رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم هادي اليامي: دايم السيف موسوعة الفكر وروح الإنسان

هير نيوز

في سجل التاريخ تظل هناك شخصيات استثنائية قادرة على ترك بصمات راسخة تؤثر لا يمحوها الزمن. شخصيات تملك رؤية نافذة تتجاوز حدود اللحظة، وتؤثر في مجتمعاتها فكرًا وثقافة وإنجازًا. وفي مجتمعنا السعودي، يبرز الأمير خالد الفيصل كأحد أبرز هذه الشخصيات، جامعًا بين حنكة الإدارة، وعمق الفكر، ورهافة الإحساس.

منذ توليه المسؤوليات الإدارية، أرسى الأمير خالد الفيصل معايير جديدة للتميز العملي والقيادة الميدانية، حيث يباشر بنفسه متابعة أدق التفاصيل، ويحوّل الرؤى إلى واقع ملموس. ففي منطقة عسير، شهدت السنوات التي قضاها فيها نقلة نوعية، إذ تحولت أبها من مدينة صغيرة إلى واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة والمنطقة، بفضل سلسلة من المشاريع التنموية والثقافية والسياحية التي جعلتها وجهة محلية وإقليمية.

وحين انتقل إلى إمارة منطقة مكة المكرمة، واصل النهج نفسه، مشرفًا على تطوير المشاعر المقدسة وتنظيم أعمال لجنة الحج المركزية، ومواجهة تحديات الحج بلا تصريح، في تجربة إدارية استثنائية تداخل فيها التنظيم الأمني مع الارتقاء بالخدمات لضيوف الرحمن


ليس الأمير خالد الفيصل مجرد إداري ناجح، بل هو مثقف موسوعي يملك حضورًا قويًا في الساحة الأدبية والفنية. شاعر ينسج القوافي بمهارة، فتخرج قصائده لوحات تنطق بالحكمة والجمال، وأديب يطوع اللغة لخدمة المعنى، وفنان تشكيلي يرسم بريشة تحمل من الأصالة ما يجعل لوحاته تنبض بالحياة.

وقد تجلّت هذه الجوانب في مبادراته الثقافية، وعلى رأسها مهرجان سوق عكاظ الذي أعاد له الحياة، ومؤسسة الفكر العربي التي أسسها ويرأس مجلس إدارتها، ومجلة الفيصل التي أصبحت مرجعًا أدبيًا وثقافيًا في العالم العربي. إلى جانب تأسيسه مؤسسة عسير للصحافة والنشر، التي أسهمت عبر هذه الصحيفة وغيرها في دفع الحركة الإعلامية في المملكة.

ورغم قصر الفترة التي قضاها في وزارة التعليم، إلا أنها كانت كافية ليضع بصمته الواضحة، فقد أسهم في تطوير هذا القطاع الحيوي من واقع الرؤى العصرية التي يحملها، وهو ما أدى إلى إحداث نهضة في العديد من البرامج التعليمية في المملكة، إضافة إلى مساهمته في إنشاء كثير من المؤسسات التعليمية التي تسهم في تعزيز مستوى التعليم وتنمية قدرات الأجيال الجديدة.

إلى جانب الفكر والإدارة، يملك الأمير خالد الفيصل حضورًا إنسانيًا خاصًا. حيثما حل، يحيط به التقدير والاحترام، ويستقبل بابتسامة صادقة واهتمام مباشر بمن حوله. في المناسبات الثقافية والاجتماعية، تجد حضوره محاطًا بالاهتمام، ليس لمكانته فحسب، بل لما يقدمه من تفاعل حقيقي مع الجميع.

أما على الصعيد الإنساني فهذا جانب لا يمكن الإحاطة به في مثل هذه المساحة المتواضعة، فقد استصحب الفيصل كل ما اكتسبه من علوم ومعارف وحكمة بالغة ومزجها في شخصيته وطبقها في تعامله، فكانت ممارسة حقيقية وتطبيقا عمليا انعكس في حياته.

وقد حدثت لي مواقف كثيرة معه عندما كان أميرا لمنطقة عسير، وكنت وما زلت في بداية تسعينيات القرن الماضي محاميا مبتدئا أتلمس طريقي في هذا المجال الذي كان جديدا على المجتمع، وطرقت باب مكتبه كثيرا عندما كانت تضيق بي السبل وأجد مشقة ومعاناة في تعامل بعض الإدارات ذات الصلة، فوجدت منه كل عون ومساندة، ولم يتأخر يومًا عن مد يد الدعم الذي أرجوه كما يرجوه غيري من أبناء المنطقة.

ما دفعني لكتابة هذه السطور هو خبر إصدار البريد السعودي لطابع تذكاري تكريمًا له، في لفتة وطنية تعبّر عن تقدير المملكة لأبنائها المبدعين. إنه تكريم لرجل لم يكتف بتحقيق الإنجازات، بل أسس لثقافة تحتفي بالفكر والإبداع، وأرسى قيمًا في الإدارة والعمل العام أصبحت مرجعًا للأجيال.

ولا أملك في ختام هذه الكلمات البسيطة أكثر من التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بأن ينعم على سموه الكريم بموفور الصحة والعافية، وأن يجزيه خيرا على كل ما قدمه لوطنه الكبير وللمجتمعات التي تشرفت بوجوده فيها، وكلي ثقة أن كثيرين غيري في مختلف ربوع الوطن يشاركونني مثل هذه المشاعر الصادقة من واقع ما وجدوه منه من تقدير وتكريم وعون.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط