لكل جريمة دوافع وأسباب، و«عندما نعرف السبب يبطل العجب»، عبارة نسمعها كثيرا، فهناك من يقتل من أجل السرقة أو الثأر أو الانتقام او دوافع جنسية وغيرها من الأسباب التي تؤدي بمرتكبي تلك الجرائم لحبل المشنقة.

ولكن من الجرائم التي تعد أبشع وأغرب هي إقدام الأبناء على قتل والديهم، جريمة تحتاج لبحث ومناقشة من أجل إلقاء الضوء عليها لعلاج الأسباب وتجنب وقوع الأبناء فيها.

أثارت جريمة قتل راح ضحيتها الوالدة وأبنائها الاثنان الجدل وسط أحاديث كثيرة عن دوافع وأسباب حدوث مثل هذه الواقعة، حيث أقدم شاب على ذبح أهله وحرقهم بالنيران، مما أدى إلى وفاتهم جميعًا.

وفي سياق متصل، انتقلت القوات إلى محل الواقعة، وتبين أن شاب يدعى "محمد. ا.ال" أقدم على قتل وذبح أمه وشقيقه وشقيقته، وإضرام النيران بهم.

 لذلك طرح موقع "هيرنيوز" عدد من الأسئلة على المختصين من علم النفس التربوي للخروج بروشتة لهذه الظاهرة الغريبة.

 الأسباب والدوافع

ذكر عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، أن جرائم القتل التي تمس الأقارب، وخاصة الأسرة الصغيرة تنذر بكارثة تربوية خطيرة، وتستدعي مراجعة أساليب التنشئة الاجتماعية التي تتبعها الأسر مع أبنائها، حيث إنها تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على وجود خلل في العلاقات الأسرية وأساليب التنشئة المتبعة.

وما هي أسباب حدوث هذه الواقعة؟

أشار عاصم حجازي إلى أنه قد يكون السبب في مثل هذه الحوادث مرده إلى غياب الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، أو فتور المشاعر بحيث تضعف الروابط بين الأم، والأبناء بسبب الانشغال بالعمل طوال اليوم أو انشغال أي من الطرفين بأهدافه الخاصة والتي قد يكون من بينها إدمان الإنترنت، وكذلك بالطبع ضعف الروابط بين الإخوة لنفس الأسباب.

واستكمل قائلا: أنه من بين الأسباب غياب الحوار الأسري، والنقاش العائلي الهادئ، وعدم مشاركة أفراد الأسرة بعضهم بعضًا في حل مشاكلهم، واحتواء أي تغيير قد يحدث في سلوك أفرادها، وتقديم الحلول وتقويم السلوك أولًا بأول.

دور الأهل تجاه أبنائهم لتفادي مثل هذه الوقائع

وأضاف حجازي أن عدم قدرة الأسرة على كشف بوادر الانحراف أو السلوك العدواني والتعامل معها مبكرا لغياب الثقافة التربوية والنفسية اللازمة لإدارة مثل هذه الأمور ضمن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث كوارث.

الإنترنت ودور في الجرائم

ولفت أستاذ علم النفس التربوي إلى أن أسباب حدوث هذه الجرائم ترك الأبناء فريسة للإنترنت، والسوشيال ميديا، والمراهنات الإليكترونية، وخاصة في سن المراهقة الذي يحتاج إلى رقابة وتوجيه من الوالدين باستمرار.

وفي هذا الصدد، أكد عاصم حجازي أن من ضمن الأسباب المهمة تأثير ما يشاهده الشاب عبر منافذ إعلامية متعددة من نماذج العنف، وشرعنة العدوان، وتبني الحلول التي تتسم بالعنف اللفظي، والجسدي في الوقت الذي تراجع فيه دور الأسرة في توجيه الأبناء إلى الطرق الصحيحة لحل المشكلات ودمجهم في المجتمع بشكل إيجابي.

النصيحة للآباء

وذكر حجازي خلال حديثه أن أهم الحلول تتمثل في عودة الدور التربوي للأسرة، وعودة الحوار الأسري الهادىء، بالإضافة إلى الحد من الاستخدام المفرط للإنترنت، والتعرض لمواد إعلامية غير تربوية، وقيام الأسرة بدورها في دعم وتوجيه وإرشاد الأبناء وممارسة دورها الرقابي للكشف عن بوادر العنف، والعدوان ومعالجتها في مرحلة مبكرة