: مشاعرك هي قيمك ومبادئك

الأربعاء 01/سبتمبر/2021 - 05:23 م

أعتقد أن القيم والمبادئ الجميلة متشابكة ومتّحدة ومترابطة ببعضها، بمعنى لا يمكن اختزال واحدة دون أخرى، أو العمل بقيمة دون سواها من القيم الأخرى. كل قيمة متصلة بأخرى وكأنها عبارة عن سلسلة من القيم والمبادئ القويمة، وهذا الترابط القوي بين القيم يجعل من فكها أو عزل واحدة عن الأخرى مستحيلاً أو أمراً في غاية الصعوبة. وهذا يقودنا إلى اعتبار أن القيم والمبادئ الأصيلة القويمة الجميلة جسد وكيان واحد، فهل يمكن تخيل إنسان يتمتع بالأخلاق وهو يكذب على الآخرين، أو إنسان يدعي التسامح وهو يؤذي الآخرين، أو إنسان يصف نفسه بأنه يساعد الفقراء والمعوزين وهو بخيل أو مختلس أو سارق؟.

لا يمكن أن تنطبق صفة أخلاقية أو مبدأ قويم على إنسان وهو يتجرد من الصفات المثالية والقيم الأخرى، بل إن قيمته التي يتحلى بها عندما يفقد قيماً ومبادئ أخرى تتحول لنوع من تزيين المظهر أو نوع من التظاهر غير الصحيح. إن وجد إنسان ينبذ العنصرية، فهو إنسان متسامح، وإن وجد إنسان يسعى لمساعدة الآخرين، فهو إنسان كريم الأخلاق، وإن وجد إنسان من مبادئه الحياتية الصدق، فهو إنسان عادل يحب الخير للجميع. حتى في مشاعر الحب لا يمكن أن تدعي المحبة والوفاء، وفي نفس اللحظة جميع أفعالك وتصرفاتك تنم عن سلوكيات بعيدة تماماً عن الحب والإخلاص. المشاعر أيضاً لها ترابط، بل إن المشاعر لها ترابط حتى مع الصفات الأخلاقية والمبادئ والقيم.

على سبيل المثال، الحب يقود نحو التسامح ونحو البذل والعطاء ونحو الكرم. في هذا السياق أتذكر مقولة تقترب من هذا المعنى لرائد التنمية البشرية الملهم الراحل إبراهيم الفقي، جاء فيها: «لن تستطيع العطاء بدون الحب، ولن تستطيع أن تحب بدون التسامح». إن أمعنا التفكير في كلمة العطاء وحاولنا فهم ربطها بالحب، نفهم أن المشاعر لها ارتباط وثيق بالأفعال التي تصدر عنا، فالعطاء صفة عملية، والحب مشاعر، ومع هذا لا يمكن ترجمة هذه المشاعر دون عمل على أرض الواقع يُرى، وواحد من أهم هذه الأعمال العطاء. الحال نفسها في قيمة الحب عندما يلتصق بالتسامح، فالتسامح لا يكن أن يكون شعارات، بل إنه سلوك يُرى وكلمات تُقال، ولا يمكن أن ينتج ويظهر إلا وفق الحب، حب الإنسانية والعدالة والخير للجميع.

مشاعرك هي واقعك وقيمك ومبادئك، ما تختزله داخل نفسك يصدر ويراه الآخرون.

-----

الخليج