السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

أزمة منتصف العمر تصيب النساء والرجال بالاكتئاب وتزيد معدل الطلاق

الإثنين 11/يناير/2021 - 01:03 م
هير نيوز


جمال فرويز: أخطر مرحلة عمرية ونسبة إصابة الرجال بها أكبر من النساء

حسن الخولى: تصيب الرجل بـ "السيكوسوماتية" وتسبب للمرأة التهاب المبايض

أحمد عبدالله: تؤدى إلى الانتحار وتثير مشاكل كثيرة بين الزوج وزوجته


لكل إنسان فى القرية الكونية لحظة خاصة به يتفاجأ فيها بأن ملامح جسده قد تغيرت بشكل كبير،وقد انحدرت من القوة إلى الضعف، ومن الصلابة إلى الرخاوة ، ويدخل لهذا السبب فى مراجعة شاملة لحياته مصحوبة بالقلق الشديد، ويسمى العلماء تلك الحالة الإنسانية بأزمة منتصف العمر، وهو ما يثير علامات استفهام عديدة بشأنها ، منها ماذا تعنى أزمة منتصف العمر من الناحية العلمية ،وهل تحدث للرجال فقط أم للجنسين معا، وفى أى سن تحدث للرجال، وما هى أعراضها،وهل هى قاصرة على المجتمعات الشرقية، أم أنها تصيب الرجال فى كل المجتمعات، وماهى تأثيراتها على الأسرة ؟ ، خاصة عندما تزيد درجة حدتها عند الذين يمرون بها ويعانون من أعراضها .

بدايًة، قال الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسى جامعة القاهرة،إن أزمة منتصف العمر هى مرحلة يمر بها كل الناس بصور متفاوتة، سواء فى المجتمعات الشرقية ، أو المجتمعات الغربية، وسواء فى مصر أو دول الخليج، ولكنها فردية من وجهة نظرى، بمعنى أنها لا تصيب كل الناس، وإنما تصيب نسبة منهم ، لم يتم تحديدها بدقة عن طريق الأبحاث العلمية حتى الآن.

وتابع، وتتوقف فى حدوثها على شخصية الإنسان وبيئته، وإحساسه المفاجىء بكبر السن، كأن يفاجأ بأناس أعزاء عليه وأصغر منه كثيرًا ، يلفتون نظره إلى أنه أصبح كبيرًا ، كقولهم له يا أنكل أو ياعمو ، وينبهونه إلى أن ملبسه مثلا غير متماشى مع سنه الحالى ، فأزمة منتصف العمر تبدأ مع الإحساس بالكبر والشعور بالضعف والوهن والهزال ، وبذات الأعراض التى تصيب المرأة فى سن اليأس .

وأضاف"فرويز" أن أزمة منتصف العمر ، يمر بها بعض النساء والرجال على حد سواء ، ولكن نسبتها فى الرجال أكبر، واصفًا إياها بأنها أخطر مرحلة فى سن المرأة والرجل ، وقد تبدأ فى سن الأربعين ، وقد تتأخر لدى البعض لتبدأ فى سن الخمسين ، وتكمن خطورتها فى أنها تنشأ بسبب حدوث تغير كامل فى الشخصية نتيجة للتغيرات الهرمونية التى تؤثر على منظومة المشاعر والأفكار بما لها من علاقات وطيدة بالعقل .

ولفت "فرويز" إلى أن هناك ناس كثيرون يتعايشون معها ويتقبلونها، وبالتالى لايعانون من أعراضها المرضية، وأخطرها الاكتئاب والتصرف بشكل عشوائى ، يكون له تداعيات سيئة على الأسرة، حيث دخول الرجل فى مشاكل وخناقات مع زوجته، مدفوعًا فيها بأزمات وصراعات نفسية نتيجة شعوره بالصدمة و عدم تقبله للتغيرات التى طرأت عليه لكبر سنه، وبالتالى حدوث خلل و فشل زوجى وحالات طلاق، يكون معظمها بسبب وقوع الرجل فى فخ الخيانة الزوجية، مؤكدًا من واقع خبرته العملية مع المرضى، أن أزمة منتصف العمر هى أحد أسباب تزايد معدل الطلاق وتزايد معدل الإصابة بالاكتئاب، مشددًا فى الوقت نفسه، على أنه لم يصادف فى حياته حدوث وقائع انتحار لمكتئبين أو مكتئبات بسبب تلك الأزمة.

وأوضح"فرويز" أن التقليل من تداعيات تلك المرحلة العمرية يحتاج إلى قيام أحد الطرفين ،الزوج والزوجة،بامتصاص غضب وقلق الطرف الأخر، واحتواء مشاكله وصراعاته الناجمة عن أزمة منتصف العمر، نافيًا صحة الرأى العلمى القائل، بأن التنفيس عن طريق تعدد الزوجات،يقلل من الإصابة بأعراض أزمة منتصف العمر ، قائلا: كل واحد له رد فعل مختلف يجعله يقدم أو لا يقدم على الزواج الثانى، أو حتى على خيانة زوجته، وأنا عن نفسى لى أصدقاء كثيرين معظمهم أثرياء ومنهم ملياديرات ولم يتزوجوا سوى واحدة وسعداء بذلك جدًا ، ويرون فى التعدد "وجع دماغ".

أما الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسى ، جامعة الزقازيق ، فقال ، إن أزمة منتصف العمر مرحلة حرجة بالنسبة للرجال والنساء ، وتزيد درجة حدتها بشكل مضاعف عند الرجال، وذلك بسبب الشعور بعد سن الأربعين بأن الصحة تقل ، وبأن القدرة على الحركة تنقص ، نتيجة لحدوث تغييرات فى الجسم ، وفى ظل ثقافة موروثة وضاغطة، تجعل مفهوم الرجولة ينحصر فى الفلوس والقدرة الجنسية ، وبالتالى عندما تقل واحدة منهما تبدأ مرحلة أزمة منتصف العمر عند الرجال ، حيث الشعور بالتوتر والملل والاكتئاب ، واندفاع الرجل للتخلص من تلك الأعراض عن طريق الزواج أو إقامة علاقات عاطفية ، وكلاهما يكون له تأثيرات مدمرة على زوجته وأسرته .

وأضاف "عبدالله"، إن أزمة منتصف العمر موجودة فى كل المجتمعات ، الشرقية والغربية ، ولكن تنحصر فى المجتمع الشرقى على القدرة الجنسية والمالية فقط ، وذلك على عكس المجتمع الغربى الذى توجد فيه جوانب كثيرة وأوسع لأزمة منتصف العمر، وليس مجرد الإطار المحدود الموجود عندنا.

واختلف "عبدالله " مع "فرويز" ، حيث أكد أن أزمة منتصف العمر تؤدى إذا ما زادت حدتها فى النساء والرجال، إلى الانتحار، لافتًا إلى أن هناك دراسات وأبحاث فى الطب النفسى رصدت بالفعل حالات إصابة لرجال بالتوحد والاكتئاب، نتيجة احساسهم بفتور جنسى وعدم اهتمام زوجاتهم بالعملية الجنسية، ما دفع بعضهم بالفعل إلى الانتحار ، مشيرًا إلى أن هناك أشخاص فى بعض المجتمعات يعالجون أنفسهم من أعراض أزمة منتصف العمر بالدراما .

وعن رأى علم الإجتماع فى أزمة منتصف العمر ، قال الدكتور حسن الخولى أستاذ علم الاجتماع ، بجامعة عين شمس ، إنه لايوجد تعريف واضح أو علمى لمصطلح أزمة منصف العمر ،فهو خطأ شائع تدارج بين الناس، وليس له وجود فى علم الاجتماع حتى الآن ، مضيفًا: ولكن لاننكر أن بعض البشر تطرأ على حياتهم بعض التحولات النفسية ، تتمثل فى الروتين اليومى، ونوع من الرتابة والملل يشعرهم بضرورة الهروب من روتين يومهم للخروج من تلك الأزمات ، ومن هنا تبدأ المشاكل والصراعات داخل الأسرة ، وحدوث الانفصال بين الرجل وزوجته فى بعض الأحيان.

وتابع : الرجال والنساء على حد سواء معرضون لهذه الأزمة ، لكن الرجال أكثر عرضة لها، على اعتبار أنهم فى المجتمعات الشرقية أكثر قدرة على اتخاذ القرارات كالزواج بأخرى، اعتقادًا منهم بأن ذلك هو الحل السحرى و الأمثل ، دون أدنى اعتبار لتوابعه وتداعياته، والتى قد يكون من بينها انهيار الأسرة بكاملها.

وأكد"الخولى" أن أزمة منتصف العمر لها مخاطر على صحة الإنسان، وبالتالى تداعيات سيئة على الأسرة، خاصًة وأنها تتسبب فى الإصابة بالأمراض العضوية "السيكوسوماتية"، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ضغط الدم المرتفع ، والتهاب المبايض عند النساء، والتوتر والقلق، خاصًة وأن هرمون التيسترون المسئول عن الخصوبة عند الرجال يقل بمعدل سنوى ثابت بعد سن الأربعين.

وأشار إلى أن هناك كثير من رسائل الماجيستير تناولت تلك المرحلة العمرية بشكل وفير، وأوضحت أن تأثيراتها على الأسرة سيئة للغاية، كحدوث الطلاق بين الرجل وزوجته، وذلك فى حالة إصابة الزوجة بأعراضها بشكل يجعلها لاتسطيع تحمل ضغوط حماتها ذات الطبع القاسى، وكذلك عند حدوث برود عاطفى بين الرجل وزوجته، وإصابة الرجل بكثرة التذمر وشعوره بالملل وتفكيره فى خيانة زوجته ، بدافع محاولة إثبات رجولته واشباع رغبته الجنسية ، فضلا عن اتخاذ تصرفات عشوائية تستنزف أموال الأسرة ويدفع ثمنها الأبناء فى الأسر الغنية والمتوسطة والفقيرة على حد سواء .