«ريموند دي لاروش».. امرأة ضد الكسر
الإثنين 08/مارس/2021 - 11:45 م
أحمد زكي
في كثيرٍ من الأحيان، يقف الناس عاجزين عن تحقيق أمنياتهم بسبب تفكير رجعي حول الوضع الاجتماعي والمكانة في المجتمع، لكن البساطة لم تكن يومًا حائلًا دون تحقيق الأمنيات حال الإصرار على ذلك.
في يوم المرأة العالمي، برز اسم الفرنسية ريموند دي لاروش، أول امرأة في التاريخ تحصل على ترخيص لقيادة طائرة، فلم يقف وضع أسرتها الاجتماعي حاجزًا أمام طموحها، حيث كان والدها يعمل سباكا.
الطفلة التي ولدت في 22 أغسطس 1882م، كانت مختلفة عن كل قريناتها وزميلات الطفولة، فلم تكن يومًا من هواة اللعب بالدمية، بل تجاوزت ذلك إلى هيامها بركوب الدراجة الهوائية، وفي مرحلة لاحقة من حياتها بدأت بركوب الدراجة النارية.
في شوارع باريس، كانت تمضي بدراجتها النارية، في سرعة غير مسبوقة، تحاول إثارة إعجاب المارة بحركات أكروباتية، فتتشبث بالمقود، وتنحني للأمام ليرتفع الإطار الأمامي وتعتمد الدراجة في سيرها على الإطار الخلفي فقط، في استعراض يعجز عنه محترفو فنون السيرك.
الطموح الذي لا يتوقف، قادها لتعلّم فنون الطيران، فالتحقت بمدرسة متخصصة في هذا المجال، وبدأت بالتدريب على قيادة طائرة صغيرة بمقعد واحد، ثم كان أول إقلاع حقيقي لها على ارتفاع 270 مترا، ثم 6 كيلو مترات، بعدها تقدمت بطلب للحصول على رخصة طيران، وحققت ما أرادت، ليمنحها القيصر نيقولا الثاني لقب "نبيلة".
ولأن الرياح تأتي دائمًا بما لا تشتهي السفن، فقد تحطمت بها الطائرة في باريس وعانت من إصابات بالغة، بعد مرور 3 أشهر فقط على امتلاكها الرخصة، ولكن لأنّ لديها من الإصرار ما يكفي لتحطيم المستحيل، فقد تعافت على عكس توقعات الأطباء الذين أعلنوا في البداية أنه لا أمل في شفائها.
وبعد عامين من التقاعد بسبب الإصابة، عادت لتحلق مجددًا في سماوات الحرية، لتأتي صدمة أخرى حين تعرضت لحادث سيارة فعانت من كسور بالغة، ولكنها عادت مجددًا بإصرارها وحماسها وعزيمتها، وحققت أرقامًا قياسية في الطيران على ارتفاعات مختلفة، إلى أن استطاعت الحصول على رخصة "طيار اختبار" لتجريب الطائرات المخترعة حديثَا وفي 18 يوليو 1919م.
وأثناء أول محاولة لتجريب إحدى الطائرات المبتكَرة هَوَت من ارتفاع آلاف الأقدام لتلقَى مصرعها، بعد أن سطرت اسمها بحروف من ذهب على صحيفة من فولاذ وضربت مثالًا يُحتذى في الإصرار والتحدي، لتستحق لقب "امرأة ضد الكسر" عن جدارة.