«وزن المرأة وحب الرجل لها» الأبرز.. قصة الزواج والطلاق في «شنقيط»

الأربعاء 20/يناير/2021 - 06:44 م

إسلام علام

حفلات الطلاق في "شنقيط"، وغيرها من المدن الموريتانية تُثير العجب لكل زائرة وسائحة، فتتسائل كل نساء العالم وخاصة العربيات، وهل للطلاق حفل؟، فلا نعرف له إلا "الولولة" والعار في بلادنا؟.

وتأتي الإجابة بكل أريحية من الشنقيطيات: "عار؟! وأي عار في هذا؟.. أليس الزواج من الإسلام؟، وأليس الطلاق من الإسلام؟،.. فشارع الزواج هو شارع الطلاق، أليس القائل إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان؟.. إذن فلماذا نحتفل بالزواج ولا نحتفل بالطلاق.. لا يعاب في بلدتنا على أي من النساء في الطلاق، ولكن العيب كل العيب في حق الرجل، فالرجل هو المشان في المجتمع لطلاقه أما المرأة فكلما زاد طلاقها زاد جمالها وطلبها ورغبة الرجال بها ما من مطلقة عانس، فما العوانس إلا البكر، فالمثل الشنقيطي يقول: "المرأة عمامة الأجواد وحذاء الأدنياء".

وبمجرد دخول المدعوات لحفل الطلاق بدار المُطلقة حتى تأمر الجدة بحضور القدور، والتي تحوي بجوفها أرتال الحليب من ماعز وإبل وبقر وجاموس، وأطنان الفواكه من موز وتفاح وكمثرى وجوافة، وهذا ليس بكرم ولا بضيافة، وإنما فرض عليهن، فهذه عاداتهن وأوضاعهن، فليس بينهن نحيفة ولا يصح لنحاف بينهن، فالمرأة لا تكون إلا سمينة، ولا تعيش ولا تزوج عندهن إلا السمينة، وبالنظر لهن لا تجد نحيفات بينهن، وهن سمان ولكن ليس بالشيء المبالغ مما يعطهن جمالًا وملامحًا شهية مثل تلك التي يحبها المصريون في النساء، وإن اختلف التسمين في موريتانيا بالفواكة واللحوم والحليب عن التسمين المصري بالكرنب والمحاشي.

والمثل الشنقيطي يقول: "المرأة الممتلئة تملئ مكان أكبر في قلب الرجل فعلى قدر حجمها يكون حجم حب الزوج لها"، ولهذا تخضع الفتاة عندهن للتسمين الإجباري من قبل الجدادت، وإذ منهن من خالفت القواعد تعاقب بالضرب والجلد باستخدام الإياز، وهي تشبه "الفلقة المصرية" التي كانت تستخدم قديمًا في الكتاتيب الريفية.

ولهذا الوضع حيث التعددية في الزواج والطلاق، لا الرجل ولا المرأة يتحملن أو يحضرن شيء في الزواج، فكل الأدوات والمستلزمات مسؤولية الأقارب والأصدقاء والجيران حيث ينسقون فيما بينهم ويحضرون كل شيء أثناء الزفاف ثم تحمل لبيت العروسين.

ومما يشار إليه أن مدينة شنقيط هى مكة في سابق عهدها، هى المدينة في أول هجرتها، وإن كانت بلا رسول وبلا كعبة، فيها الحياة الأولية والطبيعة المثالية، شنقيط مدينة بها كل ما يدعو ويذكر ببيئة كل نبي، مدينة ليس فيها أي من الوسائل الحديثة ليس بها سوى العلم والذكر، حيث معقل اللغة العربية الصحيحة والسليمة التي لا تشوبها شائبة.

فما أجملها من مدينة وما أروعها من مكان، حيث الصفاء، النقاء، الطهارة، الحب، الإيمان، الروحانيات، كل ما يحث على العبادة، كل ما يطلب التأمل، كل ما يزيد من العلم، كل ما يترع من الثقافة، فما زال العالم الصخب لم يلوثها، وما زال العالم الرقمي لم يخترقها، وما زال العالم النووي المتصارع لم يضربها، وما زال العالم الشهواني المادي لم يعفنها، إنها أرض طبيعية، أناس طبيعيون، إنها الأرض الحقيقية والبشر الحقيقيون، فالعالم أجمع في حاجة إليها، في حاجة للاستجمام الروحي والاسترخاء العقلي والهدوء الفكري.

أما مكتباتها بها آلاف المخطوطات المتكومة والقيمة والنادرة لأهم العلماء العرب والمسلمين، بيئة صحراوية جافة ولكن ثقافاتها المتعددة تهون أي جفاف، تمطر كتبًا وعلمًا تجاوز سكانها الأوروبيات ممن أسلموا المئات اللواتي هربن من حول العالم وما فيه ليختبئن في شنقيط حيث المحظرة والكتب.

والمحظرة هي أقرب للكتاب المصري الريفي ولكنها أوسع شعبيًا وأشمل علميًا يدرس فيها كل ما ينفع البشر، بها كل الفروع لجميع المجالات.