السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

"هوس" الشهرة على السوشيال ميديا بـ "فيديوهات" تافهة واستغلال الأطفال

الأحد 03/يناير/2021 - 10:36 م
هير نيوز


- "البرجي": مايحدث انتهاك صارخ لحرية الطفل وتعدي سافر على حقوقه

- "أبوسعدة": الساعيات للشهرة بفيديوهات تافهة لديهن سمات الشخصية الاضطرابية 

- "أبوالحسن": طلب الشهرة "مشروع" مالم يتحول إلى مرض يؤذي الإنسان 

كثير من الناس معروفون بالاسم، منهم العاملون بالفن، على سبيل المثال لا الحصر، لابتوقفون عن لفت إنتباه الآخرين، وقد اتسعت تلك الدائرة لتشمل فتيات صغيرات يسعين للشهرة بالغناء والرقص وأساليب أخرى توجد بتطبيقات الهواتف المستخدمة للإنترنت، وزاد الأمر سوءًا بعد أن أصبح بعض الآباء والأمهات يستخدمون أطفالهم في تصوير مقاطع ڤيديو لمحتوى تافه في معظمه لتحقيق شهرة ومكاسب مالية فى آن واحد. 

وهذا يعد تطورًا كبيرًا في مفاهيم المجتمع العربي، وخاصة المجتمع المصري، والذى تعد المرأة فيه مثالاً يُحتذى به، وقدوة للأسرة ولزملائها في العمل، والسؤال مالذي حدث ليتركن دورهن الأساسي ويتبعن طرقًا تافهة كالتي أشرنا إليها؟ 

الدكتورة هناء أبو سعدة أستاذة علم النفس، قالت: "من يحاولون تحقيق الشهرة عادةً هم فئات لها سمات الشخصية الاضطرابية الهيستيرية، وهو مرض عصبي أو نفسي يميل المصاب به لجذب انتباه الآخرين، وهو أمر منتشر جدًا بين الفنانات اللواتى يبحثن عن طريقة تجعلهن محور اهتمام العالم دائمًا، كما يحدث في مهرجانات الدراما والأفلام في صورة مرفوضة أحيانًا لشكل الملابس وغيرها من أساليب الجذب المبالغ فيها. 

وتابعت، "إن الفتيات اللواتي يدخلن الفيسبوك واليوتيوب وغيرها من التطبيقات برداء جديد كل مرة، يكون هدفهن صنع هالة حولهن بغرض الشهرة وجذب الانتباه ليس أكثر، وهن أكثر الفئات عرضة للاكتئاب بسبب رفضهن للانتقاد واعتقادهن أنهن شخصيات مرحة ومفضلة لدى الجميع. 

وأكدت أن أسباب هذه الإضطرابات غير معروفة حتى الآن، ولكن على مايبدو أن الجانب الروحاني والتربية الصحيحة التي تعلم كيفية قضاء أوقات الفراغ والتعريف بمخاطر إستخدام الإنترنت، كلها تعد أسبابًا لهذه الحالة السلوكية لدى بعض النساء.

وأضاف الدكتور طه أبو الحسن أستاذ علم الإجتماع، إن الحرص على طلب الشهرة في العديد من فصائل المجتمع الآن حتى المشهورين بالفعل من الممثلات وغيرهن من الفتيات والرجال أيضًا، ليس شيء غريزي عند الجميع، فالبعض يحب أن يكون معروفًا، بينما فئة أخرى ترفض جميع أشكال الظهور. 

وتابع، ولكن التخطيط للشهرة أصبح هدف لبعض شرائح المجتمع بغرض الكسب المادي أو إشباع رغبات للشخصية الباحثة عن الشهرة، ولكن الأمر يحمل بعض الجوانب الإيجابية كمن يود أن يكون مشهورًا في مجال الطب أو المحاماة بهدف مساعدة الآخرين بجانب جني المال. 

واستطرد " أبو الحسن"، ومن يبحث عن الشهرة في التمثيل أو الغناء لكسب محبة الآخرين إلى جانب تحقيق ربح مادي، وفي هذا النطاق لابأس أبدًا من طلب الشهرة، مالم يتحول الأمر لمرض يؤذي الإنسان نفسه به، وفي مجتمعنا الحالي وبعد تغير الكثير من العادات المتحفظة للأسرة أصبحت السيدات هن الأكثر طلبًا للظهور والشهرة والوجود الدائم الدائم في الذاكرة القريبة للناس ليصبحن ضمن قائمة الاختيارات الأولية في كل شيء. 

وأكد أن طلب الشهرة يحمل جانبًا سلبيًا على الباحثين عن الشهرة فوق سن الأربعين والخمسين، وهو السن الذي لن تستطع فيه السيدات من الفنانات وغيرهن أن يكن محط اهتمام خاص، إلا ببعض الطرق المبتذلة التي تسيء إليهن، وربما إلى تاريخ أعمالهن السابق، وينطبق هذا على بعض الرجال في هذا السن أيضًا، لأنهم ربما لن يستطيعوا تبادل نفس التواصل الإجتماعي كما كانوا في السابق مع الآخرين، وفي النهاية فإن احترام النفس أولى وأعظم من تحقيق أي مكسب شعبي أو مادي.

أما عبد الوهاب أبو جازية الطبيب النفسي، فكشف عن رؤيته بشأن هذا الهوس في شقين، أولهما مايخص المشاهير، حيث قال، إن الإنسان بطبعه جبل على حب الرؤية والظهور حتى الطفل يبكي دائمًا ليلفت انتباه أمه أو يقوم ببعض الحركات ليلفت انتباه الغرباء. 

وتابع، لذلك فالباحثين عن الشهرة ليس لهم طريق للظهور سوى مواقع التواصل الإجتماعين، وخاصة إن كان معظمهم لا يعمل في وظيفة أو منصب يحقق له هذه الرغبة، ويساعد الفنانات في هذا الشيء عدم وجود ( Code Dress)، الذي يحدد لها لباسًا معينًا ومتعارف عليه لحضور المهرجانات والمؤتمرات، فيرتدين ما يتراءى لهن من ملابس عارية، لأنها إذا ارتدت ملابس محتشمة لن تنتبه لها الصحافة، لأن الصحفيين يكتبون عن الفنانات اللواتى يظهرن أجسادهن.

واستطرد، وهذا يكشف فقر ثقافة المجتمع وضحالته والذي لايدرك القيمة الفعلية للفن الذي تقدمه هؤلاء الممثلات ويشجعهن على التصرف بشكل خاطيء لتكن محل إهتمام وسائل الإعلام المختلفة، وإلى جانب حب الظهور والتقليد الأعمى وضحالة فكر المجتمع هناك سبب مهم أخر، وهو قوة تأثير السوشيال ميديا على الجمهو، بل وقدرتها على تغيير قرارات مهمة كالقرارات الرئاسية مثلا، فالبروباجندا التي تصنعها هذه المواقع والتطبيقات قادرة على فعل الكثير مهما كان المحتوى سيء وتافه، وهذا يدعم فكرة نوعية البضاعة المعروضة ستناسب الجمهور المشتري. 

وأكمل "أبو جازية" حديثه في الشق الثاني قائلًا، إن إستغلال بعض الآباء الأمهات أطفالهم في الظهور على السوشيال ميديا يرجع إلى أنه أصبح أسهل الطرق وأسرعها لجني المال، مثل ماحدث مع الزوجين الأشهر على اليوتيوب واللذان تم القبض عليهما بتهمة استخدام طفلتهما بعد أن حققا أموالا طائلة من وراء هذه الڤيديوهات، ولا بأس لديهما من قضاء بعض أيام العقاب التي ستنتهي قريبًا ليكملا مابدآه، فضلا عن تقليد الوالدين لغيرهم حين يشاهدوا ما يحققه أطفال آخرين من مشاهدات ومكاسب مادية في مقاطع مصورة، إضافة إلى العجز أو العوز مع قلة التعليم والثقافة التي تجعل الآباء والأمهات يبحثون عن طرق مبتذلة للوصول إلى المال. 

بينما أشار الدكتور هشام البرجي المدرس بكلية الإعلام بقسم الإعلام الجديد ومؤلف كتاب ( الأسرة ومواقع التواصل الاجتماعي )،إلى أن هناك مواثيق وتشريعات دولية ضمنت وحفظت حقوق الطفل بكل أشكالها، ونصت بشكل واضح على حماية الطفل وعدم استغلاله بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى. 

وأكد "البرجي" أن محاولة بعض صانعي المحتوى أو اليوتيوبرز من استغلال الأطفال بشكل عام أو أبنائهم بشكل خاص في محاولة لاكتساب تعاطف المشاهدين ومن ثم زيادة معدلات المشاهدة وعدد المشتركين في قنواتهم الإلكترونية، هو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا حتى لو أكد بعضهم على أن الطفل يعيي وعيا تامًا أنه يؤدى أمام الكاميرا. 

وتابع، فهذا يعد انتهاكا صريحًا لحرية الطفل وتعديًا سافرًا على حقوقه، لافتًا إلى مواقف مشابهة أثارت غضب عدد كبير من الجمهور، منها على سبيل المثال لا الحصر، تصوير طفل خائف كنوع من الدعابة "السخيفة" معه، وغيرها من المواقف المتنوعة. 

وطالب "البرجى"، بضرورة سن قوانين تطبق بشكل سريع وفعال على تلك القنوات الإلكترونية في حالة تم رصد حالات مشابهة بل وتغليظ العقوبة، لأن العواقب النفسية قد تكون وخيمة على الطفل في المستقبل، سواء القريب أو البعيد.