رضا سليمان يكتب.. العين الثالثة
لكن أحب أن أتكلم عن مشهد مهم فى الفيلم أو قضية مهمة تطرق لها العمل الفني بشكل كارثي. وأنا هنا سوف أنظر لها من زاوية رؤية مختلفة.. أعتقد أنها ضد، أو هى نظرة مخالفة للجميع.
وأقصد قضية مرافعة المحامي مصطفى (أحمد زكى) عن المجرم الذي اغتصب الفتاة.. وفى جلسة المحاكمة يتقدم المحامي إلى القاضي ومعه المحبرة (دواية حبر) ثم يبحث عن قلم يعطيه للقاضي ويطلب منه إدخال القلم في دواية الحبر، طبعا المعنى الرمزي للقلم ودواية الحبر واضح.. وهنا يندهش القاضي ويسأل: كيف أدخل القلم والفتحة مغلقة ؟!
يجيبه المحامى: إذن لابد من فتح المحبرة حتى تستطيع إدخال
القلم ؟!
ثم يفتحها ويطلب منه إدخال القلم.. وحينما يحاول القاضي إدخال القلم.. يحرك المحامى دواية الحبر يمينا
ويسارا فلا يستطيع القاضي إيلاج القلم فى فتحة الدولية المتحركة!!
وهنا يصرخ المحامى: إذن يجب تثبيتها حتى تستطيع إدخال القلم؟!
أى لابد من فتحها.. ثم تثبيتها.. حتى يتم إدخال القلم..
وهذا ما حدث فى القضية محل الدعوى حيث فعلت الفتاة برغبتها ما يمكن المجرم وبالتالى يسقط عنصر الاغتصاب ويقف القاضى مكتوف الأيدي.. ويحصل المجرم على البراءة!! ولا تحصل الفتاة المغتصبة على أى حق من حقوقها .. ويصفق الحضور فى المحكمة لنصفق نحن خلفه بدون تفكير فى أبعاد القضية وما يمثله موقف مثل هذا عند الكثير من أصحاب العقول والنفوس الضعيفة.
زاوية الرؤية الأخرى التى تحدثت عنها هى: لقد سقط جانب رئيسي
فى القضية وهو عنصر استخدام القوة الذي استخدمه المجرم.. فكان على القاضى أن يفرق
بين نفسه كرجل هادئ متزن وبين المجرم المغتصب .. وكان عليه أن يمد يده ليفتح المحبرة
.. ويمد يده ويثبتها حين تتحرك كما فعل المجرم من فتح وتثبيت بالقوة.. فحركة القاضى
تماثل عنصر القوة المستخدم فى عملية الاغتصاب .. وعنصر القوة المستخدم ينفي عنصر موافقة
الفتاة..
والفتاة هنا تجرأت
هى وأهلها وأقاموا دعوى قضائية ضد المجرم ولكنها، بسبب محامى متلاعب وقاضي ضعيف، لم
تحصل على حقها .. بل ووصفت بأن ما حدث لها كان برغبتها .. وفى ذلك إشارة وتوجيه خفى
لكل فتاة يتم اغتصابها بالقوة ألا تحاول رفع قضية وتفضح نفسها، فقد يحدث لها ما صورته
الدراما من قبل..
أضاع المشهد الذي أبهرنا وصفقنا له حق الفتاة ووصفها ظلما
بالمتواطئة .. وليس هذا فقط .. بل برأ المجرم!!
وطبعا مش حابب أقول كلام كبير زى مجتمع ذكوري واضطهاد المرأة
.. إلخ
لكن باختصار غياب العين الثالثة "عين الرقابة"
وهى فيصل بين عين صناع العمل وبين عين الجمهور.