هبة حندوسة.. مقاتلة دستورها الفقراء
السبت 07/أغسطس/2021 - 10:49 م
كمال القديري
امرأة تعشق التحدي وليس لديها مجال للفشل، لعبت دورًا محوريًا في نهضة المجتمعات سواء قديمًا أو حديثًا وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على الوقوف بجانب المناصب العُليا وحصول أعلى الدرجات العلمية والقيادية، دليل على كونها عنصرًا أساسيًا في إحداث عملية التغيير في المجتمع.
هي الأستاذة الدكتورة هبة حندوسة، التي رفعت شعار التنمية المستدامة ودبّت أفكارها منذُ البداية، وقررت أنَّ تكون المرأة الصعيدية التي بحرت في العلم وتثقفت حى صارت رائدة أسيادها ممن سبقوها، تتمركز في الحياة بشكل لائق وتخدم الناس دون مقابل، ولا تنتظر كلمة شكر من أحد.
قدّمت المساعدات التي لا حصرَ لها، وصارت جزءًا لا يتجزأ من واقع الحياة الاجتماعية، وقررت أن يكون دستورها هو الفقراء والمحتاجين في ربوع مصر دون استثناءات؛ فهي امرأة تسعى دائما وراء الناس.
شغلت العديد من المناصب الرائدة، ترأست إدارة البحوث في مبادرة البحوث الاقتصادية المراعية للنوع الاجتماعي وتحليل السياسات (GERPA)، ثمَّ شغلت منصب مدير منتدى البحوث الاقتصادية للبلاد العربية، إيران وتركيا ( ERF )، وعضوة اللجنة العالمية حول الأبعاد الاجتماعية للعولمة، كما تولّت منصب مستشارة وعضوة مجلس الشورى المصري، وأيضًا عضوة مجلس البنك المركزي المصري.
أصبحت من الرموز المصرية الخالصة والقادرة على العطاء، حيثُ سخّرت مصريتها في تقديم العلم الذي ينفع البشرية ضمن مؤسسات دولية، اهتمّت بقضايا المرأة والشباب وشغلت نفسها بالفقراء، حتى صارت تتعايش وكأنَّها واحدة من هؤلاء، وواجهت مشاكلهم بطرق علمية واضحة، لتعيد الأمل مرة ثانية أمامهم.
"قويّة وصامدة وصلبة وقادرة على فعل المستحيل"، لم يكن كافيًا وصف هبة حندوسة بتلك الألقاب، بل يزيد عنها ملايين الألقاب التي مهما بلغت مراتبها لن تقدّر تلك المرأة المصرية العظيمة.
نموذج يحتذى به وتاجًا مطلي من اللؤلؤ والمرجان إذا أردنًا الوصف صحيحًا، في امرأة ذات شعاع نجوميّ، قررت التوجه إلى صعيد مصر "الجواني" بعد ثورة يناير لتبدأ ملحمة قوية وضعت خطة لتغيير واقع المرأة الصعيدية ذات القوّة العفيّة.
حاولت تغير الواقع إلى واقع أجمل بطعم الفن والاستقلال، فكان لها دورًا مهمًا في حريّة المرأة الصعيدية وتحويل معتقادتها القديمة إلى محاور ثقافية لبناء مستقبل كُلَّه آمال وطموحات، وذلك عن طريق الحريّة. تلك التي يفتقدها الأغلب من المرأة الصعيدية.
أسست هبة حندوسة المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة "النداء"، وحاربت من خلالها الفقر والجهل والمفاهيم الخاطئة، بطريقة تنموية محترفة، حيثُ ساهمت في تقديم أمهر الحرفيين في الصناعات التقليدية، وأقامت الورش والمصانع الصغرى من جديد، وبدأت في نقل الخبرات من قرية إلى أخرى.
قادت ثورة عظيمة في نقل التوعية وإبراز اسم المرأة التي أكدت على أنَّها قادرة على تغيير الواقع بمفاهيم صحيحة وإيجابية، ولم تترك ثوارها أسرى لآليات السوق المحلي، فقامت بعرض منتجاتها ونجحت في تقديم امرأة جديدة إلى المجتمعات المحلية والدولية.
طفرة عظيمة قدمتها هبة حندوسة في قطاعات الزراعة والخدمات الأساسية والمشروعات الصغيرة، حيثُ نجحت في خلق أكثر من 4000 فرصة عمل داخل 72 قرية صعيدية للمرأة.
ورغم بلوغ هبة حندوسة أعلى المراتب الاقتصادية والعلمية، إلاّ أنَّ الطريق أمامها لا زال طويلا، ولا زال العطاء محور قضيتها، فهي المرأة التي لا تكتفِ ولا تنظر لنفسها بعين السن.