الأربعاء 15 يناير 2025 الموافق 15 رجب 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم مريم النويمي: كيف تصنع أجواء الأسرة ذكاء الأبناء؟

الأربعاء 15/يناير/2025 - 05:29 م
هير نيوز

ما أن يبدأ الطفل بالتحرك في أحشائها، حتى تشعر الأم به، وكل ما يؤذيها يؤذيه، إن اكتأبت، حزنت أو توترت، اضطربت دورته الدموية وصغر حجمه، وربما قلت قدراته العقلية، أو أصيب باضطرابات نفسية، كفرط الحركة وتشتت الانتباه. الأطفال عادة ما يرثون جينات الذكاء من أمهاتهم، ارتفع أم انخفض، وتعمل البيئة التي يولد فيها على تحسينه أو هدمه.

وكما كان للأم دور في تكوين ذكاء طفلها وهو ما زال في مرحلة الخلق، فلها دور كبير في تطور مهاراته الذهنية واللغوية بعد ولادته. يظهر تأثير الأم أكثر وضوحًا في مراحل النمو المبكرة، حيث وجدت دراسات أن أبناء الأم التي تنعم بالاستقرار النفسي، ولديها رضا عن ذاتها والحياة التي تعيشها، يتمتعون بتطور ذهني ولغوي أفضل ويعتمدون على أنفسهم مبكرًا، وتكون حياتهم الاجتماعية أفضل، يتعاملون مع الضغوطات بشكل جيد حينما يكبرون. ووجدت بعض الدراسات أن هناك انتقالًا بين الأجيال للمهارات المعرفية كالفكر، وغير المعرفية كالقدرات الشخصية والاجتماعية. ومن المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت السعادة تمثل أيضًا مهارة يمكن تعلمها ومدى إمكانية نقلها من جيل إلى آخر. إذا كان مثل هذا الانتقال بين الأجيال موجودًا، فإن تحسين نفسية الأم لن يحسن فقط فرص الأطفال الحاليين، ولكن سيحسن الأجيال القادمة.

إذا كانت الأم حزينة سوف تؤثر في طفلها سلبيًا، وكذلك الأم غير المكترثة تؤدي إلى اختلال وإهمال الطفل، الأم السعيدة سوف تنقل إيجابيتها وسعادتها لطفلها.

ولكن كيف تكون الأم سعيدة؟ متى ترضى عن نفسها! في مجتمعاتنا المرأة نادرًا ما تكون راضية عن ذاتها، سواء كانت سيدة منزل أو امرأة عاملة. سيدة المنزل تذوب في دورها وتتوق إلى أن تكون امرأة عاملة، كي تستقل ماديًا، وتكون لها مجتمعا مختلفًا، والمرأة العاملة تغبط سيدة المنزل على راحتها ووجودها الدائم مع أطفالها، وعدم التزامها بساعات دوام يومي، رغم أن السيدتين لم تفهما الحقيقة، لأن كل واحدة منهما لم تلعب دور الأخرى، سيدة المنزل ليست بالضرورة أن تكون موجودة طوال الوقت مع أطفالها، وغالبًا غير مرتاحة ومتذمرة، والمرأة العاملة لا تنعم بالرفاهية دائمًا، بل هي في سباق دائم لإثبات ذاتها.

زمان قالوا (أنّ الأم كالشمعة تحترق لتضيء للآخرين)! مفهوم غلط، الأم المحترقة ستحرق كل شيء حولها، ويتحول كل شيء إلى رماد، وكذلك البقاء في علاقة هشة وتعيسة لمجرد الحفاظ على صورة الأسرة والحفاظ على الأبناء، لن يخلق أطفالا أذكياء وسعداء، بل سيعانون من أمراض نفسية، وتختل في أعينهم صورة الأسرة السوية. صحيح أن وجود الآباء مهم لنمو الأطفال ذهنيًا ونفسيًا، ولكن الأهم هو جودة هذه العلاقة وكفاءتها.

الأم التي تعمل ليل نهار، أو تلك التي تمضي جل وقتها برفقة الأخريات أو على منصات التواصل الاجتماعي، لا تطور ذاتها، ولا تتفاعل مع أطفالها بتركيز، ولا تملك الوقت لتسمع حكاياتهم، وشكواهم. على كل أم أن تجد وقتًا لنفسها، تمارس فيه ما يسعدها، بعيدًا عن الضغوط، تقرأ، تمارس الرياضة، تكتب، ترسم، تمارس أي هواية تحبها، يجب مساعدتها للحصول على هذا الوقت، من المهم دعمها نفسيًا، لتكون سعيدة، ناجحة في إدارة حياتها، قادرة على احتضان أسرتها، الأم التي تفشل في تحقيق السعادة لنفسها لن تحققها لأطفالها. الأم ملهمة وبطلة أبنائها، يتعلمون منها كيف يسيطرون على انفعالاتهم، كيف يتعاملون مع الآخرين، وتتحسن مهاراتهم اللغوية والذهنية، الأطفال يحتاجون لأمٍ سعيدة لا مُحترقة ليكونوا أذكياء وأصحاء بدنيًا ونفسيًا.

نقلا عن الوطن السعودية

ads