الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

القصة الكاملة لمسيرة «مودة الأدهم» من الحرير إلى «البورش»

الأربعاء 27/يناير/2021 - 11:43 م
هير نيوز

من ملكة جمال المُراهقات في مسابقة "ميس إيجيبت"، إلى نجمة مشهورة على السوشيال ميديا بـ 4 ملايين متابع على "التيك توك" و"إنستجرام" و"يوتيوب"، إلى السجن في قضية ترويج للدعارة واتجار في البشر والحكم عليها بسنتين سجن، إلى إخلاء سبيلها في الترويج للدعارة وقبول استئناف النيابة في قضية الاتجار في البشر، وحبسها 45 يوميًا احتياطيًا على ذمتها، إلى العودة للسجن لحين التحقيق في تلك القضية، هذه خمس مراحل في حياة مودة الأدهم وصديقتها حنين حسام، كل مرحلة فيها تحمل دلالات ومعاني، وتنطوي على دروس وعبر، لفتاة كانت دلوعة ومرفهة يهديها والدها الثري، صاحب المزرعة الكبيرة سيارة بـ 300 ألف جنيه، وفجأة، وبسبب "الطيش الزائد" عن الحد تجد نفسها نائمة على "بورش السجن"، ولا تعرف ما يخبأه القدر لها، وما إذا كان مزيد من الانغماس في طريق الشيطان، أم عودة إلى الرشاد ولحياة هادئة، تكون فيها نزعات النجومية والشهرة وكسب المال متماهية مع القيم والأخلاق.


"مودة الأدهم" فتاة لها مواصفات جمالية أهلتها لأن تكون ملكة جمال، واسمًا على ما يُسمى في الجمال الأنثوي، وخاصة "القد المشوق"، الذي ينطبق عليه وصف "العود اللبلاب"، وهو ما مكنها من الحصول على جائزة "ميس إيجيبت"، وأدخلها عالم الشهرة عن طريق السوشيال ميديا، جنبًا إلى جنب مع صديقتها الأنتيم حنين حسام.


ولأن جنون الشهرة وكسب المال تملك منها على مستوى الجسد والروح، اختارت "مودة الأدهم" هي وصديقتها الطريق الخطأ في استغلال الشهرة، حيث قامتا بتحريض الفتيات على ممارسة الرذيلة عبر تطبيق «لايكي»، وذلك بحثهم على نشر صور مُخلة من غرف نومهن، وفي حين قامت مودة الأدهم بنشر صور ومقاطع مرئية مُخلة وخادشة للحياء العام على حساباتها الشخصية على شبكة المعلومات، قامت حنين حسام بالإعلان عن طريق حساباتها على شبكة المعلومات لعقد لقاءات مُخلة بالآداب عن طريق دعوة الفتيات البالغات والقاصرات إلى وكالة أسستها عبر تطبيق "لايكي"، يلتقي فيها الشباب عبر محادثات مرئية مباشرة، وإنشاء علاقات صداقة مقابل حصولهن على أجر يتحدد بمدى اتساع المتابعين لتلك المحادثات التي تذاع للجميع دون تمييز، بحسب ما جاء في التحقيقات معهما، والتي قادتهما إلى المحاكمة بتمهتي الفجور والتحريض على الدعارة والاتجار في البشر.


وخلال التحقيقات نفت مودة الأدهم وصديقتها حنين حسام التهم الموجهة لهما، وهو أمر يفعله أي متهم في أي قضية، وحاولت مودة أن تضفي المصداقية على أقوالها بهدف تبرير سر ثرائها الواضح، بمبررات عديدة، منها أنها ابنة رجل ثري جدًا، وأنه هو الذي اشترى لها سيارتها البالغ ثمنها 780 ألف جنيه، وأنها شريكة في صالون تجميل تمكله سيدة تُدعى إيناس النجار، وأن والدها يملك أراضي زراعية كثيرة وبيوتًا عديدة، وزادت مودة الأدهم على ذلك بأن صورها العارية مُهربة، رغمًا عن إرادتها، من تليفونها المحمول، وهذا كله كان بهدف إظهار أنها "بنت عز" للمحكمة، وأنها لم تكن في حاجة للمال لفعل الأشياء المنسوبة لها، وفقًا لمنطقها هي وحدها، والمتلبسة بفعلها، وفقًا لمنطق الأجهزة الأمنية والنيابة العامة.


وكانت أكثر اللحظات حزنًا بالنسبة لمودة الأدهم، هي لحظة إلقاء القبض عليها في 29 مارس 2020، حيث كان القبض عليها أشبه بمشهد سينمائي في فيلم درامي، فقد كانت تقيم في القاهرة الجديدة، وتتنقل سرًا بينها وبين مدينة الرحاب وأماكن عديدة في الساحل الشمالي، وتستخدم تطبيقات إلكترونية لتشفير بيانات هاتفها المحمول، بشكل يساعدها على الهرب من الملاحقة الأمنية، ولكنها وقعت بقبضة الشرطة في نهاية المطاف، بعد ورود معلومات للأجهزة الأمنية بأنها تختبئ داخل تجمع سكني بمدينة 6 أكتوبر، وتستقل سيارة أرقامها(....)، وبحوزتها حاسب آلي محمول وهاتف محمول بدون شريحة هاتفية متصل بجهاز لاسلكي للاتصال بالشبكة المعلوماتية "ماي فاي" وحقيبة تحوي أغراضها.


وبعد إلقاء القبض عليها، تم عرض مودة الأدهم على النيابة العامة في حينه، وتم حبسها 4 أيام احتياطيًا، على ذمة التحقيق في اتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وعقب التحقيقات معها، تم إحالتها لمحكمة الجنح بمحكمة شمال القاهرة، فحكمت بإخلاء سبيل حنين حسام ومودة الأدهم، بتهمة الاتجار في البشر، بكفالة 5 آلاف جنيه لكلا منهما، ولكن النيابة العامة استأنفت الحكم في تهمة الاتجار بالبشر، وحددت محكمة عابدين جلسة لنظر الاستنئناف، يوم الأربعاء 27 يناير، وأصدرت المحكمة، حكما بقبول الاستئناف شكلًا وموضوعًا، وأمرت باستمرار حبس مودة الأدهم وصديقتها حنين حسين 45 يومًا على ذمة القضية.


التحقيقات مع مودة الأدهم وصديقتها لم تكن مرحلة سهلة عليهما، وإنما كانت صعبة للغاية، وأقل ما توصف به، أنها كانت مرة بطعم العلقم، فالاتهامات في القضايا خطيرة وعقوباتها مُخيفة، وتدعو أي متهم مهما كانت شجاعته وقوة إرادته إلى القلق والاكتئاب، فما بالك بفتاتين مازالتا صغيرتين، وخاصة موده الأدهم، التي تبدو في نظر المتابعين لها فتاة رقيقة ناعمة الملمس، وجدت نفسها بعد أن كانت مرفهة جدًا، تنام على بساط من حرير، مرمية في غياهب حبس احتياطي، وتنتظر ما هو أشد قسوة منه، إذا ما تم الحكم عليها، بشكل بات ونهائي، في القضايا المتهمة فيها.


القضايا كانت ومازالت مخيفة بالفعل، بحكم ما تشمله من اتهامات خطيرة، فهي ليست مجرد نشر فيديوهات تخدش الحياء العام، وإنما أيضًا الإخلال بالنظام العام وتكدير الأمن السلم العام وتحريض العامة والمراهقين على مخالفة قرار حظر التجوال والاتجار بالبشر، وتحريض الفتيات من خلال تطبيق "تك توك"، على أفعال وممارسات غير أخلاقية وذلك بمقابل مادي، واستخدام فتيات في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري؛ للحصول من ورائها على منافع مادية، والاشتراك مع 3 متهمين آخرين، بتهمة استغلال الفتيات في أعمال الدعارة، نظرًا لحاجتهن للمال والاتجار بالبشر.


تلك الاتهامات الخطيرة ارتكبتها مودة الأدهم وصديقتها حنين حسام، وحققت نيابة شرق القاهرة معهما فيها، خاصة تهمة الاتجار في البشر، وذلك بعد استدعائهما من محبسهما، وفي حينه، قال صابر سكر محامي مودة الأدهم: "أنها لم تسدد الغرامة الموقعة عليها والمقدرة بـ 300 ألف جنيه، وطلبت احتسابها من فترة الإكراه البدني التي قضتها داخل السجن، وخرجت التحقيقات بنتجية مفادها أن ارتكاب مودة وحنين بمساعدة ثلاثة أشخاص آخرين جريمة الاتجار بالبشر بتعاملهما في أشخاص طبيعيين هنَّ فتيات استخدمتهنَّ في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري؛ للحصول من ورائها على منافع مادية؛ وكان ذلك استغلالًا لحالة الضعف الاقتصادي وحاجة المجني عليهنَّ للمال، والوعد بإعطائهنَّ مبالغ مالية، وقد ارتكبتا تلك الجريمة من جماعة إجرامية مُنَظَّمة لأغراض الاتجار بالبشر".


غرامة الـ 300 ألف جنيه على مودة الأدهم كانت قد قررته المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، عندما نظرت القضية لأول مرة، وزادت على ذلك بأنه حبست مودة وحنين سنتين، بعد أن تبين لها امتلاك مودة الأدهم حسابات ببنك مصر فرع مدينتي، وتحويلها أموال من شركة بيكو تكنولوجي، وحساب بالدولار الأمريكي في أحد البنوك بمبلغ 8809 دولار، وحساب آخر ببنك المشرق فرع العاشر من رمضان بمبلغ 795 ألف جنيه، وتحويلات من سعوديين وعراقيين بمبلغ 2326 دولار أمريكي، وتحويلات أخرى من أشخاص في أمريكا وألمانيا، وفرنسا وبريطانيا، بمبلغ 2154.20 دولار أمريكي، وكذلك من أشخاص مختلفين من الأردن والإمارات.


وكل هذه المحطات والظروف قادت مودة الأدهم وصديقتها حنين حسام، إلى جلسة 27 يناير، والتي ظهرت فيها بالجلبات الأبيض في محكمة عابدين، وصدور قرار من المحكمة باستمرار حبسها هي وصديقتها حنين حسام لمدة 45 يومًا، في تهمة الاتجار في البشر، إلى جانب إخلاء سبيلهما في التهم الأخرى، وذلك بعد أن اطمأنت المحكمة لحيثيات النيابة العامة في استئناف الحكم القاضي بإخلاء سبيلهما، ومنها ثبوت أدلة الاتهام المنسوب إليها، والمتعلق بالاتجار في البشر.


وفضلًا عن تلك المحطات، تبقى المحطة الأخيرة في مسيرة مودة الأدهم، والتي ينتظرها الجميع، والمتمثلة فى صدور الحكم البات والنهائي في القضايا المتهمة فيها، وسواء كان هذا الحكم المنتظر بالإدانة أو البراءة، فإن القصة برمتها، وبكل تفاصيلها المثيرة، من المؤكد أنها ستكون رسالة موعظة وعبرة للفتيات الأخريات، وخاصة لكل من تفكر منهن أن تسلك طريق الشهرة والمال، من ذلك الباب غير الشرعي.

ads