دنيا ودين

وقفت في وجه «عمليق».. الشاعرة «الشموس» أول ثائرة على الأوضاع الاجتماعية للمرأة في التاريخ

الأحد 02/أكتوبر/2022 - 11:14 م

الشاعرة الشموس اول ثائرة على اوضاع المرأة في التاريخ

حسن الخطيب

عفيرة بنت عباد شاعرة عربية جاهلية، لقبت بالشموس، قادت أول ثورة على أوضاع المرأة الاجتماعية في الجزيرة العربية، وكانت شاعرة فصيحة، واجهت الطاغية عمليق ملك طسم البائد، والذي كانت حياته شبيهة بقصص ألف ليلة وليلة.

من هي الشموس؟

هي شاعرة عربية جاهلية اختلف المؤرخون حول اسمها، فقيل هي عَفِيرة بنت عَبَّاد، وقيل هي عفيرة بنت عفار أو عفان، من قبيلة الجديسية من بني جديس، من أهل اليمامة بنجد من وسط شبه الجزيرة العربية.

وهي من أعظم النساء محررات العرب وعزيزاتهم، واستطاعت إثارة قومها على الطاغية عمليق ملك طسم البائدة، وفتحت باب ثورة عظيمة بشعرها الذي كان كالسيف على رجال القبائل العربية، واختلف المؤرخون في مولدها، فقيل ولدت في عام 200م، وقيل في عام 210م.

وقبائل طسم وجديس من القبائل العربية البائدة التي جاءت عقب أقوام عاد وثمود، وجاء من بعدهم قبيلة جرهم، التي ينتمي إليها أبو العرب العاربة إبراهيم الخليل، حيث قسم المؤرخون العرب لثلاث أقسام " عرب بائدة، وعرب عاربة، وعرب مستعربة".

قصتها وشجاعتها

كان للشموس قصة مع عمليق ملك طسم، هي من قبيلة جديس، وكانوا يقيمون في اليمامة التي كانت من أخصب مناطق شبه الجزيرة العربية، وكان ملكهم عمليق بن هباش بن طسم جباراً متمادياً في طغيانه وبطشه وظلمه.

وذكر المؤرخون، أن رجلاً يسمى قابس، خاصم زوجته هزيلة، فطلّقها وأصرّ على أخذ ولدها منها فشكته إلى عمليق فاستدعاهما، وسأل الزوجة حجتها فقالت المرأة: أيها الملك هذا ابني حملته تسعاً ووضعته رفعاً وأرضعته شبعاً ولم أنل منه نفعاً حتى إذا تمت أوصاله واستوفى فصاله أراد أن يأخذه كرهاً ويتركني ولهى.

فقال الملك لزوجها: ما حجتك انت؟، فقال الزوج: حجتي أيها الملك: أني أعطيتها المهر كاملاً ولم أصب منها طائلاً، إلا ولداً خاملاً فافعل ما كنت فاعلاً على أنني حملته قبل أن تحمله وكفلت أمه قبل ان تكفله، فردّت الزوجة: أيها الملك حَمَله خفاً وحَمَلته ثقلاً ووَضَعَه شهوة ووضَعْته كرهاً.

فلما وجد الملك نفسه عاجزاً حيال قوة حجتيهما فلم يسعفه العقل بحكم عادل، فأمر بنزع الولد منهما وجعله في غلمانه، وخاطب أمه قائلاً: أبغيه ولداً وأجزيه صفداً ولا تنكحي بعد أحداً، فقالت اما النكاح فبالمهر وأما السفاح فبالقهر وما لي فيهما من أمر.

فأمر عمليق بالزوج والمرأة أن يباعا ويرد على زوجها خمس ثمنها ويرد على المرأة عشر ثمن زوجها فاسترقا واصبحا من العبيد بعد أن كانا حرين، فأنشدت المرأة شعرا تهجو فيه عمليق.

فرمان شهريار

ولما وصل نبأ الشعر الى عمليق، أصدر فرماناً بألاّ تتزوج فتاة بكر من جديس قبل أن تدخل عليه قبل زوجها، فسام بقراره هذا الناس ذلاً وجوراً، وما زال يشق بهما حتى تزوجت عفيرة بنت غفار الفارس الأسود بن غفار، وكان ابن عمها.

فلما كانت ليلة الزواج، خرجت والبنات حولها لتحمل إلى عمليق ليدخل بها قبل زوجها، فلما أدخلت إلى عمليق، امتنعت عليه وأمسكت سيفا وهددت العمليق، فخاف من العار أن يقولوا أن امرأة قهرت عمليق.

فلجأ إلى خنجر وضربها في صدرها فأدماها، فخرجت من الخيمة مسرعة وشقت ثوبها من خلفها ودماؤها تسيل على قدميها، فلما مرت بأخيها وهو في جمع من قومه أنشدت شعرها:

لا أحد أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس

أول ثورة اجتماعية للمرأة

ففجّر قولها هذا ثورة قام بها أخوها وأغضبه ما قالت، فأخذ بيدها وجال بها على قومه، وعندما أدركت الشموس أنها قاب قوسين من تفجير ثورتها على عمليق، أنشدت شعرا آخر أطلق شرارة الثورة، فأنشدت تقول

أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم ... وأنتم رجال فيكم عدد النمل

وتصبح تمشي في الدماء عفيرة ... جهارا وزفت في النساء الى بعل

كان لهذه الأبيات إطلاق لشرارة ثورة جديس على ظلم وطغيان عمليق، فقرروا أن يضعوا خطة لقتله، ولأن عددهم قليل، فعزموا على دعوتهم للعشاء مع بطانته ووضعوا سم لهم في الطعام فقتل عمليق ومن معه.

وكانت ثورة الشموي هي أول ثورة على الأوضاع الاجتماعية للمرأة في الجزيرة العربية، وكانت بحق أول حركة رائدة من أجل كرامة المرأة اجتماعيا في تاريخ البشرية.