رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2

هير نيوز

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2.. سنكمل المقاربة باستخدام مصطلحين، وهما (العقلانية/Rationality) باعتبارها القدرة على التفكير بطريقة منطقية، و(العقلنة/ Rationalization)، باعتبارها عملية تفسير وتبرير سلوكيات أو قرارات لتبدو منطقية، حتى لو كانت قد نفذت بدوافع غير عقلانية، ثم تتضح الصورة أكثر في معنى «العقلنة» من خلال ما ذكره الأخوان بعلبكي في قاموسهما عن كلمة: (rationalize: يعزو «المرء» تصرفاته إلى عوامل عقلانية مشرفة من غير تحليل للدوافع الحقيقية، وبخاصة للدوافع اللاواعية) المورد: عربي إنجليزي، ط4، 1999، ص760-761.

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2.. وهنا تبدأ «مذبحة التنوير العربي» ما بين «العقلانية والعقلنة بسبب التنافر المعرفي» منذ عودة «الطهطاوي إلى مصر، فعمل لمدة كمترجم في مدارس التخصص الجديدة وفي 1863 عين رئيساً لمدرسة اللغات الجديدة/راجع: ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة 1798ــــ1939، ص81»، فالأغلبية من أكاديميي العالم العربي انحازت إلى «العقلنة» لنغرق في بحر من «الثرثرة الأكاديمية!!»، بينما الأقلية وهم النخبة الفكرية من الأكاديميين تعيش أول حياتها «الكفاح العلمي» في «عقلانية» راقية، يحطمها -في كل يوم تذهب فيه إلى الجامعة- الأغلبية التي تخلت عن «العقلانية» وعاشت «العقلنة» ليصبح نشازًا بينهم، ولأن «العقلنة» أقرب للإطار الاجتماعي ومتطلباته وأعرافه فسيقود التأثير الاجتماعي من يستطيع مثلاً تأليف كتاب عن «الإعجاز العلمي» في قصيدة «امرؤ القيس» الذي سبق «نيوتن» ببضعة قرون في اكتشاف قانون الجاذبية عندما قال: «كجلمود صخر حطه السيل من عل»؟!، ثم تجد هؤلاء يثيرون الرأي العام ضد رموز العقلانية وصولاً للمحاكم أو الموت أحيانًا- هذا مثال افتراضي تجنبًا لذكر أمثلة وأسماء أكاديمية حقيقية- وعليها قس ما شئت من كوميديا سوداء في «ألعاب العقلنة» التي لا علاقة لها بالعقلانية لا من قريب ولا من بعيد، المهم أن يردم الأكاديمي الحاصل على «الدكتوراه» هذا «التنافر المعرفي» الضاغط على وجدانه وعقله، وهنا يظهر لنا النموذج الأخير في معالجة التنافر المعرفي، والذي سبق وأن وقع فيه علماء غربيون عندما كتبوا عن الشرق، فجاء أنور عبدالملك محذراً ثم إدوارد سعيد كاشفاً اللامنهجية عند كثير منهم في كتابه «الاستشراق»، وسبب هناتهم في نظري هي في «التنافر المعرفي» الضاغط على منهجيتهم العلمية إلى حد الوقوع فيما ذكره إدوارد سعيد، ولأن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته.

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2.. فقد أقام حسن حنفي منذ أكثر من عقدين مقدمته في «علم الاستغراب» لتنهمر علينا حتى الآن دراسات ومؤلفات كأنها الوجه المقابل لنفس أخطاء «الاستشراق»، يقول الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة والمدير السابق للمركز القومي للترجمة: «كل الاعتراضات على الاستشراق تبدو منعكسة على الاستغراب، ويؤخذ عليه نفس المأخذ، إنه يتكلم عن الغرب على أنه وحدة واحدة، وجوهر واحد، وله تصور نمطي عن الغرب، أنه قاهر ومستبد فقط.. عبارة عن تصورات مع الغرب وليس الغرب كله، ومن ثم هو علم من الناحية المعرفية مطعون في تأسيسه.. كل هذا كفيل أن ينتج أحكامًا ولا يدرس معارف، لن نحصل منه على معرفة جديدة، وإنما على أحكام، بأن هذا غرور، وأن هذا كبرياء، وأن هذه غطرسة، وأن هذا استبداد، وأن هذا توحش، أحكام كثيرة، ليست خاطئة، ولكن ليس هذا ما ننتظره، العلم مفروض أن ينتج معرفة وليس أحكاماً أخلاقية وقيمية على الآخرين».

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2.. علمًا بأن التغيير بالقوة وفق «نظرية التنافر المعرفي» لا تثق به مهما كانت الشعارات وصلابة القمع، قرأناه في الاتحاد السوفيتي وفي ناصرية مصر ثم رأيناه في بعث العراق وسورية، وعقدة نرسيس المزمنة في «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى».. التغيير بالقوة يجعل الزعيم على سجادة فاخرة وتحتها عفن يفوح لصديد وقيح «الرأي العام»، مهما أسرف في بخور الاستعراض العسكري وعطور البروباغندا.

بقلم مجاهد عبدالمتعالي: التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 2-2.. أخيرًا: لا أبرئ نفسي من «العقلنة» إذ تغلبني المسغبة فأجامل السراب بألقاب «الماء»، لكن يقينًا أني بذلت مجهودي في الطهارة الفكرية، متيممًا صعيد الواقع، ضربت بيدي على التراب ومسحت وجهي وكفي.. أضرب أكباد إبلي/كتبي منذ ثلاثين عامًا ولمَّا أصل بعد.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط