الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

المطلقات في اليابان.. كفاح مستمر وأمل ضائع

الجمعة 08/يناير/2021 - 02:13 م


- %60 من السيدات في اليابان يستقلن من العمل عند الزواج والولادة
- أجر المرأة يقل عن الرجل بنسبة 60%.. و7.5% من الأمهات "عازبات" 


على الرغم من أن اليابان تعد واحدة من أكثر الدول تقدمًا، حيث تتمتع بثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم، فإنها تعاني من ظاهرة فقر الأطفال المنتشرة على نطاق واسع، فوفقًا لآخر الإحصاءات المتاحة منذ عام 2014، فإن معدل الفقر في اليابان بين الأسر ذات العائل الوحيد هو الأعلى بين جميع الدول الصناعية. 

وأكدت تقارير اجتماعية، أن المطلقات اللواتي يعولن أطفالًا في اليابان يعتبرن تجسيدًا حيًا لكل من "الفقر" و"التفاوت" في هذه الدولة المتقدمة، كما يمثل تمسكهن بالحياة بكل قوة أيضا نموذجًا مصغرًا للظروف المحيطة بالمرأة في المجتمع الياباني.

فالعديد من المطلقات أو ما يطلق عليهن في اليابان "الأمهات العازبات" يقمن بتربية أطفالهن بشكل أو بآخر في ظل ظروف قاسية، حيث يتلقين الدعم الاجتماعي الذي يساعدهن على الحياة بالكاد فقط، في حين يصل معدل الفقر للمطلقات إلى 54.6٪، ويعاني الكثير منهن من ضيق ذات اليد وليس لديهن أمل، وبالكاد يستطعن العيش، كما توجد العديد من الأسر التي تواجه خطر الانهيار؛ بسبب وقوعها تحت رحمة العديد من الأزمات المختلفة.

وتنقسم التعليقات التي تدور حول المطلقات على الإنترنت إلى "مرهقة" و"فقيرة"، و"تفعل ما بوسعها"، ولأن الأمر ليس بالهين مع مواجهتهن لظروف ومحن صعبة يوجد مطلقات يفعلن ما بوسعهن، كما أنها عندما تعبر عن نفسها بقولها إن الأمر مرهق فهذا يعني أنها وصلت لمرحلة نفسية تشعر فيها بأن قوة إرادتها تخور.

ووفقًا للبيانات التي أكدها المسح الوطني حول الأسر التي ليس لديها عائل، الذي تجريه وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية كل فترة، فإن عدد المطلقات في اليابان (الأسر التي يوجد بها أم وأطفال تحت سن 20 عامًا، بما في ذلك الحالات التي يوجد فيها شخص آخر غير الأم وأطفالها) قد وصل إلى 1.238 مليون أسرة و(عدد الأسر التي تتكون من الأب والأطفال 223 ألف أسرة)، وتستمر في الزيادة والارتفاع مع مرور الوقت، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى نحو الضعفين، مقارنة بنفس الوقت من عام 1973.

ويبلغ متوسط عمر المطلقات 40 عامًا، ونسبة 80.8٪ منهن قد أصبحن وحدهن كعائل للأسرة بعد ظروف طلاقهن من أزواجهن، ونسبة 7.8٪ منهن أنجبن خارج إطار الزواج، ونسبة 7.5٪ أصبحت الأم عازبة بسبب وفاة الزوج.

ويصل متوسط الدخل السنوي للأمهات المطلقات والعازبات في اليابان إلى 223 ألفي ين، (ويشمل هذا المبلغ بدل تربية الطفل، تكاليف الرعاية وغيرها من استحقاقات الضمان الاجتماعي، ومصاريف إعالة ونفقة الطفل)، كما أن معدل العمل مرتفع بينهن، حيث يصل إلى 80.6٪ يقابله متوسط دخل سنوي منخفض يصل إلى مليون و810 آلاف ين ياباني، وهذا الأمر يرتبط بطبيعة الحال بانخفاض أجور ومرتبات المرأة العاملة.

ووفقًا للمسح الإحصائي الخاص بالراتب الفعلي الذي قامت به الوكالة الوطنية للضرائب عام 2010، تبين أن نحو 43٪ من السيدات يحصلن على أقل من 2 مليون ين سنويًا، علاوة على ذلك ومع زيادة العاملين من الجنسين ممن يعملون بعقود قصيرة عامًا بعد عام، فإن نسبة السيدات اللواتي يعملن بعقود قصيرة تقترب من 70٪. 

وتؤكد التقارير الوطنية أنه ليس فقط المطلقات أو الأمهات العازبات فقراء، بل أن السيدات عامة في اليابان يعانين من الفقر، فاليابان من الدول التي تتسع بها الفجوة في الأجور بين الرجل والمرأة، وإذا نظرنا إلى تلك الفجوة في الأجور بين الرجال والسيدات الذين يربون أطفالًا نجد أن أجر المرأة يقل عن الرجل بـ60٪، لذلك يقال في اليابان بشكل خاص إن كون المرأة "أمًا" هو أمر بالغ الثمن (وفقًا لمسح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2012).

الرجل مصدر الرزق الرئيسي للعائلة

وتشير التقارير المحلية اليابانية إلى أن أجور هؤلاء السيدات منخفضة، خاصة السيدات اللواتي لديهن أطفال؛ بسبب الفكر السائد والمتجذر في المجتمع الياباني بأن الرجل هو مصدر الرزق الرئيسي الذي يعول البيت، ففي فترة النمو الاقتصادي السريع التي مرت بها اليابان خلال القرن الماضي كان الرجل يقوم بالعمل لعدد طويل من الساعات، في حين تقوم الزوجة التي لا تعمل أو التي تعمل عملاً ثانوياً بالإضافة لقيامها بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، وهو ما وضع الأساس والمعيار لنموذج الأسرة التي تتكون من زوجين وأطفال وخلق نظام أن الرجل هو المصدر الرئيسي لدخل العائلة. 

وقد دعم هذا النظام كل من معاشات الفئة الثالثة المؤمن عليهم، نظام الإعفاء الضريبي من بعض مستحقات الدولة لمن يعول، بدل إعالة الزوجة وغيره من العوامل التي ساعدت في دعم ومساندة هذا النظام.

وتوضح التقارير أن 60٪ من السيدات يستقلن من العمل عند الزواج والولادة ويصبحن ربات بيوت حتى يستطعن التفرغ لتربية الأولاد، وهو ما تسبب في تغيير شكل العمل والنظام حيث أصبح الرجل هو مصدر الرزق والدخل الرئيسي للأسرة وبالتالي، تم تحديد طريقة الضمان الاجتماعي بين الرجل والمرأة وهو الأسوأ على المطلقات والأمهات العازبات أكثر من أي شيء، ففي سوق العمل لا تمنح المرأة التي تربي أطفالًا سوى عمل ثانوي عليها توفير الدخل من أجل تربية الأطفال من ورائه، أما بالنسبة للسيدات اللواتي استمررن في العمل بعد الزواج والولادة، فقد كان الأثر السيئ عليهن من الناحية الاقتصادية أقل حتى لو تم تطليقهن.

وتؤكد التقارير أن من بين المطلقات والأمهات العازبات اللواتي يعملن يوجد حوالي 40% منهن يعملن بدوام كامل، وأكثر من 50% يعملن لمدد قصيرة، وتلك النسبة من السيدات أخذة في الزيادة عام بعد عام، ويبلغ متوسط الدخل السنوي للمطلقات اللواتي يعملن بدوام جزئي مليون و250 ألف ين، وبمقارنة ذلك مع متوسط دخل المطلقات اللواتي يعملن بدوام كامل والذي يبلغ 2.7 مليون ين نجد أن الدخل السنوي لهن قليل بشكل ملحوظ.

كما أن المطلقات ترتفع نسبة من توقفت منهن عن التعليم عند المرحلة الإعدادية، حيث تبلغ 13.3٪، وتبلغ نسبة الأمهات المتزوجات اللواتي توقفن عن التعليم عند المرحلة الإعدادية 5٪، كما أن متوسط الدخل السنوي للمطلقات اللواتي يحملن الشهادة الإعدادية إلى مليون و290 ألف ين، حيث إن الوظائف التي يمكن الحصول عليها فقط بالتعليم الإعدادي في اليابان محدودة، كما أن الوظائف المتاحة أيضًا محدودة وليس بها خيارات كثيرة، لذلك فالنتيجة، إما عدم الحصول على وظيفة، أو العمل بمدة قصيرة للعديد منهن، مما يتسبب في الحصول على دخل سنوي منخفض وقليل في نهاية المطاف.