بقلم مها عبدالله: الجميع يخطئ
لا يولد المرء عالماً حكيماً، فلماذا يتربى الطفل على الخوف من الخطأ؟ لماذا رد فعل الأسرة مجحف مقابل الخطأ غير المقصود، ولماذا المجتمع يستمر في محاسبة ومحاكمة من أخطأ سابقاً أمام الكاميرا؟
هناك ملامة كبيرة على الإعلام كونه المؤثر الأول في ثقافة المجتمعات، يصدّر لك الجانب المشرق من كل قصة نجاح، أو الجانب المشرق من كل شخصية اعتبارية، حتى زاد الإحباط لدى المشاهد على اعتقاد أنه لم يصل لهذا الكمال الذي يشاهده، وإن كانت هناك بعض القصص عن سقطات أو أخطاء، فلن يذكر منها إلا اللطيف، فتعتقد أنك مجرم أو جاهل بتقييم أخطائك وما تسمعه من غيرك!
يا عزيزي ليس بيننا شجعان بالقدر الكافي، الذين يقترفون الأخطاء ويصححونها ويذكرونها لآخرين من باب تبادل الخبرات والاعتزاز بإصلاحها، وهنا أتكلم عن أخطاء شخصية وليست مالية. تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا جميعاً نخطئ وإن تعلمنا، تدفعنا خيباتنا أو آلامنا أو جروحنا أو حتى عُقدنا، وأيضاً طبيعي أن تكون ذكياً في التعامل مع أصعب فئات المجتمع؛ وتخطئ بحق من كان ألطفهم معك، أنتَ لست سيئا أو لا تنقصك الخبرة أو الحكمة، نحن بشر غير معصومين، وأنت أفضل من كثير لأنك فقط فكرّت في تقييم نفسك، لأن الكثير يرى أن كل ما يفعله صحيح طالما هناك من هو أسوأ منه.
أنت لا تستطيع منع نفسك من الخطأ، لكن تستطيع أن تفهم لماذا أخطأت وما كان دافعك الذي أجبرك على ذلك وتعيد النظر فيه، ثم أصلح الخطأ إن أمكن، وإن لم تتمكن من إصلاح ما عبث به غير متعمد؛ فأنت تدفع ثمن هذا الخطأ وبالتالي تعلمت.
الأخطاء أفضل معلّم لك وفي كل الجوانب، أهمها الجانب الاجتماعي، لأنك ستخوض تجربة كاملة، وقد تكرر الخطأ مع عدة أفراد حتى تقتنع أنك تؤمن بخطأ على أنه صحيح.
أخيراً.. أخطاؤك هي الوحيدة التي ستشكل أفضل نسخة منك، لا تستعر منها، واثبت شجاعتك بالاعتراف بها وشرف محاولة إصلاحها.