فتاة: صديقتي زانية فهل لها توبة؟.. «الإفتاء» تُجيب
الثلاثاء 12/يناير/2021 - 07:36 م
شريف حمادة
قالت الفتاة في رسالتها إلى موقع "صيد الفوائد": "صديقتي.. عرفتها دائمة الحزن، بل يكاد الحزن أن يقتلها، ولأنها القريبة إلى قلبي لم أتركها حتى اكتشفت سر حُزنها، فقد اعترفت بمكنون نفسها، وقالت: "أنا زانية، بل اقترفتُ الزنى أكثر من مرة، ولكني أريد بشدة أن أتوب، وكلما أردت التوبة يقال لي أنه ليس للزانية توبة، وأن الله لا يقبل توبتها مهما فعلت ومهما ندمت وبكت وتوسلت".
وأضافت الفتاة في رسالتها، أن صديقتها أصابها الإحباط ولذا أقدمت على محاولة الانتحار وإنهاء حياتها أكثر من مرة، ولكنها كانت تمنعها وتخفف عنها بأن تشعر بمدى صدق توبتها وتريد مساعدتها، فهل حقا لا توبة للزانية؟، وهل إذا تاب الله عليها سيحاسبها يوم الدين على ما فعلت قبل توبتها؟، وهل عند دفنها سيفتضح أمرها؟، هل عليها أن تُعلم أحدًا ليقام عليها الحد؟. وهل ستر الله عليها يعني محبته لها أم كرهه لها؟. أرجو الرد السريع فحياتها متوقفه على ذلك.
وقد أجاب أحد علماء الأزهر الذين يردون على أسئلة القراء: "إن الشيطان هو الذي يمنع صديقتك بترديد عبارات أنه لا أمل في التوبة، وأن الله لن يغفر الله وأن الله سيفضحها كل هذا من مداخل الشيطان لأجل أن يقنطها من رحمة الله فتهلك، فحذار من التفكير في ذلك، والاسترسال مع الشيطان فيه".
وأضاف أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – سبحان الله... متفق عليه.
وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رجلاً قتل مائة رجل ولم يعمل خيرًا قط لكنه ندم وتاب فقبل الله توبته، فالمؤمن لا يقطع الأمل من الله، ويقول الله عز وجل وهو يخاطبنا جميعًا: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء )، كما قال سبحانه: ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة104.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً، فَنَزَل: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) وَنَزَلَتْ: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) متفق عليه.
أما حول سترها في الدنيا والأخرة فقال العالم الأزهري، أنه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) صحيح مسلم.
من جانبه قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن التوبة من الزنا يقبلها الله تعالى، فالله هو الغفور الرحيم ومهما بلغت الذنوب فإن الله يغفرها جميعًا، وبالتالي نعم يقبل الله توبة صديقتك بشرط التوبة وعدم العودة نهائيًا لهذه المعصية مع القيام ببعض الأعمال الصالحة فيبدل الله ما ارتكبته من معاصيك بالحسنات.
أضاف الدكتور محمود شلبي أن الله قال في كتابه الكريم: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَمًا* وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا* وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا* إِنَّهَا ساءت مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا* وَالَّذِينَ إذا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا* وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا*.
وقال تعالى في سورة الشورى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى:25)، وقال أيضا: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) (النساء:110)
ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) فلا يخيب من أمل في الله، ولا يطرد من لزم باب الله فلزمي بابه.