«هير نيوز» تفتح الملف الشائك.. ماضي الزوجات بين الحلال والحرام
الثلاثاء 05/يناير/2021 - 07:58 م
شريف حمادة
آمنة نصير: لا يجوز للزوج محاسبة زوجته على ماضيها أو سؤالها عنه
فايزة خاطر: البحث في الماضي يحول الثقة لـ "شك وريبة" ويدمر الحياة الزوجية
محمود مزروعة: يجب أن يتخير الزوج شريكة حياته على أساس أخلاقها
سؤال يدور فى أذهان معظم المقبلين على الارتباط أو المتزوجين حديثًا حول ماضي كل منهم، وهل الأفضل أن يتغاضي كل طرف عنه، أم من الأفضل الإفصاح به وسرد تفاصيله للطرف الآخر، قبل الزواج أو بعده، حتى لو كان به أخطاء وأفعال وذنوب يصفها العلماء باللمم ومنها القبلات المتبادلة، أو ما نسميه بالأمور العاطفية البريئة وليست الغميقة، وهل الستر أفضل من السرد فى هذا الأمر الحساس بالتحديد؟
اتفقت معظم الآراء الفقهية على عدم الجواز للخاطب أو الزوج أن يسأل مخطوبته أو زوجته عن ماضيها، إذا كان ذلك سيترتب عليه هتك ما ستره الله من الذنوب والمعاصي، ولا يجب على المخطوبة أن تجيبه، بل لا يجوز لأي من الخاطبين أن يكشف ستر الله عنه، فيجب على المسلم إذا زلت قدمه ووقع في الذنب أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يستر نفسه ولا يحدث أحدا بما كان من أمره.
ولا يجوز للإنسان أن يتحدث في أمر معصيته إلا إذا كان لمصلحة، وفيما عدا ذلك فالواجب هو الكتمان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، "ص": كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه"، رواه البخاري.
وجاء في موطىء الإمام مالك: عن أبي الزبير المكي، أن رجلا خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو كاد يضربه.
وقد ردت الفقيهة والداعية الأزهرية عبلة الكحلاوي على سؤال مشابه فى إحدى حلقات برنامجها الشهير، مؤكدةً على عدم "النبش في الماضي العاطفي" فلكل شاب وفتاة ماضٍ قبل الزواج ومعظم شباب اليوم - من الجنسين- يمرون بعلاقات عاطفية عابرة ليس من الخير إحياء هذه العواطف التي ماتت مع الزمن، طالما لم يكتب لها النجاح.
وأوضحت "عبلة"، في مرحلة الخطبة هناك ماضٍ للفتاة ليس من المفيد الكشف عنه، وهو ما يتعلق بارتباطاتها العاطفية البريئة، غير المصحوبة بتجاوزات أخلاقية - كأن تكون الفتاة قد تعرفت على شابٍ وعدها بالزواج وتحدثا عبر الهاتف والتقيا دون ارتكاب تجاوزات، ثم انصرف الشاب وانصرفت هي عنه، كل هذا يحدث ويتكرر ولا يعيب الفتاة أو يدينها.
وأضافت "عبلة"، أنه إذا ارتكبت الفتاة أخطاءً جسيمة وتابت عنها، فيجوز شرعًا أن تستر على نفسها ما دامت قد ندمت ندمًا شديدًا وتوقفت عن هذه الأفعال ولا يجوز إفشاء الأسرار لنعين الفتاة على الحفاظ على حياتها الزوجية المستقرة، لهذا لا يجب على الزوجة مصارحة زوجها بماضيها طالما كان بعيدًا عن المحرمات، وقد تؤدي المصارحة إلى انهيار الأسرة، والأصل في هذه الأمور هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم" من أصاب من هذه القاذورات شيئًا فستره الله فهو في ستر الله فلا يكشف ستر الله عليه"، والقاعدة الأساسية في الدين أنه من تاب، تاب الله عليه، وإن الإنسان إن أقلع عن معصية وندم عليها واستقام على الفضيلة، فمن الخير أن تكون صلته بالله غير مفضوحة للناس"
وقالت الدكتورة عبلة: "إذا كانت للزوجة علاقات رسمية مثل عقد قران أو خطبة ثم فسخت، على الزوجة مصارحة زوجها لأنه قد يعلم من أناس آخرين وإذا ارتكبت الفتاة خطأً كبيرًا وفرطت مثلًا في شرفها أو تزوجت عرفيًا وأخفت الجريمة بعملية ترقيع غشاء البكارة، فإخفاء هذه الأمور يُعد غشًا وتدليسًا"
ونصحت "عبلة"، الزوج بعدم الانشغال بماضي الزوجه قائلًة: "حاسب زوجتك منذ الارتباط بها، لأن فترة المراهقة لا تخلو في الغالب من العلاقات وربما الأخطاء".
ومن جانبها أكدت الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بالإسكندرية جامعة الأزهر، أنه لا يجوز للزوج محاسبة زوجته على ماضيها أو سؤالها عنه، لأنها لم تكن قد ارتبطت به بعد، ولهذا فإن محاسبة كل من الزوجين لشريك حياته على ماضيه نوع من الظلم من الناحية الشرعية، وقد نهى الإسلام عن الظلم، وقد جاء في الحديث القدسي أن الله حرم الظلم على نفس وحرمه بين عباده فجاء في نصه: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم».
وأضافت "آمنة"، إن النبش في الماضي يؤدي إلى إفساد الحاضر وتدمير المستقبل، لأنه من المفترض أن كلًا من الزوجين سأل عن الآخر وتعرف عليه خلال فترة الخطوبة، ولسنا جميعًا ملائكة، بل كلنا أخطاء، وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وقالت الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية بالزقازيق جامعة الأزهر، أنه لو قام كل طرف بالبحث عن تاريخ الآخر ستتحول حياتهما إلى جحيم نتيجة افتقاد الثقة بينهما واستبدالها بالشك والريبة، التي تنهي العلاقة الزوجية وتؤدي إلى تبادل الاتهام بالخيانة، فما بالنا بالزوجين اللذين يفترض أنهما ستر على بعضهما، فقال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ» آية 12 سورة الحجرات.
ومن جانبه اختلف الدكتور محمود مزروعة، العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر مع الآراء السايقة فقال، إن الزواج يجب أن يقام على الصدق والأمانة في المعلومات، حتى لا يحدث بعد الزواج ما لا تحمد عقباه، ولهذا وصف الله الزواج بـ«الميثاق الغليظ» الذي يجب أن يتم بعد معرفة وتحرٍ كامل من كل طرف عن الآخر، حتى يكون الزواج كما وصفه وجعله آية من آياته، فقال: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية21 سورة الروم.
وأضاف الدكتور "مزروعة"، أنه يجب أن يتخير الزوج شريكة حياته على أساس أخلاقها وأخلاق أسرتها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تخيّروا لِنُطَفِكُم فإنّ العرق دسّاس» وقال أيضًا «إياكم وخضراء الدّمن، قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ فقال: المرأة الحسناء في المنبت السوء».
وقال الداعية صبرى السيد، أن كتم الفتاة لأسرارها على من يتقدم لخطبتها هو غش بيّن، وخداع من طرفها ؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، فكيف يتزوَّج الرَّجُل من فتاةٍ على أنها بكر وإذا بها تكون فاقدة لعذريتها؟! بل تخدعه وتوهمه بأنه الرجل الأول في حياتها.