الدكتورة غادة المطيري معجزة علمية سعودية أطلقتها أمريكا في سماء العالمية

لو دخلت عالم النساء، تبحث بينهن عن أسماء بارزة، في مجال بعينه، فتختار منهن واحدة، لتكتب عن كل مايتعلق بها : حياتها، مميزاتها، خبراتها، إنجازاتها، سيرتها الذاتية، قصة كفاحها، ستلفت نظرك بالتأكيد جنسية الشخصية التي ستتناولها بقلمك لو كانت عربية، وسيدهشك أن تكون خليجية، وسيثيرك أكثر أن تكون حصلت على أرقى الأوسمة والجوائز والتكريمات العالمية، ووصلت إلى أعلى المناصب في مجال معقد للغاية، لا تفكر مطلقًا في أن تطرقه، النساء، وهو مجال الهندسة الحيوية وهندسة النانو ..

معجزة علمية

وبمرور السنين، مع الشغف، الكفاح، والإصرار، والمثابرة، والعمل الدؤوب، والتجارب، والمحاولات، والاختراعات .. تحولت من مجرد طالبة، ثم باحثة صغيرة في معامل الكيمياء، والهندسة الكيميائية، إلى عالمة واعدة، فمخترعة عالمية، يشار لها بالبنان .. حفرت اسمها بحروف من نور في تاريخ العلم الحديث، ونجحت باختراعاتها العلمية في مجال طب النانو، في تغيير وجه العالم إلى الأفضل .. وأين ؟! في مكان لايستهان به أبدًا : الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر بلاد العالم في البحث العلمي، والتكنولوجيا الدقيقة، والهندسة الوراثية، وعلوم الفضاء، وغيرها من المجالات الصعبة على أفهام، وإدراك البشر ..

عجزت العقبات، والتحديات، التي واجهتها خلال مسيرتها الحياتية، بسبب جنسيتها العربية، عن إيقاف نجاحاتها وإنجازاتها المدوِّية عالميًّا، التي حققتها في مجال عملها الدقيق، بفضل شغفها اللامتنهٍ للعلم والمعرفة ، واجتهادها المستمر بلا توقف، في براءات الاختراع، حتى أنها نالت أكثر من 10 براءات اختراع أمريكية ودولية في مجال التقنية الدقيقة ..

تستطيع أن تصفها، في كلمات موجزة، بأنها «معجزة سعودية علمية، قدمتها أمريكا للعالم بأسره» ..

مسيرة صعبة

إنها الدكتورة غادة مطلق عبد الرحمن المطيري.. كيميائية وعالِمة ومخترعة سعودية.. تبلغ من العمر 45 عامًا.. ولدت في الأول من نوفمبر من العام 1976، بولاية أريغون الأمريكية، لأبويين سعوديين..

ثم تلقت تعليمها الابتدائي والمتوسط والثانوي في جدة، وانتقلت للرياض ،ودرست في مدرسة أهلية لمدة سنة واحدة، حتى جاءتها منحة دراسية جامعية أمريكية ، فانتقلت إلى لوس أنجلوس في العام 1997 لاستكمال تعليمها العالي، بعد أن أثبتت تفوقًا في دراستها، ونباهة وذكاءً في مجال تخصصها، وتخرجت في كلية أوكسيدنتال بدرجة البكالوريوس في الكيمياء في العام 2000، لتحصل بعدها على الدكتوراه في كيمياء المواد من جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، برسالتها المميزة حول «تمركز إلكترون ديوكاليزاتيون والبنية الجزيئية»، في العام 2005.

أكملت دراستها ما بعد الدكتوراه في الكيمياء والهندسة الكيميائية في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، من العام 2005 إلى العام 2008، حيث عملت في بيركلي مع البروفيسور جان فريشيت، وكانت ثمار هذا التعاون، نجاحها في وضع العديد من نانوبروبس في الجسم الحي بالتصوير الجزيئي .

وعن ذكرياتها، حكت المطيري أنها كنت تجلس في المعمل 16 ساعة في اليوم، ودائمًا ما تنصح طلابها ببذل جهد مضاعف قبل أن تأتي الالتزامات الأخرى في الحياة، وكانت تخاف من وسائل الإعلام، لذا كانت تتعامل معها بحذر، لأنها قد تفسر بعض الأمور عكس المقصود منها.

جائزة السماء

ثم هبطت عليها جائزة السماء فانضمت إلى جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، في العام نفسه، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، تعمل هناك أستاذًا للكيمياء الصيدلية، وهي عضو هيئة التدريس في أقسام الهندسة الحيوية، وهندسة النانو، وتشغل منصب المدير العام لمركز التميز في طب النانو والهندسة، في معهد هندسة الطب بالجامعة، وتتركز أبحاثها على الطب النانوي، حيث يساعدها العديد من الباحثين في إنشاء جسيمات نانوية بهدف الوصول إلى مستويات جديدة من الدقة في علاج الأمراض، مثل علاج الأمراض في ظل ظروف محددة، كأن تتعرض للضوء، أو تواجه وضعًا خاصًا بالمرض .

تحديات

أما عن أخطر التحديات التي قابلتها خلال مسيرتها المهنية، فقالت د. المطيري إنه عدم ارتداء الحجاب خارج المملكة، وارتدائه حين تعود إليها، وروت : "حين سافرت للدراسة في أمريكا لم أكن أريد لفت الانتباه بوضع الحجاب، لذا قررت التخلي عنه، وحين أزور المملكة أرتدي الحجاب، لأن النساء يرتدينه، وأنا لا أريد لفت الانتباه أيضًا، فارتداء الحجاب أو عدمه هو أمر مرتبط بالهدف من ذلك".

وأضافت غادة: "تأثير القبيلة عليّ كبير، وجميعهم طيبون معي، ولكن أنا على فطرتي ولا أُسئ لأحد في مجتمعنا، وهذه نظرتي الشخصية".

إنجازات عالمية

وقد تكللت أبحاث المطيري بنجاحات مذهلة، سواء قامت بها بمفردها، أو بالتعاون مع غيرها، في مجالي الصناعات الدوائية، والعلوم الصيدلانية، ومن أبرز إنجازاتها التي دوَّت في العالم بأسره :
- يعود إليها الفضل في تطوير بوليمر جديد للتشغيل الكهروميكانيكي.
- قدمت أول جسيم نانوي بوليمرية للإفراج عن العقارات، ردًا على تركيزات بيروكسيد الهيدروجين في الالتهاب.
- وضعت أول قرب البوليمر تحلل الأشعة تحت الحمراء، التي تمكن دقيقة التحكم عن بعد من تسليم الجزيئات.
- تصميم جسيمات متناهية الصغر البوليمرية التي تمكن التسليم إلى السيتوسول عن طريق التدهور السريع عند التعرض للحمض الخفيف.

أرفع الجوائز

ومن نجاح إلى نجاح، حصلت د. المطيري على أرفع جوائز الإبداع العلمي لإختراعاتها العلمية، وهي :
جائزة الابتكارات الجديدة لمدير المعهد الوطني للصحة في عام 2009 -
- جائزة مؤسسة فرما في عام 2009
- جائزة مجلة الكيمياء ثيما في عام 2009
- جائزة المحققين الشباب، المؤتمر العالمي للمواد الحيوية، تشنغدو بالصين في العام 2012
- جائزة مؤسسة البحوث الصيدلانية ومصنعو أمريكا
- جائزة الباحث الشاب من الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم 2016 (بالتعاون مع كافلي)
تشتهر المطيري باكتشافها لأول جسيم نانوي يستجيب للالتهاب في الجسم، وقادها هذا الاكتشاف المذهل القادر على تغيير الحياة إلى الحصول على جائزة Innovator Award NIH New التي تهدف إلى تشجيع الأبحاث المبتكرة .

10 براءات اختراع

وأخيرًا.. حصلت المطيري على أكثر من 10 براءات اختراع أمريكية ودولية في مجال التقنية الدقيقة، منها اثنتان مرخصتان للصناعات الدوائية لتحصد عنها أهم الجوائز العالمية، وهي جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية "إتش.أي.إن"، وقيمتها ثلاثة ملايين دولار، وذلك لدعم آخر إنجازاتها، وهو تطوير جهاز جديد يستطيع حمل الدواء إلى النقطة المصابة بالالتهاب في داخل جسم الإنسان .. ومازال النجاح مستمرًا .