السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

"شيماء" عن غربتها: "الإعلام المصري سبب البلاوي اللي بنشوفها"

الخميس 31/ديسمبر/2020 - 01:17 ص
هير نيوز


حين نفكر بالاغتراب فلكل منا أسبابه، لكن المتفق عليه أن الهروب من المشاكل الأسرية يعد العامل المشترك بين أغلب المغتربات، وذلك إلى جانب السعي إلى إيجاد العمل الجيد وتحقييق مستوى مادي مناسب، فعند وجود المشاكل الأسرية يكون البعد راحة لكل الأطراف، "شيماء هـ "، طبيبة تغذية من طنطا مغتربة بالمملكة العربية السعودية منذ 10 سنوات ولديها ثلاث بنات، قبل سفرها إلى السعودية كانت تعمل بمستشفى مطروح العام لظروف عمل زوجها هناك وظلت بها 4 شهور، بالإضافة أنها عملت بأحد المستشفيات الخاصة وبعد تلك الفترة غادرت إلى السعودية لتبدأ فصلاً جديدًا من حياتها.

شيماء تروي لـ"هير نيوز" تجربتها مع الغربة، وكيف اختارت أمومتها وفضلتها على العمل، كما توجه بعض النصائح من واقع خبرتها لمن تخوض تجربة الإغتراب.

"شيماء" كانت ترغب بشدة في الرحيل والبعد عن الصراعات التي كانت تحيط بأسرتها، ولكن لكل مكان جديد رهبته فتصف لنا قائلةً، "حين جاءت لحظة السفر كنت قلقة من كل شيء، فأنا ذاهبة لمكان لا أعلمه ومازلت غير متأقلمة على الحياة الجديدة هناك، إضافة إلى ذلك كانت ظروفنا المادية غير جيدة، ومع ذلك كنت دائمًا أتذكر أن الهدف من تلك السفرية، هو الابتعاد عن المشاكل مع الأهل، فكنت أهرب بالسفر والقصة ليست طموح ومستقبل، فالضغط المادي والنفسي عامل جعلني أرغب بالسفر بشدة، ولأن البعد كان صعبًا علي أرسلت لوالدتي فخففت عني صعوبة تلك الفترة".

معادن الناس

تتذكر "شيماء" أصعب لحظة مرت عليها وهي بالغربة والمعاناة التي جعلتها عاجزة عن فعل شئ لنفسها ولعائلتها هناك وبنبرات لا تخلو من الحزن روت لنا، ما أصعب الغربة، خاصة حين تضعك في موقف به التعب والمرض، فقد أصبت بـ"فيرس سي"، وتلك الفترة كانت طبيعة العلاج مختلفة عن الآن، فظللت أسبوعيًا لمدة عام ونصف آخذ حقنة وكانت حرارتي ترتفع بشدة، ولم أستطع فعل شئ، وعبرت عن حالتها قائلةً، "ماكنتش لاقية حد يطبطب عليا وصعبت عليا نفسي أوي، كان هذا أصعب شئ أمر به." 

تابعت: ضمن أصعب ما مررت به هو ولادة ابنتي وكنت بمفردي معي زوجي فقط، ولم أستطع أن أحضر والدتي، وكنت مرعوبة من فكرة أنني سألد بمفردي ولم يكون معي أحد، كما أن لدي بنتين وكان وقت دراسة، وأحسست بأن الظروف تجمعت سويًا، ورغم ذلك وجدت رغم خوفي الشديد الله أرسل لي من يساعدوني، خاصة أن علاقاتي هناك كانت سطحية بالآخرين، فوجدت بعض السيدات من هناك كن يأتين إلي المستشفى لكي يقدمن لي الرعاية، ومنهن من كانت تهتم ببناتي وتحضر لهم سندوتشات المدرسة في تلك اللحظة شعرت، أن ربنا بيطبطب علي وشعرت كأنه بيقولي ماعرفتيش تجيبي مامتك فأنا أحسن من الكل. 

من المشاعر الصعبة التي تتذكرها "شيماء" أيضا، هو افتقادها الشديد لوالدها ووالدتها وأختها وعبرت عن ذلك بقولها:" الحاجة الوحيدة اللي بفتقدها في الغربة هم أمي وأبوي وأختي، فكرة أنهم جنبك وفي حضنك فالكلام والإحساس بأن عينك في عين اللي قدامك مختلف عن الكلام في التليفون."

كانت ترغب "شيماء" في أن تنشأ بناتها ويكبرن وسط عماتهم وخالاتهم، وكانت تتمنى أن ترى لحظات حلوة بينهن من ضحك وهزار ولكن الغربة منعتها من عيش لحظة كهذه. 

معاناة سببها الإعلام

الإعلام وما يصدره من صور عن طريق الدراما أو الأفلام والبرامج، يشكل صور ذهنية عن المجتمع الذي يخرج منه، وما يتم تصديره عن المرأة المصرية شكل صورة سلبية عنها لدرجة جعلت شيماء تعاني من النظرة السيئة التي توجه إليها كونها امرأة مصرية، لذا حاولت شيماء طيلة الوقت شرح الخطأ الذي صدره الإعلام والدراما.

روت لنا شيماء ما تعرضت له قائلة، "ينظر إلى المصريات هناك على أنهن نساء لا يتمتعن بالأخلاق وهذا أكثر ما كان يسبب لي الضيق فتركيز الدراما على عرض نماذج لنساء منحرفات أخلاقيا أو راقصات جعل السعوديات يعتقدن أن جميع النساء كذلك. 

وتابعت: فكان علي طوال الوقت أن أثبت لهم العكس، فمن خلال تعاملاتنا معاهم ورؤيتهم لمدى إلتزامنا،خاصة حين نتعامل مع الرجال بدأوا بتغيير النظرة، بالإضافة إلى ذلك كنا نصحح لهم تلك الصورة ونوضح لهم أن ما يعرض غير صحيح، هم لا يعرفون عنا حقيقتنا ومدى تمتعنا بالجدعنة والتحمل والصبر والطيبة، كما أن مع الأسف الرجال المصريين لم يحاولوا تصحيح تلك الصورة، لذا أنا و5 مصريات آخرين كن معي استطعنا أن نصحح لمن يعمل معنا تلك الصورة من خلال توضيح ما تقدمه المرأة من تضحيات بمجتمعنا ودورها في مساندة أسرتها ودائما نقول لهم ما يعرضه الإعلام ليس حقيقيًا. 

الأمومة مقابل العمل

نحن في عصر أصبحت أغلب قوة العمالة من النساء ودائما ما توضع النساء ما بين دوامة العمل ودوامة أسرتها، وما أصعب أن تضعنا الحياة في موقف علينا فيه الاختيار ما بين ما نريد ونحب وما بين ما ينبغي علينا فعله، شيماء وضعت في الاختيار ما بين عملها وطموحها وما بين أمومتها فماذا اختارت هذا ما ستقوله لنا، " تركت عملي لأن ابنتي صغيرة جدًا وكنت أخذها معي العمل، وحين كنت آراها تجلس معي لفترات طويلة من 6 صباحا لـ 2 ظهرا، فشعرت بالذنب اتجاهها فهي تكبر ولا تستطيع أن تعيش حياتها كطفلة، عبرت "شيماء" عن مشاعرها في هذا الموقف قائلةً، " قلبي وجعني عليها أوي وحسيت أن ضميري بيأنبني وأنا شيفاها مش قادرة تتبسط ولا عارفة تلعب فقررت أسيب الشغل "

نصائح من واقع التجربة 

من شده الأثر التي تركته الغربة في شخصية شيماء كانت دائما تردد أنه لو عاد بها الزمن مرة آخرى لاختارت السفر مرارًا وتكرارًا، ووجهت عدة نصائح لمن سيخوض التجربة فقالت، تعلمت أشياء كثيرة بالغربة لم أكن لأتعلمها لو بقيت بمصر، فالإعتماد على النفس واكتساب قوة الشخصية وتحمل المسئولية يأتي من تجربة السفر، ففي بداية أيامي كنت أشعر أنني ضعيفة جدًا لدرجة إني لا أستطيع إلقاء القمامة بمفردي. 

وتابعت: فكنت أخشى أن اتصرف في أي موقف ويتسبب في أذى لي، كما نصحت بأهمية اكتساب المعارف والأصدقاء من هناك قائلةً، "حاول تعمل لمة في الغربة عشان ماتبقاش وحدك " فحين ظللت 3 سنوات دون أن اتعرف بأحد فجاءت الأزمة التي سبقت ذكرتها وأيقنت بأهمية وقيمة أن يكون لديك أصدقاء ولمة ويكون لديك عائلة في الغربة، وعبرت عن ذلك "الأصحاب في الغربة بيقوا ويجمدوا القلب، وعلى فكرة مالهاش علاقة بالجنسية أنا لقيت سعوديات وأردنيات كن جدعان معايا جدًا". 

وقدمت "شيماء "نصيحة آخرى عن أهمية التواصل مع الأهل رغم البعد، حيث قالت، "ماتبعديش أوي وحسسي أهلك وحبايبك إنك موجودة، خليكي رايحة جاية كل شوية بلاش تطولي في بعدك ولما تنزلي إجازة طولي فيها واشبعي من أهلك."