الذكاء العاطفى "مفتاح سحرى" لتصحيح مسار العلاقات الزوجية
د. ماجدة شلبى: الذكاء العاطفى يجنب الزوجين مخاطر التقلبات المزاجية
د. إيمان عبدالله : توفر الذكاء العاطفى فى الزوجين يجعل الحياة سعيدة جداً
د. نادية جمال : امتلاك الزوجين للذكاء العاطفى يساهم فى الاستقرار الأسرى
سعيد نصر
تزايدت فى مصر حالات الطلاق فى الفترة الأخيرة ، وذلك لعدم مقدرة الأزواج على حل المشاكل وتخطى العقبات، ولعدم توافر صفة الذكاء العاطفى فيهم، تلك الصفة التى يجب أن يسعى الجميع لامتلاكها، خاصة وأنه يمكن اكتسابها، "هير نيوز" تناولت هذا الموضوع لأهميته القصوى لكل زوجين، ووضعت يدها على الروشتة الأمثل لتحقيق السعادة والحد من الطلاق، وخرجت بنتجية مفادها أن الذكاء العاطفى هو المفتاح السحرى لتصحيح مسار العلاقات الزوجية فإلى التفاصيل .
بداية ، تؤكد أمينة سالم جعفر مدرسة فصل بإحدى مدارس المرحلة الابتدائية بالقاهرة،أنها واجهت مشاكل كثيرة مع زوجها ، كانت كفيلة بهدم كيان أسرتها وخراب بيت الزوجية ، خاصة أن إحداها كانت مشكلة خيانة لفظية باستخدام الهاتف المحمول تارة ، وبالدردشة "الشات" على الفيس بوك تارة أخرى، ولكنى استطعت الحفاظ علي حياتنا الزوجية وجعلها أكثر سعادة، وذلك بالتريث فى رد الفعل وبالحكمة والاحترام فى الحديث معه عن تلك الأمور الحساسة ، والاستفادة من انتقاداته لى فى تبرير مايفعله وتقبلى لهذه الانتقادات ، والتحكم فى مشاعرى لتكون ردود أفعالى بنائة وهدفها الحفاظ على العلاقة الزوجية وليس قطعها ، والحرص الشديد على عدم إدخال أى طرف من الأهل فى مشاكلى معه ، والمغفرة له على ما ارتكبه فى حقى كزوجة بخيانته اللفظية لى ، فضلا عن محاولة نسيان ذلك ، حتى نسيته بالفعل ، وعندما حكت كل ذلك بعد استقرار حياتها ، شهد لها كل من سمعها بأنها ذكية ، دون أن تدرى أن ذلك هو الذكاء العاطفى .
وتقول د. ماجدة شلبى خبيرة تعديل سلوك واستشارى علاقات أسرية ودبلومة فى الطب البديل،إن الذكاء العاطفى يمكن الإنسان من أن يبحر ويغوص فى مشاعر الآخرين لمعرفة وإدراك عواطفه وعواطف الأشخاص المحيطين به ويمنحه القدرة على التعامل معها بإيجابية لتعم السعادة لأنه بذلك يكون متعاطفاً متفهماً لمشاعر من حوله ومتقبلا للنقد من الأخرين ، بما فيهم شريك الحياة والأبناء داخل الأسرة، خاصة أن الشخص الذكى عاطفيا يستطيع فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته ويحترمها، وبالتالى تقل المشاكل وتتلاشى.
وتصف "شلبى" الذكاء العاطفى بأنه القلعة المحصنة المنيعة التى تتغلب على التقلبات المزاجية التى يتعرض لها الزوجين من الحين للأخر ، وتؤكد أن الذكاء العاطفى يضبط انفعالات ومشاعر الإنسان ويجعله قادرا على السيطرة على مشاعره والتحكم فى انفعالاته فى المواقف العادية والصعبة ، ويجعله قادرا أيضا على تحديد أهدافه فى الحياة.
وتضيف "شلبى" إن الشخص الذكى عاطفيا يتميز دائما بالإيجابية ويغمره الشعور بالرضا والارتياح فى حياته وينشر السعادة بين الناس ، وهذا ينعكس بالإيجاب على بيت الزوجية ، وتربط "شلبى" بين الذكاء العاطفى وبين حديث سيدنا محمد "ص" ( الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة التى اذا نظرت اليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك ) رواه أبو دواد.
وتستطرد ، إن كثيرا من النساء لا يعرفن مصطلح الذكاء العاطفى، لكن كلهن بلا شك يحاولن قدر طاقتهن وحسب تفكيرهن توظيف مشاعرهن لتحقيق السعادة الزوجية ، و هذا التوظيف أيا كان مسماه يعد عاملا مهماً وضرورياً فى استقرار الحياة الزوجية، فالتعبير الجيد عن المشاعر والقدرة على فهم مشاعر الطرف الآخر ورعايتها بشكل ناضج يضمن لنا حياة زوجية وأسرية هادئة وبعيدة عن المشاكل .
وتشير الدكتورة ماجدة شلبى إلى أن الذكاء العاطفى هو مفتاح الحقيقى لنجاح الفرد وتميزه سواء على المستوى الشخصى كعلاقته بنفسه أو على المستوى الاجتماعي كعلاقته بالآخرين ، وتقول " إن الذكاء العاطفى يجعلنا نأخذ قرارتنا الحياتية بصورة أفضل ويجعلنا أكثر ثقة فى أنفسنا وأكثر فاعلية فى العمل ، ما يجعله يحقق لنا النجاح الوظيفى أيضا ، والذى يستلزم نجاح الفرد فى بيته ، أى فى بيت الزوجية ، وهو ما يوفره الذكاء العاطفى للزوجين.
وتنصح "شلبى" الناس قائلة : "فلنزين علاقاتنا كما نزين بيوتنا ولنزين باطننا ونفوسنا وأفكارنا بالرفق كما نزين ظاهرنا كما قال رسول الله "ص" ( ما كان الرفق فى شىء إلا زانه)، وتنصح الزوجة فى بيتها بأن تتحلى بالذكاء العاطفى ، لكى تستحق لقب إمرأة صالحة ، تفوز بالدنيا والآخرة فى الوقت نفسه .
ومن جانبها توضح الدكتورة نادية جمال الدين ، استشارى العلاقات الأسرية والزوجية ، أن الشخص الذى يمتع بالذكاء العاطفى يكون قادراًعلى فهم نفسه وتحليل نفسه وفهم الأخرين ومعرفة ماذا يريد الطرف الأخر منه ، حتى ولو لم يطلب ذلك منه بصراحة أو بشكل مباشر ، وذلك بفضل العلاقات الاجتماعية المتعددة التى يتمتع بها ، وبفضل خبراته فى التعامل مع الأخرين، وكلها أمور تمكنه من التعامل مع كل محيطه الاجتماعى دون خلافات ومشاكل ، ويساعده على تحقيق ذلك قدرته الكبيرة على السيطرة على سلوكه وعواطفه ومشاعره ، وقدرته على التحكم فى نفسه وقت الغضب .
وتقول "جمال الدين" ، إن سلوكيات وتصرفات شخصية من هذا النوع ، سواء كانت زوجة أو زوجا ، داخل بيت الزوجية تحد من المشاكل و الخلافات وتمنع تراكمها وتعقدها ، وبالتالى يكون البيت أكثر استقرارا وتكون الحياة أكثر متعة ، وذلك بفضل الانسجام العاطفى والتوافق النفسى الناجم عن تلك السلوكيات الواعية التى تصدر عن الإنسان بفضل ذكائه العاطفى.
وتضيف إن المرأة كزوجة تستخدم الذكاء العاطفى فى الحفاظ على علاقة طيبة مع زوجها وفى تصحيح مسار العلاقات الزوجية والأسرية معه ، حال حدوث اختلافات أو خلافات ، وذلك بإدارة حوار معه ، والابتسام فى وجهه أثناء النقاش، وامتصاص غضبه بكلمات طيبة وتصرفات حسنة ، وإقناعه بسلامة رأيها فى الموضوع محل النقاش ، دون محاولة فرض رأيها عليه ، ودون أن تشعره بأنها على صواب دائما ، كأن تعترف بخطأها حال تبيان ذلك لها ، وبأن تتحكم فى غضبها ومشاعرها خاصة عند رد الفعل وطلب الحقوق ، وبأن تبتعد عن أى تعبيرات وتصرفات هجومية حتى لاتتعقد المشاكل الصغيرة وتتحول لمشاكل كبيرة يصعب حلها وتكون عواقبها وخيمة على مستقبل العلاقة الزوجية ومستقبل الأسرة.
وتؤكد الدكتورة نادية جمال الدين أن الذكاء العاطفى للزوجين أو لأحدهما يساهم بشكل كبير فى الاستقرار الأسرى لأنه يساعد الإنسان على التحكم فى النفس وتغيير السلوك إلى الأفضل والقدرة على إدارة الذات بعقلانية ورشد ، ويجعل الإنسان بمنأى عن صفات سلبية لها انعكاسات خطيرة على علاقاته الزوجية ، مثل الأنانية والعناد والصلف والغرور ، وذلك لكون الذكاء العاطفى يوفر المرونة اللازمة فى التعامل ، بشكل يزيد الألفة والحب والمودة بين الزوجين.
وتشير إلى أن انعدام الذكاء العاطفى لدى الأزواج يعد أحد الأسباب الرئيسية فى تعدد حالات الطلاق ، بنسبة تصل إلى 70% فى مصر لعام 2017 ، مشيرة إلى أن الغباء العاطفى يجعل كل طرف يطلب طلباته من الأخر فى توقيت غير مناسب ، وتجعله يفرض رأيه على الأخر بشكل يعقد المشاكل ، لافتة إلى أن الشخص الذى لايتمتع بالذكاء العاطفى غالبا مايكون غير واعى بطبيعة الطرف الأخر وأولوياته ، فلا يدرك الرجل أن المرأة سماعية و تعشق بأذنيها وتميل لسماع الكلام الجميل ، والإحساس باهتمام زوجها بها عن طريق الهدايا، ولاتدرك المرأة بأن الرجل بصرى ويعشق بعينيه ، وعدم الفهم هذا ينعكس بالسلب على كل العلاقات الزوجية داخل عش الزوجية ، بما فيها العلاقة الحميمية بين الطرفين.
أما الدكتور إيمان عبدالله ، فتقول ، إن الذكاء العاطفى يعرف بأنه سمات شخصية تجعل الإنسان متحكماً فى ذاته و قادرا على إدارة عواطفه ومشاعره مع الأخرين، بما يؤدى فى النهاية إلى التفاعل بسهولة مع العلاقات المتنوعة ، مؤكدة أن الذكاء العاطفى يمنع طغيان المشاعر السلبية ، وبالتالى يقلل بشكل كبير من المشاكل بين الزوجين.
وتضيف "عبدالله ، إن توفر الذكاء العاطفى فى الزوجين يجعل الحياة سعيدة جدا ، لأن الحياة السعيدة تكون هدفا للطرفين حال توافر الذكاء العاطفى ، فالشخص الذكى عاطفيا يستثمر مشاعره الإيجابية دائما فى إسعاد الطرف الأخر ، وذلك بحل المشاكل أولا بأول ، وبالاستماع والانصات للطرف الأخر وإدارة حوار إيجابى معه ، فيه تعبير عن المشاعر ومشاركة وجدانية ، بما ينعكس بالإيجاب على كل شىء ، بما ذلك العلاقة الحميمية ، خاصة وأنها غالبا ما تكون محور تفكير الزوجين المتمتعين بالذكاء العاطفى .
وتوضح "عبدالله" أن الذكاء العاطفى فى المرأة غالبا ما يتجسد فى التودد والتقرب للزوج والتعبير عن مشاعرها تجاهه خلال حوارها معه ، وذلك لاتصافها بالأنوثة ولكون طبيعتها أنثوية ، وعندما يتمتع الزوج بالذكاء العاطفى فإنه يدرك ذلك جيدا ، ويتفهم أن المرأة تبحث دائما عن الدفء والحب والحنان ، ويحاول بكل الطرق أن يوفرها لها ، ويعمل دائما على أن يجعلها لاتشغل بالها بأمور هى دائما ما تكون مشغولة بها بحكم طبيعتها الأنثوية ، مثل حب امتلاك الزوج والغيرة الشديدة عليه ، وذلك بتصرفاته وسلوكياته الذكية والسوية والطيبة.
وتؤكد"عبدالله" ، أن الذكاء العاطفى يكسب الشخص مهارة الاتصال والتواصل ، و يفوق الذكاء العقلى كثيرا فى الأهمية ، ولا يرتبط بدرجة علمية ، بمعنى أنه قد يتوافر فى شخصية ريفية تعليمها محدود جدا ، وقد لايتوافر فى شخصية جامعية حاصلة على درجة الأستاذية ، و يعد الذكاء العاطفى المفتاح الأول لنجاح العلاقة الزوجية وتصحيح مسارها حال حدوث أى نوبة خلل بها ، لأنه يجعل الإنسان قادرا على فهم الأخر وتحديد إحساسه وشعوره تجاه الأخرين وتجاه نفسه ، ويساعد الإنسان على استثمار علاقاته على أكمل وجه، فضلا عن أنه يجعل الإنسان قادرا على استثمار "متى وكيف" ، أى الوقت والكيفية .
وتشير الدكتورة إيمان عبدالله إلى أن الحياة الزوجية السعيدة هى التى تلعب فيها العواطف دورا أكبر عن أى أشياء أخرى ، بما فيها الماديات ، وذلك لأن العواطف تحقق الانسجام بين الطرفين، وهذا كله يكون حقائق ملموسة ومشاعر محسوسة ، إذا ما توافر الذكاء العاطفى فى أحد الزوجين ، فالذكاء العاطفى يولد الثقة ويمنع الشك ، وبالتالى يقلل المشاكل ويجنب الطرفين فيروس الاتهام بالخيانة الزوجية لمجرد الشك ، ويوجه العواطف والمشاعر للهدف الصحيح ويمنح القدرة على تحمل الضغط العصبى ومواجهة المشاكل والصعوبات ، ويعطى مساندة نفسية للزوجين ، ويوفر التغذية العاطفية والعون والدعم لهما ، بما ينعكس فى حياة زوجية سعيدة وبلا مشاكل خانقة.