السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا

الثلاثاء 08/ديسمبر/2020 - 05:59 م


من المعتاد أن يفكر الشباب والفتيات فى السفر للخارج خلال مرحلة التعليم الجامعى، أو مرحلة ما بعده، لكن هناك فتاة صغيرة بدأت مبكرًا في السفر، وذلك حينما علمت بوجود منحة دراسية خاصة بطلبة الثانوية، وقررت الوقوف ضد تيار العادات والتقاليد، ونجحت في حجز تذكرتها المتجهة إلى إيطاليا، فكيف استطاعت شيرين الحصول عليها، هذا ما تقصه هذه الفتاة على "هير نيوز"

فتاة صعيدية
شيرين صاحبة الـ15 عاما تعيش بأحد المراكز بمحافظة المنيا، عاشت أغلب طفولتها بالقاهرة قبل أن تنتقل إلى المنيا، حيث شعرت بالاختلاف الشديد بين الحياة في القاهرة المتسمة بالانفتاح، وبين الحياة في المجتمع المنغلق بصعيد مصر، على حد وصفها.
قالت شيرين، عن حياتها فى تلك الفترة: " منذ 9 سنوات تقريبا، لم تكن الفتيات لديها طموح عكس الوقت الحالي، فالمعتاد فى تلك الفترة أن تلتحق الفتاة بالتعليم الفني ثم تتزوج بعدها، فكنت دائما أريد الخروج من هذا المجتمع، وكنت لا أشعر أن هذا المجتمع يشبهني؛ لذا كنت أبحث عن السفر، وكنت أجد هذا مستحيلا.
وتابعت: فجأة علمت بمنحة سفر خاصة بطلبة الثانوية العامة، وتم إخبار أحد أولاد العائلة، فمن الطبيعي أنهم لم يعرضوا هذا المنحة على بنت، فطلب أحدهم مساعدة من والدي وعلمت من هنا بموضوع المنحة، ووجدت والدي يشجعني، وتمسكت جدا بالفكرة، لكن وجدت معارضة شديدة من والدتي لدرجة أنها هددت مرة بتركها المنزل.
وأضافت "شيرين": لقد وجدت معارضة من الأهل أيضا، فقد تساءلوا: كيف تخرج فتاة بعيدًاعن البيت وعن عين أهلها، والدي فقط هو الذي كان مؤمنًا بأحلامي، وكان يأخذني للسفر إلى القاهرة؛ لحضور الامتحانات المؤهلة للمنحة، والكل كان يرى أني لا أستطيع أن أكمل وأنجح، حاولت أقنع والدتي أن هناك العديد من الفتيات يسافرن؛ لبعثات ومنحا دراسية، ولم يحدث لهن أى شيء، حاولت كثيرًا أن أقنعها لكي تعطيني الفرصة، تقبلت الفكرة تدريجيًا، لكن كانت معاناة أمي ووالدي مع أهلي، فهم ريفيون وكانوا ينظرون إلى والدي ووالدتي بأنهم يتاجرون بابنتهم ".

الحلم الإيطالي وصعوباته
"أنا فعلا اتقبلت وعديت كل ده"، هذا هو الشعور الذي كان مسيطرًا على "شيرين" حين علمت باجتيازها شروط المنحة، وعبرت عن ذلك قائلة، حين حصلت على تذكرة السفر لم أكن مصدقة ذلك، وظللت أول شهر أشعر كأني في رحلة، حيث ذهبت مع حوالي 30 شخصًا من مصر؛ لندرس تلك المنحة، ووجدت الجميع يبكي ماعدا أنا، فأول أيام الدراسة كانت من أصعب الأيام، فهم لا يعلمون عن العرب شيئا ونحن لا نتحدث الإيطالية، فكنا نُسَب بلغتهم ونحن ولا نعلم، ونحن كبنات تعرضن أكثر للتنمر من الأولاد، فنحن كنا متحفظات، ومنا من كانت ترتدين الحجاب وطريقة لبسنا مختلفة، فكنا لا نلبس بنفس الطريقة ولا نتكلم أو نهزر بنفس الطريقة؛ لوجود اختلاف تام في الطباع، "وكانوا "بيتريقوا" على طريقة كلامنا ولبسنا ".
بعد انتهاء المنحة التي ظلت 5 سنوات قررت "شيرين" ألا تعود إلى مصر وتستكمل دراستها الجامعية هناك، فكيف استطاعت فعل ذلك هذا ما ستقصه علينا:

"آخر يوم في الامتحانات ده يبقى آخر يوم ليك في المنحة، يعني مفيش سكن ولا فلوس، ففكرت إني أشتغل فترة الدراسة، وأحوش فلوس تساعدني بعد ما تخلص المنحة، وكان الشغل وقت المنحة ممنوعا، وأهلي مش هيقدروا يبعتولي الفلوس الكافية، فلازم كنت اشتغل ".
بالفعل عملت شيرين بأحد الكافيهات؛ لتدبير الأموال اللازمة للعيش بعد انتهاء المنحة، فكانت تتسلل من سكنها للذهاب إلى العمل، إلا أنا اكتشف أمرها من قبل المشرف عليهم، وتتذكر شيرين هذه اللحظات ضاحكة، "ذات يوم كنت أوصل طلبًا لأحد الزبائن، ووجدت المشرف أمامي، ووصفت تلك اللحظة قائلةً، " كان نفسي الأرض تتشق وتبلعني "، وتابعت "قال لي أنتِ تعملين؟ فأجبت: بنعم، فقال لي: بعد عملك أريد الحديث معكِ، شرحت له ظروفي، ومدى إحتياجي للمال، فتعاطف معي، وقال: إن هذا ممنوع، لكن استمرى فى فعله بسرية ".

أصعب لحظة
تصف شيرين أصعب لحظة مرت عليها أثناء المنحة، والتي تسببت في دخولها للمستشفى فروت لنا، " أكتر شيء مأساوي حصل لزميل لي في آخر يوم امتحانات، كنا نحتفل بأننا خلصنا، واتخرجنا، وبدأت أحلامنا تتضح أمامنا، فبعد الحفلة ذهب إلى البحر لكى يحتفل، ولكنه غرق هناك وحدثت صدمة كبيرة لى، وكانت حالتي النفسية رهيبة، ووجع رهيب؛ ولهذا السبب قررت أترك هذه المدينة، وأذهب إلى "ميلانو"، وكانت هناك قريبة لأمي، وفرت لي السكن".
واجهت شيرين أزمة أثناء إقامتها مع قريبة والدتها، حيث قالت: "وجدت العقلية التي كانت في مصر، والقيود تطاردني، فقد قالت لى: أنتِ بنت ولا يجوز فعل ذلك، وجدتها تحدد لي حياتي لدرجة أنها أرادت أن تزوجني، وعرضتني على أصحاب زوجها، عايزة تشوف مين هيشيل الشيلة حاجة قمة المسخرة عشان أنا جاية أتعلم ".

أزمة كورونا
عاصرت "شيرين" اللحظات الحرجة التي مرت بإيطاليا على إثر تفشي وباء كورونا بها، وسقوط الكثير من الموتى والمصابين حولها وتتذكر، قائلةً: "من سوء حظي أن منزلي على طريق سريع، وعلى مقربة من إحدى المستشفيات، فكنت أستمع لصوت سيارات الإسعاف بشكل مستمر، ولا أستطيع النوم، وكنت إذا أردت أن اشتري شيئا من "السوبر ماركت" كنت أنزل من الصباح، ولا أعود إلا عند المغرب، الوضع كان مأساويا للغاية، الوضع في الشوارع، كأننا في الحرب العالمية، أو كأننا فى انتظار المعونة، لدرجة أن الناس كانوا يشاورون لبعضهم حين تمر عربات الإسعاف؛ ليقولوا: إنهم مازلوا موجودين ولم يصابوا، ومن هول الأحداث كنت أضطر للكذب على أهلي بأن الأمور بخير حتى لا يقلقوا عليا ".
"شيرين" تفتخر الآن بأن النظرة إليها اختلفت، فمن كانوا يهاجمون فكرة سفرها قديما، أصبحوا الآن يشجعونها بل ويشجعون ذويهم على خوض التجربة، فالسفر جعلها تعتمد على نفسها وتثبت أن كونها فتاة لم يشكل عبئا في تحقيق ما تحلم به، وتمنت أن تتاح الفرصة للفتيات بخوض التجربة.
وعن خططها المستقبلية قالت "شيرين": إنها ستستكمل دراستها بإيطاليا للحصول على الماجستير في مجال الإعلام.

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا

"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا
"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا
"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا
"شيرين".. فتاة مصرية تحدت الأهل والتقاليد وسافرت للدراسة فى إيطاليا