الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

محمود هيكل يكتب: هل نعيش على أرض النفاق؟

الثلاثاء 17/أغسطس/2021 - 07:29 م
هير نيوز

يعتبر النفاق من أمراض المجتمع مثل الكذب، وشهادة الزور والتزوير، وخطورة تلك الآفات والأمراض لا تقل خطورة عن الأمراض العضوية التى تؤدى إلى هلاك الإنسان وموته وضياعه ونرى النفاق منتشراً بين الكبار والصغار وبين الزملاء فى العمل ونراه فى مكان يحيط بنا ويتعلمه البعض ويتقنه ولا يبالي بالعواقب والنتائج السيئة التي تنتج منه.

إن الشخص المنافق الذي يعاني من أي نوع من أنواع النفاق الاجتماعي هو الشخص الذي يدعي إيمانه بشيء لا يؤمن به في الحقيقة، أو يدعي الشعور بشيء وقلبه يشعر بشيء مختلف تمامًا.
المنافق هو الشخص الذي له حياة في العلن وحياة أخرى في السر، أي أنه يفعل ما لا يقول ويقول ما لا يفعل، ويقبل على الآخرين ما لا يقبله على نفسه.

حتى أصبح النفاق ظاهرة سيئة فى حياتنا مثل (ظاهرة المناصب، وظاهرة المنافع، وظاهرة التملق، وظاهرة الصعود للمناصب بسرعة البرق)
إنها ظاهرة أصبحت ساعات حياتنا تدور في فلكها يوميا كيف لا وقد جعلنا كل حياتنا نفاق في نفاق حتى أصبحنا فى انحلال أخلاقي وانحلال القيم والمبادئ.

النفاق آفة المجتمع القاتلة التي تربى عليها البعض فأصبحت حياته لا تستقيم إلا بها للأسف.
كم من متملق يدفع مبالغ طائلة من أجل النفاق !!
وكم من أمور حياة لا تسير إلا بنفاق مخجل غريب !!
وكم من منافق يقول أمامك شيء ومن خلفك أشياء أخرى !!
وكم من منافق يقول إن فلان ذو أخلاق ممتازة ومن خلفة يطعنة بكل سكاكين النفاق !!
ان النفاق الاجتماعي ياسادة يتجسد بالدعايات الكبيرة والتهاني الأسبوعية والبوستات البارزة علي مواقع التواصل الاجتماعي أو نقوط في مظاهر البذخ في الأفراح والليالي الدينية والمناسبات الاجتماعية المختلفة عملاً بالقول «شوفوني يا ناس» أنا فلان ابن فلان!!!.

ما يجري في مجتمعنا هو أمر مؤلم وشيء محزن ومقلق، فقد خدعتنا المظاهر، وشدتنا المفاتن واستبدت بالناس الأنانية، واختفت روح الجماعة، وتلاشت المحبة والمودة الخاصة، وغاب الوفاء،واستشرى حب المال، وبات النفاق امراً طبيعياً وأسلوب حياة، بينما صار الصدق مرفوضاً وعُملة نادرة، ومن يسلك طريق الحق ويتبع الصدق نهجاً في عمله وتعامله وسلوكه وأفكاره وقيمه ومبادئه هو إنسان غريب وشاذ عن القاعدة وليس من أبناء العصر المودرن!

فليس كل ما يلمع ذهباُ.وأمام هذه الكارثة الأخلاقية الإجتماعية وهذا الواقع الاجتماعي البائس المتردي كم نحتاج الى الجرأة والمصداقية والمواجهة العنيدة ومحاربة كل مظاهر النفاق واجتثاثه من جذوره.

لقد آن الأوان لمجتمعنا النهوض من سباته، بدعاته، بمثقفية واكاديمييه، بالتنوير والتثقيف والتوعية والتنشئة الإجتماعية الصحيحة بهدف التخلص من العادات والظواهر الإجتماعية الضارة التي تفتك به وتهدد مستقبله، والعمل على بناء حياة مدنية عصرية على أسس جديدة يحكمة العقل والتفكير العلمي وقائمة على الصدق والنقاء والقيم الأخلاقية الحضارية والتعاليم الدينية الحقيقية.قال الله تعالى: «وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(68) كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» (التوبة:68،69).
 
يقول تعالى واصفًا حال المنافقين إنَّ حالكم أيها المنافقون كحال أمثالكم ممن سبقوكم إلى النفاق والكفر، وقد كانوا أقوى منكم وأكثر أموالاً وأولادًا، وإستمتعوا بما قدر لهم من حظوظ الدنيا، وأعرضوا عن ذكر الله وتقواه، وقد هتكَ الله سبحانه وتعالى أستارَ المنافقينَ، وكشفَ أسْرَارهمْ في القرآن، وجلَّى لعبادِه أمُوَرهم ليكونوا منها ومِنْ أهْلِهَا على حذرٍ.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله: «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع»

فهل هذه الظاهرة من الحضارة بشيء وهل نحتاجها كل يوم أم أن الأمور أصبحت من المسلمات التي لا يمكن لنا أن نغيرها فتتغير أنفسنا وسلوكياتنا بها.

ولعل في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عبرة لمن يعتبر بأن هذه الظاهرة ليست من أخلاقنا أن النبي قال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» (رواه البخاري).

فكيف بالمنافقين إذا حُشِرُوا إلى جسر جهنم؟
وهو أدقُ من الشعرة، وأحد من السيف، وهو دحضٌ مزلة، مظلم لا يقطعه أحد إلا بنور يبصر به مواطئ الأقدام.

ads