هيام دواد تكتب: الثالوث أو توسكر ( Tooskir )

الثالوث كلمة صادفتها في قراءات التاريخ جذبتني كثيرًا، وخاصة أني أراها تفرض نفسها عمليا من قديم الأزل إلى عصرنا الحالي بشكل عجيب وملفت، فوجدت الأهرامات مثلا في شكل المثلث ورأيت البيوت النوبية تحفر شكل المثلثات في جدرانها مفرغة فسئلت لماذا؟؟ كانت الإجابة أن رسم المثلثات وحفرها في جدار البيوت النوبيه ما هو إلا رسم هندسي دقيق يسمح بتنظيم دخول الهواء صيفا وشتاء ما يساعد علي ترطيب البيت أو تدفئته حسب فصول السنة يا له من إبهار.

كما يقومون بنقش المثلثات علي الجدران فوجدتني أميل وكلي شغف أن أقرأ وأسأل أكثر، محاولة أن أفهم تلك الإشارات التي ترسلها الحضارات الأولى، فعلمت أن الثالوث تنطق بالنوبية توسكر Tooskir وهي من أقدم اللغات بالعالم  ولكن هل توسكر  تلك الكلمة اختفت؟! أقول لا.

هي موجودة إلى الآن باسم قرية توشكى الكلمه المحرفة من توسكر الأصل..

وقد سميت توسكر أو توشكى لوجود الأقانيم الثلاثه لآلهة النوبة في عصر الوثنية في أحد المعابد القريبة من توسكر ( توشكي)..

والأقانيم قديمًا هي وصف للرموز الثلاثه (الاب.الام.الابن ) قديما وتلاحظون معي الثالوث مرة أخرى!

قيل أيضًا: إن ( النيل . النخيل. الإنسان) هو ثالوث حياة النوبيين أو ملخص حياتهم وحضارتهم ولكنه اجتهاد وتوصيف فلسفي لكي تمتد الحضارة.

وهذا الثالوث الفلسفي يعبر عن مدي ارتباط النوبيين بالنيل منذ القدم وتقديسهم له وعبادته حبا وليس بالمفهوم الديني ولكنه ثالوث أيضا تلاحظون معي !؟

وإذا انتقلنا للحديث عن أول الثالوث وهو النيل نجد في لغتهم ينطق (ni) "شرب/يشرب" ومنه جاء التصريف (niil-نيل) "اشرب/ مصدر الشرب...

ولعل أبرز القصص وليس الحصر وما يوضح مدي تقديس وتعلق النوبيين بالنيل.

فإنهم والي الان لا يسمحون للاغنام والابقار وغيرها من الحيوانات الشرب مباشرة من ماء النيل بل يصنعون لهم احواضا جانبية ليس لها علاقة بالنيل ( ما هذا الحب والرقي ) ويتبركون بمياهه الي الآن بعمل سبوع المولود علي ضفافه وغسل وجهه بالماء تبركا به والطرف الآخر النخيل بالنسبة إليهم هو مصدر الثروة وتحدثت عنها في المقال السابق..أما الجزء الثالث وهو الإنسان فله معنا قصة كبيرة تبرهن علي مدي التقدير والاحترام للجبلة البشرية منذ قديم الأزل وأن الإنسان هو أرقى المخلوقات في الكرة الأرضية فاحترم هؤلاء كينونته كما احترموا سائر مخلوقات الأرض والسماء.

إنها الحضارات الأولى التي كلما تعمقنا فيها تعلمنا مفردات قيمه وغالية لو اعتمدنا عليها لظلت الكرة الأرضية دائما مصدر خير والهام للإنسان الموحد بفطرته لله، مرسلين القواعد وملخص الحياة في ثالوث فريد عظيم.