الأربعاء 03 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم مريم النويمي: الطبيب البهلوان

هير نيوز

مهنة الطب من أكثر المهن احترامًا في المجتمع، إذ ترتبط بإنقاذ الأرواح، وتقديم الرعاية الصحية، والحفاظ على الثقة بين الطبيب والمريض، وجرت العادة على أداء قسم الإخلاص لهذه المهنة ومراعاة الأمانة التي تستوجبها عند التخرج في كلية الطب، وهذا يحتم على الأطباء الالتزام بمعايير السلوك المهني، بالذات في أماكن عملهم وأثناء تأدية واجبهم المهني، هذا ليس فقط للأطباء، بل يشمل كل ممارس صحي، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحنا نرى ونسمع عن سلوكيات غير مناسبة ومثيرة للجدل داخل المستشفيات أو العيادات.

قبل أيام انتشر فيديو لطبيب في بلد عربي شقيق، يمارس الرقص أثناء حمله لطفلة مولودة للتو، المشهد الأسوأ الذي فتحت الصغيرة عليه عينيها، ليس الأول ولن يكون الأخير، من فترة ليست بطويلة تلاعبت ممرضة بوجه مولود كمشهد كوميدي، وترفيهي، ودفعت ثمن ذلك، والطبيب هو الآخر تمت محاسبته، الممارسون الصحيون ليسوا كغيرهم، زمان كانوا يطلقون على الطبيب لقب (حكيم)، والمصادر تقول، (إن تسميته بذلك تعني أنه «العالم المتبصر والفطن» الذي يمتلك بصيرة نافذة في مجال علمه، بحيث لا يصدر منه قول أو فعل إلا عن علم ومعرفة عميقة ومنطق سليم، فالحكيم في مهنة الطب هو الطبيب الذي يجمع بين العلم والعمل والتصرفات السليمة، ويستطيع أن يغلف قراراته الطبية بالحكمة التي منحها الله له، متجاوزًا بذلك مجرد الممارسة البحتة للطب).

لكن في زمن الشهرة، فقد بعض الأطباء حكمتهم، وأصبحت الشهرة مطلبهم، المقطع الذي يحقق تداولًا أكبر ومشاهدات أكثر، أهم من فكرة المقطع ذاتها، استخدام الفكاهة غير المبررة، تعابير الوجه المبالغ فيها، أو استخدام العبارات الرنانة لجذب الانتباه رغم أن المعلومة غير صحيحة. كل هذه سلوكيات خاطئة، تسيء إلى أنبل مهنة في التاريخ، كل طبيب ناجح هو مشهور، وليس بالضرورة أن يكون كل طبيب مشهور ناجحا.

المسلسلات الطبية، الأفلام، الأخبار، ومواقع التواصل ترسم صورة نمطية للطبيب، قد تكون إيجابية كمنقذ أرواح أو سلبية كمهمل و«إنسان فاضي»، طوال الوقت على منصات التواصل يصور وينشر، أحترم أولئك الذين ينشرون نجاحاتهم، إبداعاتهم، ينشرون علمًا يُستفاد منه، لا خزعبلات، تفتقد إلى مصدر أو مرجع.

هناك أطباء يلعبون دور المهرج فعلًا؟ أعظم الأطباء مارسوا هذا الدور، لكن لم يسمع عنهم أحد، مارسوه بحب، بعظمة، وبكل إنسانية، لم يوثقوا ذلك ليربحوا، بل اكتفوا أن يلعبوا هذا الدور في حضرة طفل مريض كي يبتهج، فالبهجة تقلل من الألم عن طريق إفراز الأندورفين، وتعزز الجهاز المناعي وتزيد من نسبة التعافي. فكرة الأطباء المهرجين بدأت منذ عام 1986 بمبادرة من قبل مايكل كريستنسن في مدينة نيويورك، واكتسبت التجربة شهرة كبيرة لتطبق في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وجميع أنحاء أوروبا، ومن ثم وجدت طريقها إلى العالم العربي.

البهلوان الطبي، هو ليس طبيبًا، بل بهلوان تم تدريبه طبيًا لمدة تقارب السنة، ولكن هناك كثيرا من أطباء الأطفال فعليًا لعبوا هذا الدور، دون أن يسيئوا إلى مهنتهم، لبسوا ثوب المهرج ولونوا وجوههم ولاعبوا الأطفال المرضى وانتزعوا ضحكاتهم وصنعوا لهم يومًا مميزًا، ليكون لهم الطبيب مصدر سعادة وثقة.

العيب أن يتحول الطبيب إلى بهلوان أو أراجوز من أجل الشهرة والترند، فالطب أشرف والطبيب أعظم من ذلك.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط