الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«سائلة»: زوجي يُحلل شرب «البيرة» بكمية لا تُسكر.. والإفتاء تُجيب

الإثنين 11/يناير/2021 - 04:39 م
هير نيوز


أرسلت إحدى المواطنات سؤالًا لدار الإفتاء على موقعها الرسمي على الإنترنت، طالبت فيه بمعرفة حكم الشرع في تناول القدر الذي لا يسكر من البيرة؟، مؤكدًة أن زوجها يقول لها، إنه حلال طالما لا يُسكر، ويطالبها بتناول البيرة معه. 

الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، قال: "البيرة مشروب كحولي، يتم إنتاجه خلال عملية تخمير محتوياته الأساسية التي هي عادة الماء ومصدر لمادة النشاء، بحيث تكون قابلةً للتخمر، كالشعير ونحوه، وهو شراب مُسكر مُغيِّب وساتر للعقل كالخمر، وكل ما خامر العقل وستره هو خمر ومحرم شرعًا قليله وكثيره". 

وتابع، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 90-91].

وأضاف أمين الفتوى أن الإمام مسلم أخرج، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»، وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ».

وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9 158، ط. مكتبة القاهرة): [وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحريم الخمر بأخبار تبلغ بمجموعها رتبة التواتر] اهـ.

وأكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى، أن الخمر يتناول كل شراب مسكر، سواء أكان من العنب أم من غيره، وهذا ما أجمع عليه جمهور الفقهاء، ويدل على ذلك ما جاء في "البخاري" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطب عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل".

وأوضح أمين الفتوى، أنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنت أسقي أبا عبيدة، وأبا طلحة، وأُبَيَّ بن كعب من فضيخ زهو وتمر، فجاءهم آتٍ، فقال: إن الخمر قد حُرِّمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها، فأهرقتها". والفَضيخ: شراب يتَّخذ من البُسْر -ثمر النَّخل قبل أَن يرطب- من غير أَن تمسه النَّار، والزَّهْو: البُسْر الذي يحمرُّ أو يصفرُّ قبل أن يترطب".

وقال الدكتور خالد عمران،: "لقد حُرِّمَتُ الخمر بالمدينة، وكانت صناعته من البُسر والتمر؛ فلقد روى البخاري عن بكر بن عبد الله أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم: "أن الخمر حرمت، والخمر يومئذٍ البسر والتمر"؛ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10 49، ط. دار المعرفة): [قال القرطبي: الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها وكثرتها تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب، وما كان من غيره لا يسمى خمرًا ولا يتناوله اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب وللسنة الصحيحة وللصحابة؛ لأنهم لمَّا نزل تحريم الخمر فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كل مسكر، ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره، بل سوَّوا بينهما وحرموا كل ما يسكر نوعه، ولم يتوقفوا ولا استفصلوا ولم يشكل عليهم شيء من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن".

وأضاف أمين الفتوى، إن تحريم القليل من المسكر ككثيره هو المفتي به عند الحنفية؛ قال العلامة الحصكفي صاحب "الدر المختار" (6 455، ط. دار الفكر): [وحرمها محمد، أي الأشربة المتخذة من العسل والتين ونحوهما مطلقًا، قليلها وكثيرها، وبه يفتى، ذكره الزيلعي وغيره، واختاره شارح "الوهبانية"، وذكر أنه مروي عن الكل] اهـ، وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (6 455، ط. دار الفكر): [قوله: (وبه يفتى) أي: بقول محمد، وهو قول الأئمة الثلاثة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني وصححه، وقوله: (وغيره) كصاحب "الملتقى"، و"المواهب"، و"الكفاية"، و"النهاية"، و"المعراج"، و"شرح المجمع"، "وشرح درر البحار"، والقهستاني، والعيني، حيث قالوا: الفتوى في زماننا بقول محمد لغلبة الفساد، وعلَّل بعضهم بقوله: لأن الفساق يجتمعون على هذه الأشربة ويقصدون اللهو والسكر بشربها، أقول: والظاهر أن مرادهم التحريم مطلقًا وسدُّ الباب بالكلية] اهـ.

وأكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى: "إن القدر الذي لا يسكر من البيرة محرَّم؛ لأنه كالخمر، واسم الخمر يتناول كل مسكرٍ، قليله وكثيره".

ads