بقلم مها عبدالله: رصاصة الحكم المسبق
كثير منا قد سمع صوت رصاصة الحكم المسبق التي كادت أن تصيبه، أو قد أصيب بها في غير مقتل وسلم، أو أصيب بها في مقتل ودفنت روحه أمام عينه وهو حي يرزق! لا يمكن أن نحمي أنفسنا من الحكم المسبق لدى الآخرين أو حتى فخ الانطباع الأول، أنت ضحية بالضرورة، إما أن تموت في أعينهم، أو تُبعث من جديد بعد أن يسمحوا لك أن تعيد روحك بإعادة المحاولة في شرح نفسك وفهمك، ولكن هذا لا يحدث دائما.
الجميع يحكم من عنصر واحد قد رآه فيك وسبق أن عايشه مع شخص سابق، مثلا نوع الأحذية التي تلبسها، سيارتك التي تقودها، تخيل أن البعض قد يحكم فقط من لون السيارة وليس نوعها!، أيضا من جنسيتك، أو تخصصك، مستواك المهني ومظاهر مستواك المالي عليك، وهذا الأمر فطري لا إرادي، العاقل هو من يسمح للآخر بإثبات أو نفي هذه الأفكار التي تشكلت عنه، وبالتالي حاولنا ألا نظلم أحدا بذنب سابقه، ولو أننا بمقياس الآخر غير عادلين بالضرورة، وعادلين جدا بمقياس أنفسنا، البشر لديهم أسباب ومشاعر مختلطة معها، جزء كبير منها لا يمكن الإفصاح عنه وبالتالي أحكامهم المسبقة غير مبررة دائما للآخر، ولكن مرة أخرى هي أعدل الأحكام بناءً على رؤيتهم.
هذه المعضلة تضع الإنسان في اتهام غيره بظلمهم له وهو مثالهم «ظالم»، لأنها فطرة ولا يمكن لنا التخلص منها، وإلا ما هي فائدة الخبرات المتراكمة للفرد المسؤولة عن مسار تطوير مهاراته الاجتماعية، التي من مهامها الأولى تحديد وتصنيف ما يصل للحواس الخمس.
أخيرا الجميع حامل سلاح «خبراته المتراكمة» وتعب مع الزمان برصاص «التجارب السابقة» الجاهز للإطلاق في أي لحظة؛ لنتفق على أن نصوب بالقرب من أذانهم دون أن نصيبهم، فيسمعون رصاصة حكمنا، ونسمع منهم دفاعهم.