الخميس 30 يناير 2025 الموافق 30 رجب 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

سوق ديانا.. معرض الفنانة سماء يحي بجاليري ضي الزمالك الأحد المقبل

الأربعاء 29/يناير/2025 - 10:24 م
هير نيوز

يشهد أتيليه العرب للثقافة والفنون برئاسة الناقد التشكيلي هشام قنديل، في السادسة من مساء الأحد 2 فبراير، بجاليري ضي الزمالك، افتتاح المعرض الشخصي العاشر للفنانة التشكيلية الدكتورة سماء يحي ويحمل عنوان "سوق ديانا.. سيرة الناس والحاجات". 

يضم المعرض 40 عملا تشكيليا جديدا بفكر مختلف خارج عن المألوف والنمطي, وتستمر فعالياته لمدة ثلاثة أسابيع. 

والفنانة الدكتورة سماء يحي واحدة من أبرز التشكيليات المصريات  حصلت علي جوائز مهرجانات مهمة، وهي خريجة كلية التربية النوعية قسم التربية الفنية جامعة الزقازيق عام 1999، ودبلومة فى الفنون كلية التربية الفنية جامعة حلوان 2000، ودبلومة فى التصوير كلية التربية الفنية جامعة حلوان 2003، وماجستير من كلية التربية الفنية جامعة حلوان برسالة موضوعها (القيم الجمالية والتعبيرية لحضارات وسط آسيا كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة) 2005، ونالت درجة الدكتوراه من كلية التربية الفنية جامعة حلوان برسالة بعنوان (فلسفة الحضارة الهندوسية فى التصوير الشعبى الجنوب آسيوى كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة) عام 2009، وهي عضو نقابة الفنانين التشكيليين.

عن تجربتها الجديدة تقول سماء يحي: 


"سوق ديانا" في وسط القاهرة العامرة بالناس وحكاياتهم هو سوق لبيع الأحلام وربما الأعمار، كل سبت رحلة في الزمن، عقود وعقود من الأحلام والحاجيات والموضات، وأنت تتجول في سوق ديانا كل صورة لها حكاية، كل قطعة كانت جزءا من حياة بشر كان حلمهم اقتناؤها، دخولها البيت له فرحة وزهوة وقيمه عاطفية كبيرة لدى أصحابها. 



وتضيف سماء: الغريب في "ديانا" دائما بالنسبة لي كيف يتخلى الناس عن تاريخهم وذكرياتهم بهذه البساطة، لترى كل قطعة على أرض السوق إنسانا يحكي لك حكايته. كل اسبوع يحتل سوق ديانا المنطقة الممتدة ما بين شارعي الألفى وعماد الدين في منطقة الأزبكية بوسط القاهرة، سوق كبير تباع فيه الذكريات على الرصيف، صور قديمة، أوراق، أسهم وسندات، كتب وبوابير جاز، أجهزة راديو وتلفاز، شرائط كاسيت وجوابات، أثاث وأطقم شربات، لعب وآلات، حتى الأوسمة والنياشين، عقود و ماكياج، أحلام وأحلام، وأحلام، دموع وأفراح وحكايات، هزائم وانتصارات، سوق كبير لكل ما تخلى عنه الزمن ونساه، تشعر وأنت تجوب الشوارع المحيطة بسينما ديانا أن كل المعروض على الأرصفة يصارع معركته الأخيرة ليدخل حيز ذاكرة جديدة في محاولة يائسة لهزيمة النسيان.
 
في هذه المعركة الأبدية يخسر البعض أجزاء منه ويخسر البعض الآخر حتى اسمه ورسمه، لكنه يظل محاولاً خوض المعركة التي لا تنتهي، على رصيف ديانا تبدو المعركة واضحة وصريحة ينتصر فيها من ينتصر ويجد ملجأ مؤقتا في حياة جديدة ويعود فيها غيره مع البائع في انتظار عرض جديد على أرضية الرصيف وحكاية جديدة في مكان جديد.

وتؤكد أن العمل الفني الحقيقي لابد أن يكون صدى وتفاعلا مع تجاربنا البشرية، فهو انعكاس جمالي  للتجربة الإنسانية يحمل في طياته خصوصية التجربة والتاريخ الاجتماعي الذي ينبع منه وينفتح على العالم بانفتاح هذه التجربة وإسهامها في التاريخ والحاضر الإنساني. 

و"ديانا الناس والحاجات" هي تجربتي في استكشاف العلاقة بين الإنسان والأشياء والحكاية، فهم العلاقات بين كيانات الجماد والإنسان في إطار السياق الاجتماعي والثقافي والتاريخي والطبيعي، فوفقاً لفيشر وفروم فإن العلاقة بين الإنسان والأشياء هي علاقة اغترابية تفقد الإنسان هويته الإنسانية وتجعله مغترباً عن نفسه وعبداً لشهوته التي تجعله يتجاوز حقوقه للتعدي على حقوق الغير، هي سبب الحروب والكوارث التي يرتكبها الإنسان تحوله هو نفسه لشيء في هذه اللعبه، لبيدق في لعبة شطرنج. 

كلام فيشر وفروم وماركس وهيجل وأرندت عن علاقة الماديات والرغبة المحمومة في الحصول عليها مع الحروب ومأساة الإنسان لا جدال فيه، لكنهم أغفلوا شيئاً مهما ألا وهو أن الأدوات هي ذاكرة الناس الحية ومرآة شخصيتهم وزمانهم وثقافتهم ووضعهم الاجتماعي وقناعاتهم، ومرآة حالة المجتمع في وقت وجودهم على ظهر المعمورة.

 لهذا كان الوصول للحالة الإنسانية المتجاوزة سطح المادة لجوهر خصوصية الأشياء التي هي قوارير تحفظ جزءا من أعمار وشخصيات أصحابها، مثلها مثل الصور الفوتغرافية التي تحفظ ملامح أشخاص ذهبوا ولم تبق منهم إلا الأوراق الرسمية والأسماء في بطاقات الأحفاد مع بعض الأدوات والأشياء الخاصة بهم، أو حتى مخلفات حروب حصدت ملايين الحيوات الإنسانية ورسمت مصائر أمم، ولم يبق من أثر من أشعلوا نيرانها سوى مخلفات صدئة تقبع على الأرصفة، الدلالة الوحيدة على وجودهم متحدية شعارات كثيرة عن الزهد والتقشف، وأشياء أخرى تتجاوزها إلى حميمية كانت تخص شخصاً بعينه تجعل لها قيمة لمساحة من الزمن ترتبط بوجوده أو اهتمامه بها، لكنها فى نظر الآخرين من ورثتهم مجرد كراكيب تشغل مساحة أو روبابكيا زائدة قد تشكل مصدر جيد للمال .

هذه الصور والأدوات قادرة على أن تحكي الحكاية، حكاية مجتمع انقلب حاله ما بين الليبرالية إلى الاشتراكية الانفتاح، ثم تقاذفته بحار العولمة، حكايات نساء حلمن بغزو العالم وتحطيم الحواجز وانتهى بهن الأمر للصب في القوالب الجامدة المستوردة، حكايات رجال عملوا و جدوا وكافحوا، عشقوا وغامروا وتزوجوا وأنجبوا أبناء انتهى بهم الأمر بالتخلى عن ذكريات من أنجبوهم، وحتى صورهم لتحتل مكانها على الأرصفة مع كنوز الأطفال ولعب البنات وأحلام العشق والهوى وكنوز الجدات وتذكارات المحجات وميداليات الاستحقاق، أوقات بذلت لجني المال لشراء هذه الأشياء، أحلام نسجت حول الحصول عليها والفخر بها أمام الآخرين، أحزان وأفراح شهدتها في لحظات العمر المختلفة. بعضها كان قناة للتواصل مع العالم وبعضها كان متعة صاحبها أو لا غنى عنه لصاحبتها، لا شك أنها دخلت لحياة أصحابها بفرحة تشبه فرحة ميلادهم وارتبطت بهم لوقت مثل أبنائهم وانتهى بها الأمر بالتخلي كمصير كل الأحياء. 

وتختتم سماء يحي : لابد أن الصور كانت عزيزة يوماً ما على شخص ما، وفقدت معزتها مع الزمن، قد تبدو الحاجيات شيئاً مهملا لا قيمة له لكن قليلا من التأمل يدرك معه الشخص أنها تكتب حكايات الزمن المخفية، ربما كان هذا سببا في أن أجدادنا في رحلة خلودهم كانوا يأخذون أشياءهم معهم للعالم الآخر، فلطالما كانت الحاجات شاهدا على الحكاية .

ads