معالج نفسي: أزمة كورونا أصابت النساء بالإكتئاب والقلق
في مطلع العام الميلادي 2020 اجتاح العالم وباء كورونا وانتشر عبر أرجاء البلاد معلنا حالة من التحول الجذري على كافة الأصعدة والمنازل، وكثرت التساؤلات حول ما سيتركه هذا الوباء الطاحن من أثر بالغ سواء أثناء أنتشاره أو بعد رحيله وأنحساره، والتساؤلات تشمل مجالات متعددة منها السياسية والأقتصادية والصحية وغيرها الكثير، غير أنه من الأهمية أيضا الحديث عن أثر هذا الوباء في الحالة النفسية للبشر سواء من تعرض للإصابة بهذا المرض بالفعل أو من يترقب ويخشى وصول العدوى إليه،هذا ما أوضحه "محمد عبد الحليم صالح" المعالج النفسي وعضو الجمعية المصرية للمعالجين النفسيين.
وذكر عبد الحليم إن هذا المرض الذي بلغ من انتشاره مبلغا عظيما قد انعكس على الاستقرار والتوازن النفسي لكثير من البشر بالأخص النساء ففي مجال علم النفس الاكلينيكي المختص بدراسة عالم الأمراض النفسية يعرف المتخصصون أن هناك من النساء من هم أكثر استهدافا من غيرهم وأكثر عرضة للإصابة بالمرض النفسي، لأنهن يتسمن بسمات شخصية وطرق تفكير معينة تجعل لديهن قابلية للتعرض لأمراض نفسية هي في الأصل تكمن فيهن على هيئة استعدادات ثم إذا ما توفر لها المناخ المشحون بالضغوط والتوتر والترقب سرعان ما تنفجر على هيئة أمراض نفسية لها أعراض واضحة لا تخطئها عين المتخصص.
وتابع" في ظل جائحة كورونا نجد ظهورًا ملحوظا تحدثت عنه إحصاءات علمية متخصصة لأمراض القلق والاكتئاب ونوبات الهلع والوسواس القهري، بل إن حديث المتخصصين المتابعين للمجال النفسي بدقة قد أظهر أن من تعرضت للإصابة بالوباء وتعافت منه ظهرت عليها أعراض مرض كرب مابعد الصدمة والتوهم المرضي".
ولفت إلى أن هذه الأمور لابد من التصدي لها بالدراسات العلمية النفسية الدقيقة كي تحدد أبعاد الأثر النفسي بسبب انتشار هذا الوباء ومابعد زواله عن العالم، ومن الجدير ذكره أنه فضلا عن أجواء التوتر العام والضغوط المحيطة بسبب الأخبار المتداولة ليل نهار عن هذا الوباء فإن الأثر النفسي الذي خلفته أزمة كورونا على المستوى الاقتصادي العالمي وماتبعه من الضرر على مستوى دخل الفرد قد انعكس أيضا بتسرب المشاعر الاكتئابية لدى عدد كبير من البشر وتعرضهم لتغيرات حادة في المزاج النفسي، وقد يتشابك هذا الأمر أيضا مع انفجار العلاقات الزوجية كانت هادئة ساكنة مثل النار تحت الرماد وأتت عاصفة كورونا لتشعل هذه النار وتشعل معها خلافات حادة قد تصل إلى حد تهديد انهيار كيان الأسر وتفككها.
وأشار عبدالحليم إلى أن هذه الأجواء المشحونة سواء بالخوف الشديد من الإصابة بالمرض أو ترقب وانتظار الإصابة به، وكذلك تدني الحالة الاقتصادية لدى كثير من الناس، وفترات الحظر المنزلي وما تحمله من أوقات فراغ مملة يخيم عليها مشاعر الاكتئاب والقلق، كل هذا يستوجب التصدي له على مستويات مختلفة حفاظا على الصحة النفسية العامة للبشر.
ومن المقترحات التي ينبغي أن تتبعها النساء خاصة والأخذ بها في هذا السبيل نشر الثقافة النفسية التي تقوم بتوجيه الأشخاص أصحاب الحساسية النفسية المفرطة ومن يتسمون بهشاشة نفسية بعدم متابعة تفاصيل انتشار هذا الوباء والابتعاد عن الانغماس في الاهتمام به وبأخباره وأعداد انتشاره وأعراضه وغير ذلك ونشر الثقافة النفسية التي توجه الأشخاص بكيفية شغل أوقات الفراغ بأعمال مفيدة وممتعة وعدم ترك العقل فارغا من الانشغال بأشياء ذات قيمة حتى لايفتك به وساوس المرض وهواجسه وتنمية الحس الديني لدى الأشخاص مما يخلق بداخلهم وازعا للتوكل على خالقهم وأن الأمور تسير بمقادير وأن البشر ليس عليهم إلا الأخذ بالأسباب وما عدا ذلك يرجع شأنه إلى الله العظيم سبحانه وتعالى.