عانت طويلا من التهميش.. كيف عرضت السينما العالمية أوضاع المرأة؟
منذ بداية ظهور السينما في أواخر القرن الـ 19، حاولت عرض التجارب المُلهمة وفقا للسياق الاجتماعي والثقافي المحيط بكل دولة، كما أن النطاق الزمني والإرث التاريخي تدخل بقوة في كيفية ظهور المنتجات السينمائية، وحيث أن المرأة عانت طويلا من التهميش وإثنائها من الظهور والمشاركة في مختلف المجالات، هكذا ظهرت المرأة في الأفلام وغيرها من المنتجات السينمائية.
وعلى الرغم من اختلاف الظروف في كل دولة، إلا أن هناك قواطع اشتركت فيها عدد كبير من المجتمعات منها النظرة الدونية للمرأة وتعدد اشكال العنف، وسلب الحريات التي ناضلت كثير من النساء من اجل الحصول على حقها، وضحت النساء بجهودهن، وسلامتهن، ودمائهن من اجل الانتصار لقضية المرأة.
واختلفت الصورة العامة التي تريد الدول او شركات صناعة الأفلام نشرها عن المرأة حسب الثقافة السائدة، ورؤية المجتمع للمرأة، ولكن ركزت العديد من الأفلام على استخدام المرأة كوسيلة للتسويق وجلب الكثير من الأرباح، أي انها تعاملت مع المراة باعتبارها أداة ربحية دون النظر إلى دورها الفعلي في المجتمع ومشاركتها في مختلف المجالات، وجهودها في سبيل نيل مكانها التي تستحقها.
هذا وطال نضال المنظمات النسوية قطاع إنتاج الأفلام، حيث طرحت العديد من القضايا على صناع الأفلام ليتم تناولها بشكل يؤثر ايجابيا على وعي الناس بالمجتمع وتغيير الصورة الذهنية التي استمرت لعقود طويلة في ذهن الأفراد في مجتمعات مختلفة، كما قاومت بشدة ظهور المراة بشكل سلعة من أجل جني المزيد من الايرادات، خاصة الأفلام التي ركزت على جسد المرأة بهدف جذب المشاهدين وليست لقضية نسوية مثل قضايا العنف الجسدي والجنسي، ومشكلة تشويه جسد الفتيات كما يحدث في ظاهرة ختان الإناث.
بذلت النسويات ومنظمات معنية ذات الصلة مثل الأمم المتحدة للمرأة جهود مضنية لإدراج سلبيات الأعراف الثقافية والاجتماعية في رؤيتهم وتعاملهم مع المرأة، حيث اعتمدت على الأداة الإعلامية باعتبارها وسيلة مرنة لتوجيه الأفراد وتوعيتهم، على سبيل المثال: مشكلة زواج القاصرات وسلب حرية المرأة في التعليم والحياة بما يروق لها.
وتوجد عدة نماذج توثق هذه الجهود، وعلى سبيل المثال: فيلم "Deepa Mehta's Water"، أنتج في عام 2005، ويتناول آثار الاضطهاد الذي تواجهه النساء والأطفال، إذ ركز على قضية زواج القاصرات، وكيف يؤثر ذلك على حياة هؤلاء الأطفال صحيا ونفسيا، ويؤثر على استمراره في التعليم، بالإضافة إلى حياة الأرامل، وكيف أن الأعراف الثقافية في الهند تفرض قيود تمنع النساء من استمرار حياتها بشكل طبيعي، كوسيلة من اجل لفت نظر المجتمع لحياة هؤلاء المقهورات.
أيضا فيلم "Cheick Oumar Sissoko's Finzan"، في عام 1989، الذي ركز على مشكلة تشويه الاأعضاء التناسلية للفتيات والتي تظهر بشكل فج في الدول الأفريقية، كما يوضح إلى أي مدى يمثل ذلك قهر للنساء الأفريقيات، وينطلق من ذلك بدعوة للنساء أنفسهن لحمل لواء المقاومة، ونبذ التقاليد الهدامة، وإدراكا لدور المراة في المجتمع، وضورة إيلائها الاهتمام والرعاية من أجل إتاحة الفرصة لمشاركة النساء في القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها من ركائز المجتمع.
الفيلم الإيراني ""Jafar Panahi's The Circle، وصدر عام 2000، وسلط الضوء على حياة المرأة في إيران، ومدى العنف والقهر الذي تواجهه، وإظهار معاناة النساء، وأنهم ضحايا السلطة الأبوية نتيجة مبادئ أصولية راديكالية لا تستطيع النساء الحيد عنها بشكل صريح بسبب عنف المجتمع والصورة المأخوذة عن النساء في المجتمع بأنها كائنات لا تملك قرارها، وكان الفيلم ضربة قوية في وجه الأفراد التي ظلت طويلا تنظر للمراة بشكل دوني.
جدير بالذكر أن مخرجة الفيلم واجهت تهمة تصل عقوبتها الإعدام نتيجة هذا العمل مما يبرز حقيقة الوضع السئ الذي تواجهه النساء والفتيات في إيران.
ولازالت النساء تناضل وتقاوم في سبيل الحصول على حقوقهن، بمختلف الوسائل، وتعتبر السينما وسيلة فعالة في ضرب المعتقدات الخاطئة، وتصحيحها بما يتكيف مع المكانة التي تستحقها النساء في مختلف المجتمعات.