الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

رولا سمور تكتب: أسبح في اليم.. لعله النجاة

الإثنين 31/مايو/2021 - 10:11 م
رولا سمور
رولا سمور

في الإنجاز متعة لا تضاهيها كثير من المتع، تضع هدفًا معينًا، تسعى إليه بكل جهد ويقين وتوكل، لتصل وتستمتع وتضع هدفًا آخر يقودك إلى إنجاز آخر ومتعة أخرى حتى تصل إلى مرحلة اليقين أنك تستطيع امتلاك الدنيا إذا أردت وتتعلق، تدريجيًا، بخطتك أنت وقدرتك أنت. ولأن امتحانات الدنيا لا تسبقها دورات تدريبية، ولأن الله يريد أن يتعلق قلبك به لا بالدنيا الغرور الفانية ليهبك خير الدارين، يصنعك بالابتلاء.
فالحياة تتقلب وتتحرك في لحظتين: يسر وعسر، قمة ووادٍ، فتح ويم! ما الذي يميز هاتين اللحظتين:

لحظة الفتح: خير، رزق من حيث لا تحتسب، انتصار، إنجاز، سعادة ومتعة يتعلق قلبك بها بالواهب المعطي. ويزداد تمسكك بخطتك وأدواتك وعنادك!

ولحظة اليم: ابتلاءات في الرزق، الصحة، الفقد، تسلّط الأحداث وصفعات الدنيا والأقدار، تُفاجأ وتحزن وتستغرب: لماذا؟ لماذا أنا؟ لماذا الآن؟ ما هو خطئي الذي ارتكبته؟ هل هذا عقاب الله لي في الدنيا؟ لحظات ثقيلة، غير مفهومة وإجبارية! فلا مفر منها ولا سبيل إلا بأن تخوض هذا اليم! يقترب منك الخير ظانًا أنك ملاقيه ومالكه، ليتسرّب كما يتسرّب الماء من بين الأصابع؟

ونتغافل أن لله حكمة، وأن الله لن يلقيك في يم إلا وأنت أهل له وقادر على خوضه حتى تتم صناعتك وتأهيلك لفتح جديد! لا تقاوم اليم ولا تنكره، بل ألق نفسك فيه وتعلّم خوضه حتى تتأهل لما أنت أهل له.

استشهد بذلك من سورة طه وقصة نبينا موسى "أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لي وَعَدُوٌّ لهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً منِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِ" (طه: 39).

فلقد أوحى الله لأمه أن تلقيه في اليم (النيل) لتداري خوفها من فرعون، الذي أمر بقتل كل الولدان، ليسبح التابوت حتى مرأى فرعون وامرأته آسيا، ليلقي الله المحبة في قلب العدو وامرأته لذلك الطفل ليعيش في نعيم الملك، وتتم صناعته للرسالة التي بشّر بها. يم يعقبه فتح وهكذا.

لا تحزن ولا تيأس، فالفرج آت لا محالة، سيدق بابك بعدما ظننت أن المفتاح لم يخلق.

القبس

ads