عباسية فرغلي.. أول مصرية تحصل على رخصة قيادة

لم يكن سهلًا على فتاة ولدت في محافظة أسيوط، أن تُقنع أسرتها بالسفر إلى الإسكندرية للإقامة هناك بمفردها، لكنها فعلتها وسمحت لها الأسرة بالذهاب إلى الإسكندرية لتتخرج في مدرسة "الجيزويت الفرنسية" ثم تلتحق بـ"فيكتوريا كوليج"، قبل أن تسافر لاستكمال تعليمها في المملكة المتحدة.

ومن شاطئ الإسكندرية كانت تنظر إلى تلاطم الأمواج وتتابعها، تسأل نفسها عمّا وراء هذا البحر، كانت تداعبها رغبة أكيدة في استكشاف عالم ما وراء هذا البحر الثائر دائمًا، تُرى ماذا هناك على الشاطئ الآخر، فتولّدت لديها عزيمة قوية على ضرورة المغادرة.

في الإسكندرية، انبهرت الفتاة "عباسية" بتلك الآلة الغريبة التي تمشي على أربع، بلا روح، وفي إحدى زياراتها لبلدها في أسيوط زاد انبهارها حين رأت والدها التاجر الكبير أحمد فرغلي، قد اشترى مركبة كتلك التي تمضي فتمخر العباب في شوارع الإسكندرية، فطلبت إلى أخيها محمد باشا فرغلي أن يعلّمها قيادة السيارة.

وهناك بدأت بالكشف عن مكنون تلك الآلة التي قال عنها أمير الشعراء أحمد بك شوقي " لَكُم في الخَطِّ سَيّارَه حَديثُ الجارِ وَالجارَه عَلى السَواقِ جَبّارَه إِذا حَرَّكَها مالَت عَلى الجَنبَينِ مُنهارَه وَقَد تَحرُنُ أَحيانًا وَتَمشي وَحدَها تارَه وَلا تُشبِعُها عَينٌ مِنَ البِنزينِ فَوّارَه وَلا تُروى مِنَ الزَيتِ وَإِن عامَت بِهِ الفارَه".

ولأنها الابنةُ المدللة، فكان لها ما أرادت؛ إذ ساعدها شقيقها محمد باشا فرغلي في تعلم القيادة، وذات مساءٍ صيفي صاف، رجَت والدَها أن يوافق على سفرها للخارج لاستكمال دراستِها، وبعد أخذٍ وَرَد، استطاعت أن تذيب جدارَ رفض الوالد بدمعات رقيقة راحت تنحدر على خدّيها، فوافق.

وقبل أن تُبحرَ بها السفينة من الإسكندرية إلى إنجلترا، وقفت على الشاطئ تلقي نظرةً ذات مغزى على الأمواج ولسان حالها يردد "يا بحر جئتُك والهوى يدعوني، وجمال موجك لاحظته عيوني" وأقامت في إنجلترا عامين كاملين توجهت بعدها إلى فرنسا، وهناك حصلت على رخصة لقيادة السيارة عام 1920م.

وحين عادت إلى مصر جددت رخصة القيادة من وزارة الداخلية في عام 1928، وسجلت اسمها بأحرف من نور في سجل النساء الرائدات، كأول مصرية تستخرج رخصة قيادة.