الإثنين 07 أكتوبر 2024 الموافق 04 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

"الأمل حياة" شعارها.. دينا عبدالرازق أم وطالبة بإمتياز

الخميس 17/ديسمبر/2020 - 06:32 ص

كنت جالسة ذات يوم مع مجموعة من طالبات الفرقة الأولى بكلية الإعلام جامعة بني سويف، ووسط حديثهن لفت انتباهي ذكرهن لـ"دينا"، وقلن: "عايزين نبقي نكلم دينا، اللي هى متجوزة وعندها ٢٥ سنة".

استشعرت وراء هذه العبارة بالتأكيد قصة غير عادية، وعلى الفور طلبت من إحدى الطالبات رقم هاتف لـ" دينا" بدون شرح أو تفاصيل، هاتفت "دينا" في نفس اللحظة تقريبًا وطلبت منها بدون مقدمات أن تحكي لي قصة التحاقها بالكلية!.

ابتسمت دينا وبدأت تسرد لي قصتها وقالت: أنا دينا عبدالرازق أحمد.. عمري 25 عامًا من محافظة أسيوط.. طبقًا للعادات والتقاليد تزوجت وعمري 16 عامًا أي منذ 9 سنوات برغم كوني تلميذة متفوقة في دراستي وكنت أنوي الإلتحاق بكلية الصيدلة ليس حبًا في المجال فأنا أصلًا ميولي أدبية ولكن إرضاءً للمحيطين لذلك سجلت رغبتي بشعبة علمي علوم من السنة الأولى للثانوية العامة.

في نهاية السنة الأولى للثانوية العامة تزوجت وعلى الرغم من اتفاقي مع زوجي استكمال دراستي لكن بسبب أعباء وضغوط الزواج لم استطيع، تحديدًا أنني أنجبت بعدها بفترة قصيرة ابني الأول "عبد الرحمن".

توالت الأيام وتزداد المسئوليات حتى أنجبت ابنتي "تسنيم" وابني الثالث محمود، وانتقلت بعدها من محافظة أسيوط للقاهرة وعمل زوجي هناك حتى استطاع توفير حالة مادية معقولة لنا، لكن بعدها بفترة أثناء حملي في طفلي الرابع معتصم تعرض زوجي لمحنة فأضطررنا العودة للصعيد مرة أخرى وسافر زوجي.

كنت أثناء وجودي في القاهرة بدأت أحلم باستكمال دراستي ولكن بعودتي للصعيد تحطمت أحلامي على صخرة الواقع مرة ثانية، ولكن شعاري برغم كل العقبات هو "الأمل حياة"، وكان في ذهني إنني سأصبح شيئًًا كبيرًا يومًا ما، سأحقق أحلامي، كيف ومتى لم أكن أعلم وقتها، في تلك الفترة بدأت أضع طموحي في أطفالي أسعى لتعليمهم والترفيه عنهم وإلحقاهم بمدارس تجريبية ونوادي فهذه مسئوليتي أيضًا ويجب أن أنجح فيها طالما وقعت على عاتقي.

بدأت بعدها أفكر في العودة لدراستي برغم صعوبة وضيق وقتي والاهتمام بأطفالي الأربعة ولكن قررت استغلال أي وقت حتى ولو قصير في المذاكرة، كانت تكمن الصعوبة أيضًا في انقطاعي عن الدراسة لمدة 7 سنوات كاملة! ولكن تحديت ذاتي وقررت الخروج من هذه الظلمة بنور.

بالفعل أحضرت كتب الثانوية العامة(السنة الثانية) وألتحقت بالمدرسة مرة أخرى، وأغلقت كل حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى مهاتفتي لأصدقائي وجيراني أصبحت نادرة، وحدها أمي كانت تهاتفني يوميًا بمكالمة سريعة للأطمئنان عليّ وأولادي.

تغيرت نبرة حديث "دينا" بقليل من الحدة مشيرة إلى أن الجميع تقريبًا وقف ضد قرارها، لكنها أكدت أن الدراسة لن تعوق تربيتها لأطفالها ولا الاهتمام ببيتها وزوجها، بالفعل ذاكرت ونجحت في الصف الثاني الثانوي، بعد تحويلها للشعبة الأدبية كما كانت تتمنى وتحب وجاءت السنة المصيرية الثالثة للثانوية العامة، هنا توقفت "دينا" لحظات ثم تنهدت وأكملت قائلة: "كان عام مليئ بالضغوط النفسية والدراسية بجانب ضغوط الاهتمام بأطفالي ومنزلي".

وتابعت: "كنت أسهر للمذاكرة والمراجعة وفي النهار أقضي احتياجات المنزل من نظافة وطبخ ومذاكرة للأولاد وغيره ولكن إرادتها تفوقت في النهاية وتجاوزت الثانوية العامة بمجموع 95 ٪، وهنا كانت الصدمة والمفاجأة للجميع!.

انبهر المحيطين بمجموع الثانوية العامة وقوة وتحدي إصرار دينا برغم كل مشغولياتها مع بيتها وأطفالها. وتكمل دينا، كنت أحلم دائمًا بالالتحاق بكلية السياسة والأقتصاد ولكن جاء مجموعي أقل ٢٪ فألتحقت بكلية الإعلام جامعة بني سويف.

وفي هذا الأمر تشكو دينا من بعد المسافة، حيث أنها تسافر للكلية من أسيوط لبني سويف يوميًا للدراسة وتعود في نفس اليوم لتبقى بجانب أطفالها، وتقول: "حاولت كثيرًا نقل أوراقي للقاهرة ولم يفلح الأمر"، ولكن ترجو أن تُنقل للقاهرة العام الدراسي للقادم لتقليل المسافة بينها وبين أطفالها.

وتختم دينا حديثها معي، بتوجيه خالص شكرها لوالدتها الداعم الرئيس لها والتي تهتم بأطفالها أثناء ذهابها للكلية، كما تتمنى أن تستكمل دراستها في الكلية بنجاح إلى التخرج حتى تتوج مسيرتها وكفاحها بشهادة بكالوريوس الإعلام.

انتهت دينا من حديثها معي ولم ينتهِ شغفي وسعادتي وفخري بها وبكل نموذج ناجح ورائع مثلها، يسعى برغم كل الظروف المحيطة أن يصبح إنسان ذات معنى.

ads