«عصر رأسمالية المراقبة».. جوجل تبنى إمبراطورية من سرقة البيانات الشخصية
صدر مؤخرًا كتاب "عصر رأسمالية المراقبة" للكاتبة والأكاديمية الأمريكية شوشنا زبوف، الحاصلة على الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة هارفارد، وشهادة البكالوريوس في الفلسفة من جامعة شيكاغو، وشهادة بكالوريوس إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، والتي تعمل بها حاليا كأستاذة فخرية.
أوضحت شوشنا زيوف في كتابها المثير للجدل "عصر رأسمالية المراقبة" كيف أن الشركات الرقمية العالمية وعلى رأسها جوجل توسعت وبنت إمبراطوريتها الخاصة من خلال خطط خبيثة والتي أساسها تحويل بيناتنا الشخصية إلى سلع أكثر قيمة من خلال بيعها والمتجارة بها.
وتعد شوشنا زيوف هي من صكت مصطلح "رأسمالية المراقبة"، والتي اعتبرت أن تطور الرأسمالية ينبني على ضمها لأشياء لم تكن تعرفها من قبل، وما إن يتم تحويل هذه الأشياء، حتى تصير سلعة يمكن بيعها.
وأكدت أكثر من مرة في كتابها أن القرن الحالي شهد أعظم تحول رقمي، فعدد الشركات الناشئة القائمة على التقنية الرقمية ازداد بشكل مخيف وخاصة في وادي السيليكون، مشيرة إلى أن واحدة من هذه الشركات بدأت توفر خدمات مختلفة وتجذب أعدادًا من المستثمرين، قبل أن يحدث فجأة انفجار في النشاط التجاري عبر الإنترنت أدى للانهيار، والسبب أن المستثمرين لم يكونوا على علم كافي بكيفية جني أرباح حقيقية، فهذه الشركات التي تشتغل عبر الانترنت لم تجد الشيء الجيد الذي يمكن تحويله إلى سلعة أو خدمة، وهو ما انتبهت إليه شركة جوجل التي أحرزت السبق والمبادرة في هذا الاتجاه قبل أن تسارع إلى تقليدها جميع الشركات العاملة بالمجال.
وطبقا للكاتبة فإن جوجل منذ أن انطلقت في نهاية التسعينيات، بدأت بتخزين أطنانا من البيانات حول الأبحاث التي يجريها الناس على الإنترنت ونشاطاتهم دون أن تقوم باستخدام هذه المعلومات، وقد كانت الشركة تواجه آنذاك صعوبات مالية، ولذلك اختار مؤسساها أن يبنيا نموذج أعمالهما على الإعلانات، وبدءا خلال الفترة نفسها يتعاملان مع هذه البيانات "كمعطيات"، حيث اكتشفا أنها يمكن أن تكون مصدرًا لجني أرباح إضافية.
وأوضحت شوشنا زيوف أن مؤسسي الشركة جعلا من معطياتنا الشخصية مجال اشتغال الشركة، وأن الأجهزة الذكية وأجهزة الاستشعار والكاميرات تسمح بجمع عدد هائل من المعلومات عن كل واحد منا، فكل ما نسمعه أو نشعر به يصبح ممكنا الاطلاع عليه، فحياتنا بأكملها تصير قابلة لأن يتم الاطلاع عليها، مشددة على أن "لاري بيج" أحد مؤسسي جوجل قام يومها بـ"اكتشاف رأسمالية المراقبة"، والذي توصفه الكاتبة بأنه يرى أن التجربة الإنسانية سوف تكون هي كنز المستقبل.
وأضافت الكاتبة أن حياتنا الشخصية تحولت منذ ذلك الحين إلى مواد أولية، وإلى معطيات سلوكية، فمنذ ذلك الحين، أصبحت حركات الفرد وسكناته على الإنترنت محسوبة بشكل دقيق للغاية وجميع الشركات العاملة بالقطاع اتبعت هذا النموذج وخاصة الأكثرها أهمية وخطورة مثل فيسبوك.
وتابعت: فكل تطبيق وكل جهاز موصول بالإنترنت كلوحات قيادة السيارات الحديثة يساهم في تغذية سلسلة الإنتاج، مؤكدة أن المصنع الذي بنته جوجل في القرن الحادي والعشرين، ليس به مداخن كتلك التي كانت بمصانع القرن التاسع عشر، ولكنه يعتمد على الذكاء الاصطناعي والمنتجات التي يصنعها هي تنبؤات بما سيكون عليه السلوك الإنساني يتم بيعها للمعلنين.
يذكر أن شوشنا كرست حياتها العلمية لدراسة العصر الرقمي، وعواقبه الفردية والتنظيمية والاجتماعية، وعلاقته بتاريخ الرأسمالية، كما أسست وقادت برنامج التعليم التنفيذي "رحلة، مدرسة لأجل النصف الثاني من الحياة"، وكما صدر لها كتاب "عصر الآلة الذكية: مستقبل العمل والسلطة"، وكتاب "اقتصاد الدعم: لماذا تُفشل الشركات الأفراد والحلقة التالية من الرأسمالية؟".