الخصوصية بين الزوجين| ما بين المصارحة والخيانة.. واستشاري تربوي تحل المعادلة
الأحد 30/مايو/2021 - 12:16 م
راما احمد
منذ بداية الزواج يتبادر في ذهن كل زوج وزوجة سؤال، وهو: هل أصارحه بكل شيء أم أخفي عنه كل شيء؟ سؤال مُعقّد يطرحه كل طرف من طرفي العلاقة الزوجية على نفسه، يبحث عن إجابة تفك طلاسم حيرته وتقوده إلى حل سحري لصداع مزمن يؤرق عقله وقلبه، هل أخبر شريك حياتي بكل تفاصيل حياتي، أم أجعل لي عالمي الخاص الذي لا يشاركني فيه سواي؟
طرحنا في البداية هذا السؤال على الأزواج لمعرفة رؤيتهم للمسألة..
كيف يرى الأزواج مفهوم الخصوصية؟
أحد الأزواج يقول: بكل صراحة لا أعترف بأن يكون للمرأة خصوصيتها؛ ممكن يسمى عدم السماح هذا أنانية ولكن مستحيل أن يسمح رجل أو زوج بأن تُخفي عنه زوجته أمرا ما، صحيح أنه لا يتدخل في تفاصيل ما يدور بينها وبين أسرتها أو بين صديقاتها ولكن على الأقل لا يقبل أن يخرج الأمر عن هذا الإطار من الخصوصية.
يرى زوج آخر أن الصراحة مهمة في معظم الأمور بين الزوجين، طالما أن الخصوصية ليس فيها أي خطأ أو تجاوزات، فليحتفظ كلا الزوجين بخصوصياتهما في إطار المسموح، وإذا كان من حق الزوج أن يحتفظ بخصوصية خاصة به، فلابد أن يكون للمرأة مساحة من الخصوصية أيضا مع أسرتها وعائلتها وصديقاتها.
أما رأي إحدى السيدات، فأكدت أن مسألة الخصوصية تبدو بدهية غالبا بين الأزواج ولا يتم الاتفاق عليها مسبقا بين الزوجين، صحيح أن هناك مساحة من الثقة الكاملة، ولكن هناك تفاصيل حياتية خاصة لكل طرف في الحياة الزوجية، مثل العلاقة داخل العائلة وبعض التفاصيل التي تبقى طي الأسرار والكتمان ولابد أن تبقى بعيدة عن الزوج، وفي المقابل فمن حق الزوج أيضا أن يكون له صندوقه الأسود، وهذا شأن خاص تماما.
وتحكي أخرى تجربتها مع الخصوصية، مؤكده أنها منذ أن تزوجت تجهل راتب زوجها تماما، وتساورها الشكوك تجاه تصرفاته المالية، ولكن للأسف زوجها يبدو -طول الفترة التي أمضاها وحيدا- أنه اعتاد عليها، ويبدو أنه لم يعتد على شريك آخر رغم مضي خمس سنوات على زواجهما، ولكن رتابة العلاقة جعلت كلا منهما له خصوصياته، وهي تتمنى مع الأيام أن تتخلص منها وأن تحيى مع زوجها بلا خصوصية.
الخصوصية هي منطقة حرة أسبح فيها بحرية بعيدا عن زوجي، دون أن أرتكب شيئا خطأ أو مخجلا، هذا ما عبرت عنه زوجه أخرى قائلة: من الطبيعي أن أسمح لزوجي ببعض الخصوصية، ما دام لا يسيء إلي ولا يجرحني، وهو أيضا بدوره يمنحني ذات المساحة؛ وذلك بناء على الثقة القائمة بيننا.
وتحكي زوجة مأساتها مع الخصوصية، ففى بداية زواجهما اتفقا على أن يكون يوم الخميس والجمعة يوما خاصا للترفيه مع أصدقاء وصديقات كل طرف من الأطراف، وفي الوقت الذي كانت تتنزه فيه الزوجة مع صديقاتها وتقضي يوما آخر مع أسرتها بشكل خاص بعيدا عن الزوج، كان الزوج يقضي يومين مع زوجته الأخرى، ومبرره في ذلك مساحة الخصوصية التي سمحت بها له زوجته.
وبالصدفة اكتشفت الأمر، وعندما صارحت زوجها طالبها بألا تلومه لأنها هي التي منحته مساحة الخصوصية بعدم سؤاله عن أسراره وأين يقضي إجازته ومع من؟ حملت الزوجة أشلاء حياتها الزوجية وهي نادمة على الخصوصية التي منحتها لزوجها وأساء هو فهمها واستغلالها.
رؤية علم الاجتماع
وتشير دكتورة نجلاء نبيل علي استشاري تربوي واسري وتعديل سلوك للمراهقين وتطوير وتنمية الذات، إلى أن علم الاجتماع يؤكد أن من حق الزوج والزوجة بأن يكون لكل منهما حقه الإنساني في أن يحظى بجزء من الخصوصية في علاقاته بأصدقائه وأسراره ومادياته أحيانا، ولكن يبقى هناك فارق كبير بين المفترض والواقع المعاش؛ فالواقع الشرقي يطالب المرأة دائما بأن تكون كتابا مفتوحا أمام زوجها ولا تطالب الرجل بذات الشيء من منطلق أننا نعيش في مجتمع ذكوري.
لكن للأسف مفهوم الخصوصية عندما يتبادر إلى الذهن فإن النظرة السلبية هي التي تتبادر للذهن بمعنى الخيانة، ولكن الخصوصية تحمل في طياتها معاني ومفاهيم إيجابية عدة.
رؤية الطب النفسي
أما الطب النفسي فيؤكد أن الزواج علاقة تُبنى على الثقة والتكافؤ والفهم بين الزوجين، ومتى توافرت هذه السمات الأساسية تكسرت كل الحواجز والجسور بين الزوجين.
وبما أن الزواج هو سكن وراحة، فإن وجود سر لدى أحد الطرفين يؤدي لقلق الطرف الآخر.
الحل في المودة والرحمة
وتؤكد دكتورة نجلاء، أن كل زوج أو زوجه أعرَف بظروفه وبشريكه الأخر، والصراحة يجب أن تسود بين الزوجين، وعلينا إذا أردنا أن نبوح بما لدينا سواء الزوج أو الزوجة أن يختارا لحظات الصفاء وأجواء الطمأنينة والسكينة بحيث في تلك اللحظة يستوعب كل منهما الآخر.
تضيف دكتورة نجلاء، أنه لا أسرار بين زوجين متحابين متفاهمين متمازجين، فأسراري وخصوصياتي انتهت لحظة ارتباطي بزوجي، فما أجمله من بوح من قلبك عزيزتي الزوجة إلى قلبك عزيزي الزوج، فالكلام يحلو بتلك اللحظة والبوح يذيب ثلج العواطف ويدفئها .
.لتشع أجمل الأحاسيس والمشاعر بينكما يا أسعد زوجين.
وتهمس دكتورة نجلاء في أذن كل زوج وزوجة، بأنه إذا كان بوحكما لبعضكما يسبب ضيق أو مشكلات بينكما لا حل لها، وهذا البوح كتمانه ليس فيه ضرر على حياتكما هنا الرجاء أن يبقى البوح طي الكتمان ومدفون بالقلوب أفضل؛ لذلك هنا وبهذا الموقف وجب الستر أفضل وأخف ضررا.
وفي النهاية تذكر دكتورة نجلاء كل زوجين، بالآية الكريمة لنستشعر من خلالها بعظمة الخالق ونستمتع بجمال الوصف، قال تعالى: {وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة}.