الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

كثير وعزة.. قصة حب نادرة في العصر الأموي والنهاية حزينة فماذا حدث؟

الإثنين 31/أكتوبر/2022 - 11:21 م
كثير عزة
كثير عزة

من بين القصص المؤثرة التي وقعت ضمن ثنائي الحب والهيام عند العرب، تلك القصة التي كانا بطليها كثير وعزة، فرغم حبهما الشديد لبعضهما البعض، وبرغم القصائد الشعرية التي قيلت، إلا أنهما لم يتزوجا مطلقا.


وظلت عزة حلم كثير، كما ظل كثير حلم عزة، وماتا العاشقان دون أن يتزوجا، وكتب لقصة حبهما أن تنتهي بمعلقة له، روى فيها حبه لعزة وكيف كانت هي وما حدث لهما بعد ذلك.




فبطلي اليوم هما كثير بن عبد الرحمن الخزاعي، وعزة الكنانية، اللذان شكلا ثنائي عربي للحب لتنضم قصتهما إلى تلك القصص الخالدة عن الحب العذري.


من هما كثير وعزة


الحبيب هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي، ضمن قبيلة خزاعة التي هي بطن من بطون الأزد، والمولود في سنة 23ه، وهو شاعر متيم مشهور من أهل المدينة، وكان يتنقل بين العراق والشام ومصر وموطنه الحجاز.


أطلق عليه لقب "كثير عزة"، وكان قد عشق عزة، وأشعر فيها، وكان عفيفا في حبه لها، كما كان مفرطا في القصر دميما الشكل، وكانت عزة جميلة الشكل بيضاء ذات حمرة، يزداد احمرار وجهها عندما يذكر اسم كثير أمامها، فكأنها شمس في وقت حمرة المغيب.


أما الحبيبة فهي عزة بنت حميل بن حفص بن إياس بن عبد العزى بن حاجب بن غفار بن مليل بن ضمرة الكناني، من قبيلة بنو كنانة العدنانية التي ينتمي إليها النبي عليه الصلاة والسلام.


عاشت عزة مع عاشقها كثير الخزاعي في العصر الأموي وكان يكنيها في شعره باسم أم عمرو ويسميها الضميرية وابنة الضمري نسبةً إلى جدها ضمرة، تزوجت غير كثير وسكنت في مصر وماتت بها ولم تتزوج عاشقها.




قصة حبهما


كان لقائهما الأول عند نبعة ماء، حيث أرسلتها جماعة من النساء لتشتري غنماً من كثير فقد كان يعمل في تجارة الأغنام، فشاهد امرأة تمشي مقبلة إليه تتبختر في مشيها مثل الإبل التي تقبل على صاحبها، ومن النظرة الأولى أحبها.


فلما طلبت منه غنما أعطاها كبشا مليحًا دون أن يأخذ مالها، ويبدو أن كل قصير مكير، فقد كان هذا التصرف جالبا لقلب عزة، التي ذهبت إلى النسوة فأخبرتهن عن كرمه وشهامته وجوده وتعامله معها.


لم يكتف بهذا الفعل، بل راح يسأل عنها ويمشي خلفها في الديار، ويقول شعره عنها، حتى أصبحا عاشقين يترقبان لحظات لقائهما مع بعضهما البعض على أطراف المدينة ليتحدثا معا ويقول فيها الشعر.


ويبدو أن أهل عزة علما بيما يدور مع كثير، فعزما على تزويجها لغيره، فقد كان العرب قديما إذا شعر في ابنتهم شاعر زوجوها لغيره حتى لا يلحقهم العار فيها، فزوجوها لرجل من مصر كان يتاجر ويسافر للحجاز في تجارته.




فتزوجت وسافرت إلى مصر لتسكن فيها، ولكن كثير عندما علم أخذ إبله وراحلته وهاجر إلى مصر حيث ديار عزة، وكان كثير على علاقة صداقة مع أمير مصر الأموي عبد العزيز بن مروان بن الحكم، فرحب به وأكرمه وفتح له محلا لبيع السمن والحلوى.


ثم كان لقائهما الأول في مصر بعد زواجها، حيث تذكر كتب التاريخ أن كثير بحث عنها ولم يجدها، ووقعت هذه الحادثة، فقد كان اتفق زوج عزة المصري أن تشتري سمناً، فتوجهت لمحل كثير دون أن تدري أنه محله، فأخبرته بحاجتها فأخرج أدوات السمن وجعل يسكب في إناء عزة وهما يتحادثان فلم يشعرا حتى غرقت أرجلهما.


ولما رجعت أنكر زوجها كثرة السمن، وأقسم عليها فأخبرته، فحلف عليها أن تخرج وتشتم كثير بحيث يسمعها، ففعلت ذلك، فاقتاده جند عبد العزيز بن مروان إلى المخفر، وهناك لقي من التنكيل جزاء فعلته.


ثم كان اللقاء الثاني لهما عندما طلب زوج عزّة منها أن تجيء بشيء من الطعام كان ينقصهم، فوصلت وهي تطلب ذلك إلى خيمة كثير، وكان يبري سهاماً، فلما رآها جعل يبري ساعده دون أن يدرك ما هو فاعل، فدخلت عليه ومسحت الدم بثوبها، ولمّا عادت إلى زوجها، جنّ من رؤية الدم، وغضب عندما عرف مصدره، فضربها وحلف ألا تخرج ثانية، ولما علم كثير رحل إلى المدينة المنورة وعاش فيها.




وفاته


توفي كثير عزة بالمدينة المنورة في يوم واحد هو وعكرمة البربري، فقالت الناس: "مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس"، وذلك في أول خلافة هشام بن عبد الملك سنة 105 هـ، وهو ابن خمس وثمانون عاماً.


ويذكر المؤرخون، بأن كثير مات على قبر عزة، حيث كانت قد توفي زوجها المصري فعادت إلى المدينة وتوفيت هناك، فكان يزور قبرها، ووجد ميتا على القبر في يوم زيارتها.



ads