الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم أمل بنت محمد المجاهد: ما الذي حدث مع قرود البابون؟

الثلاثاء 16/يناير/2024 - 12:56 م
هير نيوز

تعتبر الأزمات أو العوائق البيئية عادة محركا مهما للمعالجة الفورية والتدخل العاجل، ومن أكبر التحديات التي تواجه المنظمات الجاهزية الاستباقية والاستعداد المحترف والدراسة ذات الأبعاد المختلفة، لفهم الآثار والعواقب وتحليل التداعيات واستخدام الآليات المبتكرة، وبلا شك رد الفعل المناسب حدس إستراتيجي فنّي ذو بعد إداري محترف.

في الحقيقة، بعض المنظمات لا توجد لديها آلية احترافية لحل المشاكل ذات العيار الثقيل وملكة العلاج الاستباقي الوقائي لحدوث المخاطر، لذا قد تصل أحيانا إلى نهايات غير محمودة، والعلاج الاستباقي يتم من خلال البحث والتخطيط ومحاولة التنبؤ بالمناطق ذات الخطورة أو التي قد تكون معرضة للخطر والتصدي لها ومنع حدوثها أو التقليل من تأثيرها.

تتخذ المعضلات والأزمات أشكالاً عديدة. وتصنيفات مختلفة، لكن ما أجمعت عليه الأمم من أن تلك النوازل والصروف بأي شكل من الأشكال، قد تعطّل المجتمعات ويمكن أن تلحق خسائر فادحة بالإنسانية والاقتصاد والبيئة والصحة في بعض الأحيان.

ما الذي حدث مع قرود البابون؟

توجد قردة البابون في غرب وجنوب غربي السعودية بأعداد متفاوتة من مكان إلى آخر، تعددت أسباب انتشارها وتباينت دوافعها، ولكن يمكن القول إن الظاهرة بدأت مع هذه القرود عندما أصبحت هذه الكائنات تستأنس من إطعام الناس لها بشكل مباشر أو غير مباشر، فتكاثر العدد مما تسبب في انتشارها وتكاثر أعدادها حتى بدأت آثارها السلبية على البشر والبيئة.

تشير إنجازات المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية لتخفيف الأضرار البيئية والاجتماعية والصحية ‏والاقتصادية والأمنية إلى احترافية إدارة تلك الأزمات والمشاكل، والتفاعل معها هو ما تبناه المركز، ويعتبر ما قام به المركز تقدّما استباقيا ينطوي على تنظيم الموارد بشكل إستراتيجي لتقليل الضرر الذي تسببه تلك الأزمة. كما أن هذه الإنجازات تنطوي أيضا على نهج منظم لإدارة مسؤوليات الوقاية من المشاكل، والتأهب، والاستجابة، والتعافي. وانطلاقا من مسؤولية يتولاها المركز فإنه يُولي ظاهرة انتشار قرود البابون ما يستحقه من اهتمام، ويتضح ذلك من خلال البرامج والخطط المختلفة التي يعتمدها، هذا إضافة إلى المبادئ العامة التي يرسمها والتي يعمل بهديها المركز. هناك عديد من المشاريع والبرامج التي عمل المركز على تنفيذها، وكلها تصب في نطاق الجهود المبذولة للتخفيف من ظاهرة انتشار قرود البابون وإنقاذ المجتمع من المخاطر التي تنجم عنها. من أبرزها إنشاء خريطة إلكترونية تحتوي على جميع المؤثرات في أعداد وتوزيع قرود البابون وتحليل البيانات. كما تم إنشاء تطبيق إلكتروني للمساهمة في رصد انتشار هذه الكائنات والتعامل مع البلاغات، أيضا عمل على دراسة الأثر الاقتصادي والاجتماعي لزيادة أعداد قرود البابون، وتأسيسا على ذلك أعد دراسة لأفضل الممارسات الدولية للتحكم في أعداد هذا النوع من القرود.

لم يُغفل المركز احتياج المجتمع، فقد قام بالتوعية وتركيز انتباه أفراده الى هذه القضية حيث نفذّ أكثر من 5 ورش عمل بمشاركة الخبراء حول العالم لدراسة حالة المملكة وتقديم التوصيات. كما قام بتنفيذ مجموعة من الأعمال التوعوية على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الرسمية لمعالجة الممارسات الخطأ تجاه قرود البابون إضافة لمجموعة من الحملات التوعوية لإيقاف الممارسات الخطأ تجاه هذه القرود وإطعامها بشكل مباشر أو غير مباشر، وتركيب أكثر من 400 لوحة للتنبيه بعدم إطعام قرود البابون. كما كثّف المركز المراقبة والرصد للممارسات الخطأ وتسجيل المخالفات والرفع بها للجهات المختصة.

بذلك أصبح المجتمع أكثر وعيا من قبل وأدرك حجم خطورة هذه الكائنات حتى أصبح كل فرد في هذا المجتمع شريكا للمركز للحد من هذه الظاهرة، بحيث يسهم في تغيير السلوكيات الخطأ ونشر الوعي بخطورة هذه الكائنات في مجتمعه.

إنجاز المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية ليس جديدا عليه، وتوثيق مثل هذه الإنجازات للتعامل مع هذه الكوارث يختصر قصة النجاح، فما حققه من إنجازات أكبر من عمر تأسيسه. ولا شك فإن المركز يتطلع إلى مضاعفة الإنجازات للارتقاء بالوطن والمواطن، ولتكون السعودية أنموذجا متميزا لحياة فطرية مزدهرة ومستدامة.

نقلا عن الوطن السعودية

ads