حكايات ومآسى من دفتر زواج الأرامل من شقيق الزوج المتوفى
سماح: مقدرتش أتحمل لأنى أصبحت خادمة لزوجته الأولى
دعاء: خوفي على أبنائي وكلام الناس دفعني للتضحية بحياتي
ظاهرة انتشرت كثيرًا في مجتمعنا خلال السنوات الآخيرة، وهي تزويج المرأة« الأرملة»، من شقيق زوجها، خاصة مع وجود أبناء، ما يؤثر أحيانًا على المرأة نفسيًا، وذلك لأنها في معظم الأوقات تكون زوجة ثانية« ضُرة»، وتتعامل بشفقة من أهل زوجها، وأحيانًا ما تجد نفسها مجرد خادمة لضرتها،"هيرنيوز" التقت سيدات تعرضن لهذه المآسى، وكشفن عن تفاصيل دقيقة ومثيرة تؤكد أن هذا الزواج يكون أشبه بعقوبة السجن، إذا جاء بالإجبار وليس الاختيار.
«لم أتخيل يومًا أن أصبح زوجة له بعد أن كان مُحرما عليَ، لكن هذه كانت نهايتي»، بهذه العبارة الحزينة بدأت« سماح.ا»، البالغة من العمر 35 عامًا، في سرد مآساتها، حينما أجبرها أهلها وأهل زوجها على الزواج من شقيقه الذي يكبرها بـ15 عامًا، لكنها لم تستطع التحمل والقسوة،« وافقت من أجل أولادي الـ3 ولأن أنا مش بشتغل، لكن كان بيعاملني هو وزوجته كأني خدامة، ومراته كانت تقولي ملكيش حقوق، إحنا لميناكي علشان ولادك».
تضيف سماح،« بعد سنتين هربت مقدرتش أتحمل، القهر والظلم، أنا زوجة وليا حقوق شرعية، مش خدامة ليه ولمراته ولأولاده، تعبت نفسيًا وهربت بأولادي، وطلبت منه الطلاق، لكن لحد دلوقتي رافض، لكن قاعدة بأولادي عند أهلي والحمد لله، ابني شد حيله وبقى بيشتغل وبيساعد في مصاريفنا».
« أميرة.ع»، 21 عامًا، توفى زوجها بعد الزواج بنحو عام واحد، وترك لها طفلًا رضيعًا، فاضطرت للخروج للعمل للإنفاق على طفلها، قالت، « زوجي توفى في حادث وابني رضيع، وأهله خيروني ما بين زواج شقيقه المتزوج أم تركنا دون الإنفاق علينا، فاخترت أن ابتعد بابني وأعمل من أجل الإنفاق عليه، بدلًا من أن أكون ضُرة لزوجة أولى، لكنني واجهت مشاكل كثيرة في البداية، حتى تمكنت من إنشاء مشروع خاص بي، عبارة عن تربية دواجن وبيعها، في مزرعة صغيرة فوق منزلي».
أضافت أميرة،« أنا رفضت وقلت لا للمجتمع، لأني مش هعيش ضرة، لكن بواجه قسوة كبيرة خلال عملي، من أجل أولادي، بس قسوة المجتمع أحسن من إننا نرمي نفسنا في وسط نيران مش بتنتهي، خاصة وشقيق زوجي حاد الطباع حتى مع زوجته وأولاده».
«خوفي على أبنائي وكلام الناس دفعني للتضحية بحياتي»، بهذه العبارة القاسية سردت« دعاء.م»، 41عامًا، مآساتها، مع الزواج من شقيق زوجها، حيث قالت،« كان سني33 سنة ومعايا 3 أطفال أكبرهم 8 سنوات، وتوفي زوجي بسكتة قلبية، ولأنني أعيش في قرية، فأجبرني أهل زوجي على الزواج من شقيقه الأصغر مني سنًا، بدعوى أن لحمهم لا يجب أن يخرج من بيتهم».
وأضافت"دعاء"،« وافقت علشان ولادي وضحيت بنفسي، لقيت نفسي بتجوز حد أصغر مني وكان متزوج حديثًا، فشوفت مرار مع زوجته، كنا أوقات بنشد شعر بعض من الخناقات، وكانت بتعايرني بأني أكبر منه، وتقفلي على باب الشقة طول ماهو عندي، زواج الأرملة من شقيق زوجها دا تضحية بنفسها، بس أوقات لازم نضحي علشان ولادنا، ولأنهم هددوني يخدوا ولادي مني».
وفي وقت سابق، ردت دار الإفتاء على سؤال حول إجبار المرأة الأرملة من الزواج بشقيق زوجها المتوفي، مؤكدةً أن إجبار النساء من العادات القبيحة التي ترسّخت في الجاهلية الأولى، إما عصبية وحمية، وإما إرادة لأكل مال المرأة خوفًا أن يأخذه الزوج، لذلك توجّه النهي القرآني في الآيات للعموم، لأولياء المرأة ولزوجها السابق وللمسلمين كافّة، قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»، قال أبو السعود: "والمعنى إذا وجد فيكم طلاق فلا يقعْ فيما بينكم عضلٌ، سواء كان ذلك من قبل الأولياء أو من جهة الأزواج أو من غيرهم، وفيه تهويلٌ لأمر العضل وتحذيرٌ منه".
والأصل في زواج المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها الإباحة، وقد ورد عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، (فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ) رواه البخاري.
وعليه؛ فإن الزواج من حقّ المرأة، ولا يحل لأحد منعها منه، ونوصي المسلمين بتقوى الله تعالى وإتباع أمره، والابتعاد عن ظلم النساء عمومًا، والمطلقات والأرامل خصوصًا، وإعطائهن حقوقهن التي أوجبها الله تعالى لهنّ. والله تعالى أعلم.