«زواج التجربة» حلال أم حرام؟.. «الأزهر» يُجيب
الأحد 17/يناير/2021 - 09:19 م
ميادة فتحي
انتشرت أحاديث كثيرة خلال الفترة الماضية عن «زواج التجربة»، الأمر الذي جعل لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، تصدر بيانًا تُحرم فيه هذا الزواج.
وقالت لجنة الفتوى بالأزهر: "إن عقد الزواج المسمى بـ«زواج التجربة» فإنه يتنافى مع دعائم منظومة الزواج في الإسلام، ويتصادم مع أحكامه ومقاصده؛ إضافة إلى ما فيه من امتهان للمرأة، وعدم صون لكرامتها وكرامة أهلها، وهذه الصورة عامل من عوامل هدم القيم والأخلاق في المجتمع".
"زواج التجربة" كما قرر مبتدعوه هو زواج محظور فيه على كلا الزوجين حله بطلاق من الزوج، أو خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضي مدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر، على أن يكون ذلك شرطًا مضمنًا في عقد الزواج إلى جوار شروط أخرى يتفق عليها طرفاه.
ثم كثرت الأغاليط حول مصير هذا العقد بعد انتهاء مدة التجربة المنصوص عليها، في حين اختار بعض المتحمسين لهذا الزواج أن ينتهي عقده بانتهاء المدة المقررة؛ ليضاف بهذا إلى جوار شرط «حظر الطلاق» شرط آخر هو «التوقيت».
وقال على أية حال؛ فإن هذا الزواج في الشرع الشريف يندرج تحت مسمى الزواج المشروط، غير أن الشروط في عقود الزواج على ثلاثة أقسام:
1. شروط صحيحة ونافذة يجب الوفاء بها، وهي تلك الشروط التي لا تعارض بينها وبين مقتضيات عقد الزواج، كاشتراط المرأة ألا يخرجها زوجها من دارها، أو ألا يسافر بها، فمثل هذه الشروط لا حرج على من اشترطها أن يطالب زوجه بها، بل ويسوغ عدم الوفاء بها إنهاء الزواج؛ لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، ولقوله تعالى "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا"، ولقول سيدنا رسول الله: «أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج».
2. شروط باطلة في ذاتها؛ ولكن لا يلزم من بطلانها بطلان الزواج الذي اشتمل عليها، وهي الشروط المنافية لعقد الزواج ومقتضياته، أو التي تسقط حقا واجبا به، كاشتراط الرجل ألا يعطي المرأة مهرًا، أو ألا يكون لها نفقة، أو كاشتراط المرأة ألا يطأها زوجها، فكل هذه شروط باطلة لكونها تحرم حلالًا أو تقيده؛ لهذا لا يجب الوفاء بها ولا تعد شيئًا، مع الحكم بصحة عقد الزواج؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالًا أو أحل حرامًا».
ولقوله ﷺ: «ما كان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق».
وشرط «حظر حل عقدة النكاح» لمدة أيام أو أعوام من جملة هذه الشروط الباطلة، فقد أعطى الشرع الشريف الزوج والزوجة حق حل عقد الزواج إن وجد سبب معتبر يدعو إليه، ويوقع الضرر على أحد طرفيه.
وإن اشترط الزوج على نفسه عدم طلاق زوجته مدة من الزمان ثم طلقها في المدة؛ كان الطلاق واقعا، وكذا الزوجة إن طلبت طلاق نفسها، أو رفعت أمرها للقاضي فطلقت قبل انتهاء المدة المشترطة.
3. شروط باطلة في ذاتها وتنسحب على عقد الزواج الذي اشتمل عليها بالبطلان، كاشتراط مدة معينة للزواج ينتهي بعدها، كما هو الحال في زواج التجربة إن كان محددا بوقت؛ إذ هو بهذا يعد زواج متعة مؤقت باطل ومحرم؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن سيدنا رسول الله ﷺ: «نهى عن متعة النساء يوم خيبر» [متفق عليه]، وعن عمر بن عبد العزيز قال: حدثنا الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه: «أن رسول الله ﷺ نهى عن المتعة وقال: ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه».
أضاف الأزهر، أن الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر في ما يسمى بزواج التجربة اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مدة معينة يجعل العقد باطلًا ومحرمًا.
وقال الأزهر في فتوى لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: "إن الزواج في الإسلام آية من أعظم آيات الله سبحانه، وميثاق سماه الله سبحانه ميثاقًا غليظًا، ومنظومة متكاملة تحفظ حقوق الرجل والمرأة، وبقاء زواجهما، وسعادتهما، وتحفظ ما ينتج عن علاقتهما داخل إطاره من أولاد.
ومن أهم دعائم نجاح هذه المنظومة هو قيام عقد الزواج بين الرجل والمرأة على نية الديمومة والاستمرار، والتحمل الكامل لمسؤولياته كافة، لا أن يقوم على التوقيت، وقصد المتعة إلى أجل حدده الطرفان سلفًا مقابل مبلغ من المال يدفعه الرجل للمرأة -وإن سمياه مهرا-، دون اكتراث بما يترتب عليه من حقوق ومسؤوليات وأبناء وبنات.
وكفل الإسلام لكلا طرفي هذا العقد الحرين البالغين العاقلين الرشيدين حق إنهاء الزوجية في أي وقت استحالت فيه العشرة بينهما، دفعا لضرر محقق لا يحتمل مثله عادة.
وجعل حل هذا العقد بيد الزوج عن طريق الطلاق، أو الزوجة عن طريق الخلع، أو القاضي عند الترافع إليه لرفع الضرر عن المرأة مع حفظ حقوقها الشرعية.