السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

انتحار الحب داخل سجن فتحية شلجم في "حريم النار" بمهرجان المسرح

الأحد 27/ديسمبر/2020 - 09:44 م
هير نيوز


شهد مسرح الطليعة بقاعة "زكي طليمات" تقديم العرض المسرحي "حريم النار"، من إنتاج فرقة الطليعة التابعة للبيت الفني للمسرح، تأليف شاذلي فرح، وإخراج محمد مكي، وذلك ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ 13. 

العرض مأخوذ عن الرواية العالمية "بيت برنارد ألبا" للكاتب الإسباني فدريكو جارسيا لوركا، وتم تمصيره برؤية مستحدثة ليعبر جنوبنا المصري، ويتعرض بمناقشة قضايا المرأة الصعيدية ومعاناتها مع العادات والتقاليد التي تكبلها وتقهرها وتسلبها الكثير من حقوقها الإنسانية. 

وتدور أحداث العرض حول "فتحية شلجم" وبناتها الخمس، ومن خلال المشهد الأول، يتم إعلان حالة الحداد بعد وفاة الزوج، ليبدأ من هنا الصراع بين الأم القاسية الصارمة وبناتها المحبات للحياة، حيث تجسد الأم المرأة المتمسكة بعادات وتقاليد مجتمعها وتفرط في تزمتها على بناتها بسجنهن بالبيت سبع سنوات، داخل جدران المنزل، ولا يسمح لهن أبدًا بالتعبير عن رغباتهن المكبوتة أو الاعتراض على حرمانهن من كل حقوقهن حتى في الإفصاح عن الحب. 

وتستمر الأحداث حتى يأتي الفارس المخلص "أحمد علي"، حلم كل واحدة منهن، فيتقدم لخطبة أكبر البنات، ولكن تقع الابنة الصغرى "قوت القلوب" في حبه، فتقرر التمرد ثم الفرار معه، بعد أن علمت أنه يبادلها نفس الشعور، فقررت الحفاظ على الحبيب والتنصل من العادات والتخلص من القيود لنيل الحرية من خلاله.

ويظل "أحمد علي" محورًا للصراع الخفي وطوق النجاة للبنات، لنكتشف بمرور الأحداث أن كلهن يقعن فريسة له تحت غطاء الحب، ولكن الخادمة التي تكتشف الحقيقة وتفصح بها للأم، فتثور "شلجم" وتقرر الانتقام بقتل "أحمد علي"، ولكنها في النهاية تقتل ابنتها، وكأنها تعلن عن موت الحب وتكبيل الحرية، في إشارة إلى استمرار المعاناة والقهر والقيود داخل مجتمعها.

ويعد العرض المسرحي من أبرز العروض التي قدمت بعام 2020 في مجال الاهتمام بالمرأة في المجتمع الجنوبي وقضايها، كقضايا الميراث، ويسعى لتغيير الوضع الذي يهمش دور المرأة ويعرضها دومًا للقهر، من جانب الأنثى نفسها ليؤكد القهر الأنثوي الذاتي وإشكالية الزواج المبكر؛ مستغلًا الجهل وعدم الوعي واكتساب الخبرة في مواجهة الحياة لقلة ثقافتها وعدم إدراكها لحقوقها.

ويشارك في بطولة العمل الممثلون: عايدة فهمي، منال زكي، عبير لطفي، نشوى إسماعيل، نسرين يوسف، أميرة كامل،أمنية النجار. ديكورد. محمد سعد، أزياء: شيماء محمود، موسيقى وألحان: محمد حسني، مصمم استعراضات: محمد ميزو، مصمم إضاءة: إبراهيم الفرن، تأليف: شاذلي فرح، وإخراج محمد مكي.

وأوضح محمد مكي مخرج العرض أنه قدم "حريم النار" حرصًا منه على تجسيد وتقديم عمل مصري له طابع فلكلوري من جنوب الصعيد، لافتًا إلى أنه تناول فى وقت سابق نصوص تنتمي للمسرح الغربي أو العالمي نتيجة لثراءه برؤيا متعددة.

وتابع " محمد مكي "ولكن حريم النار تجربة مختلفة متوجهة نحو مسرح مصري أصيل صعيدي له رسالة، قام بتمصيره" شاذلي فرح " ليواكب تناول قضايا نسائية مهمة، والقصة تحمل كمًا كبيرًا من المشاكل والعلاقات الشائكة والغاضبة والقامعة لمجموعة من البنات اندثرن أو متن وهن أحياء نتاج تعامل الأم الملوثة بالتقاليد الظالمة والخاطئة، كتحريم الحب، والغلق على بناتها دوما، وسنوات الحداد الطويلة. 

واستطرد، وذلك لأنها عانت من القهر وهي في سن مقارب لبناتها، وتزوجت أكثر من مرة ولم تقترن بمن أحبت، لأن المجتمع يشجب فكرة الحب من منطلق العيب، فتتزوج دون رغبتها ليصل بها الأمر أن تحرق أحد أزواجها! فكيف لها أن تربي بناتها تربية سليمة؟! 

وقال أكد محمد مكي، إن العرض المسرحى يواجه العادات والتقاليد البالية غير الحقيقية التي أفرزت نتيجة لأفراد تعاني من الضياع والمشكلات النفسية، ولذلك سلطنا الضوء على تلك العادات والتقاليد التي مازالت مستمرة حتى وقتنا الحالي، والتي بجب أن نؤكد أن منها ما هو راقٍ، وأخرى لابد من تغييرها.

وأضاف" مكي" وما أردت توصيله للجمهور أن الحب ليس مٌحرمًا حتى لو من منطلق حب الأم لبناتها وحنوها عليهن، وأيضا عذوبة العاطفة بين الرجل والمرأة، فالأديان لم تٌحرِم الحب في نطاقه الصحيح، وليس كل ما صدر للمجتمع من مفاهيم خاطئة حقيقي، فالمرأة أساس المجتمع ويجب أن تحترم وتعبر عن مشاعرها، فالقمع والقهر يولد ويفجر كل المساوىء التي يعاني منها المجتمع.

وأوضح " مكي" كان يجب أن تكون البيئة العامة في المشهد مشابهة للبيئة الصعيدية من خلال الديكور، وعبرنا عن الصعيد من خلال اللكنة والملابس، وعلى الرغم من التقيد بملابس الحداد،فإننا تخلينا فى بعض المشاهد عن اللون الأسود الخاص بالحداد لنرى مكنون تلك الشخصيات داخليًا فالعشق لونه مبهج، وحرصت في الموسيقى على إظهار روح لوركا وروح الآلات الغربية والدمج بينها وبين الآلات الشعبية الصعيدية. 

واختتم " مكي"، بقوله، إن المهرجان القومي يعد عُرسًا جميلًا لأي مخرج أو ممثل مسرحي مصري، ولا يٌعنيني الحصول على جائزة، فالجائزة الحقيقية هي حب الجمهور، متمنيا للمهرجان في دورته الحالية أن يكون موفقا، ويقدم عروض مميزة وتنافسية لأننا في النهاية نمثل هويتنا المصرية.

تتكون لجنة التحكيم من للمهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الثالثة عشرة من: د.أسامة أبو طالب رئيسا، وعضوية كل من الموسيقار منير الوسيمي، والفنان جمال عبد الناصر، والفنان محمد أبو داوود، ود. صبحى السيد، ود. عاطف عوض، والمؤلف وليد يوسف، ومقرر اللجنة المخرج محمد نور، وأمين اللجنة محمد البنان.

يذكر أن الدورة الثالثة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان يوسف إسماعيل، تقام في الفترة من 20 ديسمبر 2020 إلى 4 يناير 2021، وتحمل اسم دورة "الآباء"، ويحتفل المهرجان خلالها بمرور 150 عاما على المسرح المصري.

ads