الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

ضحايا عن الزواج الإلكتروني: الرجال يبحثون عن المتعة الجنسية فقط

فتيات ضحية الزواج الإلكتروني: نصب وابتزاز.. والبقاء دون ارتباط أفضل

الأحد 10/يناير/2021 - 04:08 م
هير نيوز


"يا بخت من وفق رأسين في الحلال" مثل شعبي قديم، قامت على أساسه مهنة كاملة "الخاطبة" التي كانت تقوم بها سيدة تنتقل من منزل لمنزل، ومن عائلة لعائلة تعرض صور الفتيات والرجال لتسهل على الطرفين اختيار الشريك المناسب، وفق شروط كل طرف منهما.

في العصر الحديث ظهرت الخاطبة ولكن في ثوب جديد، شكل إلكتروني أعطى لها لونا عصريا حديثا، من خلال مواقع وصفحات خاصة عبر الشبكة العنكبوتية، حيث يتم عرض صور الفتيات والذكور الشخصية وبيانات كاملة عن أنفسهم، بالإضافة لقائمة تتضمن المواصفات التي يرغبونها في شريك حياتهم أو الطرف المطلوب إيجاده، إلى هنا يبدو الأمر طبيعيا لكن الواقع مختلف قليلاً.

ضحية العائلة

أعلام ملونة يتزين بها منزل العروس، وإضاءات وفستان زفاف ترتديه "أ .ش" فتاة في نهاية العشرينات يوم عقد قرانها على ابن عمها، ليلة مبهجة انتهت بشجار ومعركة كبيرة بين فردين داخل العائلة، انتهت بفشل إتمام عقد القران، تشكلت على أساس الواقعة كرات الثلج بين أفراد العائلة وقطيعة دامت لأكثر من 6 سنوات لم يتقدم للعروس بعدها أي شخص لطلب الزواج منها خوفًا من الدخول في مشاحنات وخلافات جديدة مثلما حدث مع العريس السابق، وصل عمر "أ.ش" الآن 35 عامًا، فشلت كل محاولاتها في إيجاد العريس المناسب، فاضطرت للجوء للوسيلة الإلكترونية عبر أحد مواقع الانترنت.

لم يستغرق الأمر منها أكثر من ساعة واحدة لتضع صورتها وبياناتها الكاملة عبر الموقع، موضحة أنها لم تضع شروطًا تعجيزية في الزوج المطلوب، فكانت كل طلباتها تتعلق بالأخلاق الكريمة، والتواضع، والمستوى التعليمي المماثل لها، مع عدم اشتراط أي أمور مادية.

تواصل معها بعدها 3 أشخاص مقترحين من قبل الموقع تتناسب مواصفاتهم مع طلباتها، إلا أنها لم تجد ذلك على أرض الواقع، فالشخص الأول كان لديه طموحات للزواج منها في منزل عائلتها، وهو أمر مرفوض للغاية من جانبها، والشخص الثاني تهرب من الحضور للمنزل وصمم على لقائها خارج المنزل ووافقت بالفعل، وبعد الذهاب لرؤيته أخبرها أنه مستعد للزواج بشكل عرفي لأنه متزوج ولديه طفلان، أما الشخص الثالث فكان عاطلاً ولا توجد لديه نية للعمل، ويصغرها بـ 10 أعوام.

تقول "أ . ش": "تعلمت من وقتها ألا استعين مرة أخرى بمثل تلك المواقع وأن البقاء دون زواج أفضل كثيراً من الدخول في حياة زوجية مهددة بالانهيار قبل أن تبدأ".

ابتزاز وتهديد

"طويل، حاصل على مؤهل جامعي، لديه منزل يصلح ليكون عش الزوجية، سنة لا يتعدى العقد الرابع" مواصفات وضعتها "م .س" الفتاة الثلاثينية على أحد مواقع تسهيل الزواج الإلكتروني، حددت خلالها المتطلبات التي لا يمكن أن تتخلى عنها في شريك حياتها.

تلقت بعدها مباشرة مكالمة هاتفية من شاب صوته جميل (وفقاً لوصفها) أخبرها بأنه أعجب بصورتها والمعلومات التي أدرجتها عن نفسها، لكنه يريد أن يقابلها، وقد تم اللقاء فعليا، لتذهب في المعاد المحدد في مطعم أحد الفنادق الشهيرة كما حدده هو، لتجد نفسها أمام عملية ابتزاز فالشاب عرض عليها الزواج العرفي، وعندما اعترضت ونشب بينهما شجار كبير هددها فيما بعد بصور مزيفة لها، قام بإعدادها ليبتزها ويرد لها إهانتها التي وجهتها له يوم لقائهما، لجأت "م . س" لخالها ليتدخل لحل الأمر ورفضت أن تلجأ لتحرير محضر خشية الفضيحة، وقد حصل الشاب على مبلغ 5000 جنيه مقابل التوقف عن ابتزاز الفتاة، لكنها لا تملك أي ضمانة لوعد هذا الشخص المبتز، بعدم تهديدها مرة أخرى.

مواقع تستهدف الأرامل والمطلقات

في عالم تيسير الزواج عبر الإنترنت يلاحظ أن معظم المواقع تستهدف بشكل قوي الأرامل والمطلقات والفتيات كبار السن اللاتي، نظراً لضعف فرص تلك الفئات في إيجاد الشخص المناسب دون مساعدة.

معظمهن لا يستخدمن صورهن الحقيقية، وهذا ما أوضحته عايدة محمود أخصائية علم النفس الاجتماعي، مبينة أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لتأخر سن الزواج، ومغالاة الأهل في طلباتهم ما يعرض الفتيات للكثير من عمليات النصب فكثير من الرجال المترددين على تلك المواقع يريدون المتعة الجنسية بطريقة صريحة دون زواج ويستهدفون بشكل معلن السيدات الكبيرة في العمر، ما يسبب ضررا نفسيا وماديا كبيرا للنساء اللاتي يقدمن على الاستعانة بمثل هذه المواقع.

فريسة منتظرة

تقول "ع. ص" فتاة أربعينية، أنها اكشتفت بعد دخولها في تجربة مريرة عبر أحد مواقع التعارف والزواج الافتراضي أن هناك طرقًا عدة لنصب الشباب على الفتيات أو بمعنى أدق طرق مختلفة لتوقيع الأنثى في خيوط العنكبوت، حتى يجني من ورائها المكاسب، لكن أهم تلك الطرق هي منح الفتاة الهدايا والتصرف بنوع من الكرم المفرط معها في البداية حتى تثق فيه، فيخبرها بعد ذلك أنه يمر بظروف مادية صعبة فتعرض عليه هي المساعدة، وهو ما حدث معها، حتى وجدت نفسها تخسر ما يزيد عن 17 ألف جنيه، في خلال عام، علمت بعدها أنها تعرضت لعملية نصب، اختفى بعدها مباشرة العريس بعد أن علمت أن كل البيانات التي أعطاها عن نفسه كانت وهمية، اضطرت على إثرها لرفض الزواج بشكل عام، ولم تفصح حتى لأقرب المقربين لها عن ما تعرضت إليه من عملية نصب وابتزاز كاملة الأركان.

اضطراب نفسي 

من الناحية النفسية تقول منيرة سعيد أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن عددًا كبيرًا من الفتيات اللاتي يلجأن لمثل تلك المواقع هن بالأساس تعرضن لضغوط كبيرة من قبل الأهل، بل ومعظمهن تخطت مرحلة الزواج الطبيعي، وبدأ عدد المتقدمين لخطبتهن في التقلص، فبدأت كل واحدة منهن تشعر بالقلق وشبح لقب عانس يطاردها ليل نهار فتلجأ مباشرة للبحث في نطاق أوسع عن ما يلائمها حتى لو كانت الطريقة مختلفة أو غير مقبولة، المهم بالنسبة للفتاة في هذه الحالة هو الحصول على عريس، وقلما تتحقق رغبتهن عبر تلك المواقع.

الخاطبة.. طقس أمريكي قديم

يقول الدكتور محمد زايد أستاذ علم الاجتماع، إن فكرة الزواج وبناء أسرة على أساس تعارف إلكتروني في حد ذاته أمر عبثي، موضحًا أن فكرة الخاطبة قديمًا ليست مصرية، بل هي فكرة أمريكية في الأساس تعود جذورها لعام 1615، وبدأت من أجل خدمة الرجال الأمريكيين الذين كانوا يعيشون في وحدة في مجتمع تكسوه البرودة وتقل بداخله العلاقات الاجتماعية فيبلغ كل رجل بالمواصفات التي يريدها في شريكة حياته، لدى أحد مسؤولي مكاتب الزواج، ويتم الموضوع بشكل علني، حيث كانت تعتبر الوسيلة الأكثر أماناً لإيجاد الزوجة المناسبة لكل رجل.

يضيف زايد أنه مع التطور الزمني الموجود في المجتمع تحول الأمر إلى الخاطبة الإلكترونية، وهو أمر موجود ومنتشر في جميع دول العالم، وللأسف تنتشر معه الكثير من حالات النصب التي حدثت لبعض الفتيات من خلال وضع بياناتهم عبر تلك المواقع.

طلب إحاطة سريع

انتشرت جرائم وبلاغات عدة تقدمت بها فتيات حرصن على عدم الإفصاح عن هويتهن خشية الفضائح، مما أدى لتحرك بعض المسؤولين في اتجاه مجابهة هذه الظاهرة من بينهم النائب البرلماني فايز بركات عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، الذي تقدم بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مطلع العام الماضي، حول ظاهرة النصب باسم الزواج من خلال مواقع الزواج على الإنترنت.

أشار بركات في طلبه إلى أن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الحالية أدت إلى عزوف البعض عن الزواج بالطرق التقليدية، والبحث عن الزوجة أو الزوج المثالي عن طريق الإنترنت وهو ما يعرضهم لحالات النصب في كثير من الأوقات.

وأوضح بركات، أن مواقع الزواج الإلكترونية انتشرت بشكل كبير ويتم من خلالها تبادل المعلومات الشخصية بهدف إتمام الزواج، وفقًا للأوضاع وظروف كل طرف، وهو ما ينتج عنه العديد من المشكلات، فبعض القراصنة فور الحصول على البيانات كاملة، يتم السطو على أموال الشخص وممتلكاته، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء على الفتيات والسيدات، وبالتالي فهذه المواقع بمثابة مصيدة لهم.

من جهته، طالب النائب فايز بركات بوجود نوع من الرقابة على هذه المواقع بما يمنع الانفلات الأخلاقي أو حالات النصب التي يتعرض لها المترددون عليها، كما أكد ضرورة تسهيل إجراءات الزواج من جانب الطرفين، بما ييسر الزواج بشروطه الدينية السليمة المتعارف عليها دون اللجوء إلى طرق شاذة وغريبة للزواج.