مرارة الفراق وصعوبة المسئولية تضاعفان أحزان «الأرامل».. وخبيرة نفسية: الاحتواء طريق النجاة
وفاة الزوج لا شك له توابع نفسية جسيمة على السيدات، خاصة لو كان هذا الزوج مرهف الحس رقيق المشاعر يرعى شؤون أسرته بكل ما أوتي من قوة.
"هيرنيوز" استطلعت آراء عدد من السيدات التي توفي زوجها خلال السنة الأولى، وتعرفت منها على مشاعرها في تلك الفترة، وهو ما سيتضح من خلال التقرير التالي.
المعنى الحقيقى للسعادة
قالت ماري وهيب أرملة منذ شهور، أثناء حياة زوجي عرفت المعنى الحقيقي للسعادة والرفاهية، كان لا يشعرني بأي مسؤولية مدارس الأولاد أثناء انتقالهم من شهادة إلى أخرى لا يحكي تفاصيل عنها، كل شيء يصنعه في صمت، كيفية تدبير نفقات المعيشة، لا يطلعني عليها.
أضافت "ماري": زوجي لم يكن يلعب دور الزوج فقط في حياتي، بل كان يلعب أدورًا عديدة، فهو الحبيب والأخ والأب هو معلمي الأول الذي علمني فنون الطهي على أصولها ولم يهينني يومًا أو يعايرني بل كان يريد أن يصل بي إلي الاقتراب من الكمال.
تابعت: بعد وفاة زوجي أصبحت أنا المسؤولة عن كل شؤون نفسي وعلى أن أتخذ قراري بنفسي وأدبر شؤوني بنفسي بدون اللجوء لأحد لأن الأبناء كل واحد منهم تزوج في مكان، وأصبح منشغلا بحياته الخاصة.
افتقاد الأمان
تناولت فوزية خليل أطراف الحديث، فقالت إن زوجها كان يبكي عليها حين تمرض، وكان يرافقني في كل شيء، مضيفة: "صديقي ورفيقي وحبيبي، بعد ما توفي واجهتني الكثير من التحديات، من أبرزها أنني أصبحت وحيدة انتظر جيراني يسألوا علي أو يعدوا لي طعام أتناوله".
أضافت "فوزية": أنا سيدة كبيرة تجاوزت 60 عامًا وأتحرك بصعوبة وأقيم بمفردي، لأن أبنائي متزوجين كل واحد في مكانه، وأحدهم مسافر خارج البلاد في أحد الدول العربية، وأطمأن عليه من وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أو "واتس آب".
تابعت: أنه بعد وفاة زوجها افتقدت عنصر الأمان وتشعر بخوف شديد بمجرد سماع أي صوت غريب، وتشعر أنها اهتمام ثاني أو ثالث لدى أبنائها، على العكس من زوجها التي كانت في مقدمة اهتماماته.
البحث عن المشاعر
ولم يختلف الحال مع يسرية على محمد، مدير عام الإدارة العامة للموارد البشرية بمحافظة الجيزة، التي أصيبت بحالة شديدة من الحزن بعد وفاة زوجها الحنون منذ شهور، وتشعر أن صوته ما زال يرن في أذنها ويراودها شعور بالتقصير من حين لأخر ناحيته برغم تأكيد جميع المحيطين لها بعدم التقصير، وأنها بذلت قصارى جهدها معه.
تذكرت "يسرية" زوجها الحنون وقالت: كان يزيد من جمال حياتي بحنانه وحبه فهو الرومانسية الطاغية الذى ينتظرني أمام الشباك، عند عودتي، ليس ليوبخني أو ليرفع صوته في وجهي أو يعنفني لتأخيري، ولكن ليذلل أى صعوبات تقف أمامي، عند وصولي.
وتابعت: كان يستقبلني بابتسامته المعهودة، مقترنة بحمد الله على سلامة الوصول، وعدم حدوث أى إضرار أو إصابتي بسوء، هكذا كان زوجي الذي توفى منذ أكثر من عامًا تاركًا في أذني صوت جرس تليفونه، الذي يدق بمجرد تأخيرها ليطمئن عليها، وصوته العذب ذو النبرة الهادئة التي لم تعلو عليها طوال حياتها معه، ذلك بحسب ما أكدته.
وأكدت "يسرية" برغم أنها مازالت في المهنة وترأس 13 إدارة فرعية، ومهام العمل التي تتولى الإشراف عليها كثيرة، ولكنها لم تنسى الزوج الحنون وتتذكره في كل وقت وحين ودموعها لم تفارق خديها، وتشعر بغياب شيء غالي ونفيس، وأنها مثل الوردة التي ذبلت ولا يعيدها إلى رونقها ماء الأرض.
روشتة التعافي
من جانبها، أكدت الدكتورة ريهام صبري الأخصائية النفسية أن السيدة عقب وفاة زوجها تحتاج لزيادة الاهتمام من قبل المحيطين بها، لأن تمر بفترة من أصعب فترات حياتها، لأن فقدان زوجها من الممكن إذا لم يتم تماسكها ومحاولة تعويضها عن حنانه، ستصاب بأزمة نفسية كبيرة، وقد يتطور الأمر إلى مرض نفسي يستغرق وقت كبير في علاجه، أو يصعب علاجه.
طالبت بمحاولة احتواء الأرملة من ذويها والتهوين عليها وإفهامها أن الموت علينا حق وأنه سنة الحياة، وأنه يجب عليها تكملة الرسالة التي بدأها زوجها وعدم ترك نفسها لأحزانها والاستغراق فيها، والتعود على إدارة أمورها بنفسها.