مُسلمات الهند خلف الأسوار.. "جهاد الحب" سلاح الجريمة.. والحكومة الجانية
يعيش المُسلمون في الهند مآسي متلاحقة بسبب العنصرية الشديدة والاضطهاد من قبل الهندوس خاصة منذ تولي رئيس حزب بهاراتيا جاناتا القومي اليميني المتطرف ناريندرا مودي السلطة في عام 2014 مع أجندة لجعل الهند دولة هندوسية بدلًا علمانية، واجه مسلمو الهند - الذين يشكلون 14 ٪ من البلاد - اضطهادًا متزايدًا غالبًا برعاية الدولة.
ويواجه المسلمون الذين يعانون بالفعل من الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، التمييز والمقاطعة وحالات القتل العشوائي وتعديل حديث لقانون الجنسية، تم تقديمه في ديسمبر، يقضى بأن اللاجئين من جميع الأديان باستثناء المسلمين يمكن أن يحصلوا على الجنسية الهندية.
واعتبرت "الجارديان" البريطانية أن فوز مودي الساحق في إعادة انتخابه في مايو من العام الماضي شكل تصعيدًا في الأجندة القومية الهندوسية، كما عزز قادة وسياسيون بحزب بهاراتيا جاناتا الخطاب المعادي للمسلمين.
فقد شهد مؤخرا المسلمين فى عدد من المناطق النائية والقرى حملات عدائية وحرق آخرها فى بلدة تيلينيباره الهندية مستغلين الإغلاق المفروض بسبب فيروس كورونا، حيث قام حوالى 100 مسلح حاملين للقنابل الحارقة والقنابل الحمضية واسطوانات الغاز وقنابل المولوتوف والمتفجرات عبروا خلسة على متن قوارب صغيرة نهر الجانج ووصلوا إلى هدفهم، ثم انقضوا على أهل القرية، وأدى الهجوم العنيف لمقتل أكثر من 50 شخصًا أكثرهم من النساء.
وبحسب روايات عديدة مقدمة لصحيفة "الجارديان"، فإن الجناة كشفوا عن هويتهم للنساء المسلمات وهددهن بالاغتصاب والقتل أثناء قيامهم بأعمال التخريب.
ونقلت الصحية عن روبينا خاتون، 22 سنة، التي كانت مع ابنها البالغ من العمر أربع سنوات عندما تعرض منزلها للهجوم: "لقد دمرنا، لقد حولوا كل شيء إلى رماد ألقوا قنابل بنزين على غرفتنا وأشعلوا فيها النيران، وتعرضت جميع المنازل المسلمة للهجوم وتم إحراقها أو تدميرها.
وعلى الجانب الآخر كشفت مؤخرا صحيفة "الاندبندنت" البريطانية عن قصة امرأة هندية سُجنت وهي حامل بسبب اعتناقها الإسلام واعتُقل زوجها وشقيقه، بموجب قانون جديد مثير للجدل يستهدف الزيجات بين الأديان والذى نادى به منذ شهور رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي.
الصحيفة أشارت إلى أن موسكان جهان، التي كانت تُعرف باسم "بينكي" قبل أن تتحول عن الهندوسية إلى الإسلام وتتزوج من شريكها المسلم رشيد قبل ستة أشهر، قد خرجت من ملجأ للنساء تديره الحكومة يوم 14 ديسمبر، حيث قالت إن السلطات كانت تحتجزها ضد إرادتها لأكثر من أسبوع.
وقعت محنة جهان في ولاية أوتار براديش الشمالية، التي أقرت مؤخرًا قانونًا يقمع التحويلات الدينية التي يعتبرها غير قانونية، ومنها تلك التي تكون بغرض الزواج من صاحب دين مخالف.
ويأتي ذلك القانون وسط حركة أوسع نطاقًا بين الجماعات الهندوسية اليمينية ضد ما يُشيرون إليه باسم "جهاد الحب"، وهي كما قالت الصحيفة نظرية مؤامرة معادية للإسلام تؤكد أن الرجال المسلمين يتآمرون سرًا لتحويل النساء الهندوسيات عن دينهن من خلال الإغواء أو الزواج القسري، إلا أنه وعلى الرغم من التحقيقات العديدة للشرطة، فإنها لم تجد دليلًا على وجود مؤامرة من هذا النوع.
كانت جهان قد سافرت وزوجها لتسجيل زواجهما في 6 ديسمبر، لكنهما وُوجِها باعتراضات مجموعة من الرجال عندما تبين أن السيدة كانت هندوسية في السابق، وبحسب ما ورد، فإن مجموعة من الرجال الذين يرتدون ثيابًا بلون الزعفران قد اقتادوا الزوجين إلى أحد مراكز الشرطة في مراد آباد، حيث ألقت السلطات القبضَ على رشيد وشقيقه بتهمة إجبار امرأة على التحول من الهندوسية إلى الإسلام عن طريق الزواج منها، واحتُجز الاثنان إلى الإسلام عن طريق الزواج منها، واحتُجز الاثنان بموجب المادة 3 من قانون مكافحة التحول بين الأديان الجديد.
وتقول "جهان" إنها طلبت العودة إلى منزلها مع أهل زوجها، لكنها بدلًا من ذلك نُقلت قسرًا إلى دار استضافة حكومية للنساء في مراد آباد، لكن المفاجأة الأبرز جاءت بعدما زعمت جهان خلال حديثها لوسائل الإعلام لأول مرة بعد مغادرتها الدار، أنها قد تعرضت لـ"التعذيب"، ومرضت، ليعطيها أحد الأطباء أدوية وحقنة نزفت بعدها بغزارة وتعرضت للإجهاض.
"جهان" قالت في مقطع فيديو نشره صحفي محلي عبر الإنترنت: "في البداية عندما شعرت بتوعك، لم يأخذوني إلى الطبيب، لكن عندما ساءت الأمور، نقلوني إلى المستشفى. بعد الحقن الأول والأدوية، بدأت أنزف، قبل أن يزداد النزيف في وقت لاحق وتفاقم مرضي، وتعرضت للإجهاض".
كما تناشد "جهان" في الفيديو الإفراجَ الفوري عن زوجها وصهرها قائلةً إنها قد تزوجت بمحض إرادتها الحرة، وعلى الجانب الآخر، أنكر مسؤول الشرطة المحلي راجيش جوبتا بشدةٍ مزاعم جهان، قائلًا إنها على حد علمه لم تفقد طفلها.
وقال جوبتا لصحيفة الإندبندنت: "لا توجد خدمة علاجية داخل دار الاستضافة. إذا اشتكى أحدهم مشكلةً صحية، فإننا نأخذه إلى مستشفى حكومي، وأنا أنفي تمامًا الادعاء بأنها قد تلقت حقنة داخل الدار، فنحن ليس لدينا طبيب في الداخل من الأصل"، وأضاف جوبتا أنه "قد تحدث إلى الأطباء، وأبلغوه بعدم حدوث إجهاض، وأن حملها مستمر".
ومع ذلك، تأتي هذه القضية لتُضاف إلى قائمة طويلة من الاعتقالات المثيرة للجدل والتدخلات الحكومية في الزواج بين الأديان منذ صدور القانون الجديد الذي يُجرّم التحول عن الدين من أجل الزواج. وشملت تلك التدخلات واقعةً أخرى أوقفت فيها الشرطة حفل زفاف مقررًا في وقت كانت الاستعدادات للحفل جاريةً بالفعل.
كما وصف نشطاء حقوقيون وخبراء القانونَ بأنه "تشريع معادٍ عنصريًا يستهدف المسلمين"، ويقولون إنهم يخشون أن يُستخدم للإيقاع بالأزواج الشرعيين بين الأديان واستهدافهم وترهيبهم.
وقال الباحث الهندي البارز يوجيندير سيكاند في كتاب صدر منذ شهور إن وسائل الإعلام الهندية وبتحريض من قوى سياسية لها أهداف خاصة لا تتوقف عن إثارة الرأي العام الداخلي ضد كل ما هو إسلامي من خلال التخويف من خطر وهمي يتمثل في إرهابيين إسلاميين تلقي السلطات الأمنية القبض عليهم يوميًا بينما هم في الحقيقة أفراد بسطاء عاديون من أبناء الجالية.
وقال الباحث الهندي سيكاند الحاصل على درجة الدكتوراة في التاريخ من لندن والمحاضر بمركز دراسات جواهرلال نيهرو: إن الحرب الدولية التي قادتها الولايات المتحدة ضد ما أسمته الإرهاب الإسلامي منحت العديد من حكومات العالم الفرصة لتصفية حساباتها مع الأقليات المسلمة التي تعيش في بلادها، وتأتي الهند على رأس الدول التي حرصت على استغلال وصف المسلمين بـالإرهاب لكتم صوت الجالية المسلمة لديها والتضييق عليها وممارسة كل أشكال التمييز ضد أبنائها.
وأكد الباحث على أن الشباب المسلمين في الهند يتم توقيفهم بصورة عشوائية يوميًا ويتعرضون لأبشع ألوان التعذيب والانتهاكات على يد الأجهزة الأمنية، ويوضع العديد منهم رهن الاعتقال بدون ثبوت أية اتهامات تتعلق بأنشطة إرهابية عليهم، كما تتعرض النساء المسلمات للاغتصاب بسبب دينهم.