الغيرة في العمل.. خطوات في طريق الفشل
الإثنين 27/فبراير/2023 - 07:01 م
تهاني المطيري
بحكم نوع ما من الغيرة في العمل يتبادل مُنتسبو المؤسسات وموظفو الشركات الكبرى والوزارات أخبار بعضهم بشيء من الشماتة أو الفرح المبطن بالشفقة والرثاء خصوصاً في الأخبار السيئة، وربما الأقدار التي تعصف بحياة البعض وتضعها في مهب الريح، ورغم علمي بسخف المقارنة بين فئات الموظفين في جهات العمل المختلفة وموقفها من الغيرة في العمل وجدتني أتساءل وأنا أشرع في كتابة مقال عن الغيرة في العمل عما اذا كان من الطبيعي وجود حالة من الغيرة مهما كانت درجتها وأسبابها بين الموظفين في مؤسسة معينة، وما الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمؤسسة أو الوزارة جراء أجواء من الغيرة والتنافر والحسد بين الموظفين والكيد والخبث بين زملاء العمل؟، ما تأثير الغيرة على إنتاجية المؤسسة والحالة النفسية للموظفين في الإدارة العليا والوسطى؟
لا يمكن بأي حال استبعاد تأثير الغيرة على إنتاجية العمل وإنجاز الأعمال لأنها تخلق بيئة غير صحية ملوثة تعج بالصراعات الجانبية والتافهة والقيل والقال وإطلاق الإشاعات حول الشخصيات المجتهدة بهدف تحطيمها بالتشكيك في اخلاصها في العمل مثلاً، أو لتقليل فرصها في الترقي المهني والمادي، وهنا أقول إن الغيرة من الأشخاص الناجحين والمتميزين أو حتى غيرهم من الأدنى في العمل، هي في جوهرها تعبير عن العجز والنقص، الاستسلام وعدم الثقة بالنفس.
ان خطورة الغيرة تكمن في أنها يمكن أن تتحول بسهولة إلى سلوك عملي يتضمن خطوات في الخفاء وأخرى في العلن لتحطيم الأشخاص الناجحين بإطلاق الإشاعات الكاذبة حولهم كما أسلفت، والتقليل من جهودهم، ولا حدود أبداً للغيرة والحسد لدى البعض خصوصاً في المؤسسات ذات طبيعة العمل الخاصة ولا يعني هذا استبعاد الوزارات والقطاع العام فهي تعُج أيضاً بالأشخاص الذين تحركهم الغيرة ولا همَ لهم إلا تحطيم الآخرين بالمؤامرات والدسائس وحياكة المخططات الخبيثة لضرب وتحطيم فرص الترقي المهني والوظيفي أمام الأكثر نجاحاً وتميزاً.
لا يمكن للغيرة في أي مكان سواء دوام العمل، السكن أو حتى في العلاقات العاطفية والزوجية أن تتحول لنجاح أبداً لأنها شعور يلازمه الحسد والكره، ومتى تمكن الحسد من النفس فإنه يبدأ في سحب الحاسد إلى القاع يوماً بعد آخر ويملأ قلبه بالظلام والكراهية، وهكذا فإن الغيرة من الأشخاص الناجحين المتميزين موجودة في كل جهات العمل الخاصة والعامة، وأكثر من ذلك أنها يمكن أن تتحول إلى حسد خصوصاً إذا توالت نجاحات الشخص المتميز في أوساط المؤسسة أو الشركة.
لا يخفى بالطبع ما تسببه الغيرة وسيادة أجواء المنافسة الصفرية وغير الشريفة في أجواء المؤسسات وأوساط العاملين كافة، من احباط ومشاعر سلبية تلازم الموظفين في ساعات الدوام الرسمية، وتتمدد في بعض الحالات لتشمل تفاصيل الحياة اليومية والخاصة لهؤلاء حتى بعد الدوام، ويقيني أن شيوع الغيرة في مؤسسة ما يُعد مؤشراً على ضعف الإدارة وقلة كفاءتها ومحاباتها للبعض على حساب آخرين، وبالنتيجة تعطل الطاقات المبدعة والعقول المتميزة الذكية عن الإنجاز، فضلاً عن انحراف المؤسسة عن أهدافها في خدمة عملائها والمجتمع بسبب تفشي الصراعات وشيوع المؤامرات وبروز التكتلات بدل التعاضد وروح الفريق الواحد التي لا يستقر العمل ويتحسن أداء منظمات الأعمال بغيابها.
ليس بمقدورنا التحكم بطرق آلية في مجتمعات العمل ولكن نستطيع الحد من السلوك غير المهني كالغيرة بتعزيز الكفاءة وبسط الشفافية والنزاهة في التعاطي مع العاملين كافة باختلاف درجاتهم الوظيفية.
نقلا عن الرأي