لاعتناقها اليهودية.. هل قتل «بسمة» واجبًا؟.. نُشطاء يتجادلون.. و«الإفتاء» ترد
الأربعاء 10/فبراير/2021 - 05:21 م
شريف حمادة
أثار ارتداد الفنانة "بسمة" الكويتية عن الإسلام واعتناقها اليهودية، في ثاني واقعة خلال أسابيع قليلة، بعد المذيع محمد المؤمن الذي اعتنق الديانة المسيحية، بعد أن رفعوا شعار «لا ولاء ولا انتماء»، الجدل بين رواد التواصل الاجتماعي.
وأكد البعض أنها تستحق القتل؛ لأنها أعلنت الارتداد في شكل تحريض ومتباهية بديانتها الجديدة، في حين أكد البعض أن الإسلام ترك حرية العقيدة للبشر وتجاهل أمثالها أفضل.
وقد أعلنت دار الإفتاء على موقعه الإلكتروني حول قضية الارتداد عن الإسلام وفتوى "قتل المرتد" ، أن هذه القضية تمثل في الفكر الغربي إشكالية كبيرة، فيظنون أن الإسلام يُكْرِه الناس حتى يتبعوه، ويغفلون عن دستور المسلمين في قضية حرية الاعتقاد التي يمثلها قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.
وأضافت أنه يمكن النظر إلى قضية "قتل المرتد" من زاويتين: الزاوية الأولى: هي النص الشرعي النظري الذي يُبيح دم المسلم إذا ترك دينه وفارق الجماعة (2)، والثانية: هي التطبيق التشريعي ومنهج التعامل في قضية المرتد في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك خلفائه رضوان الله عليهم.
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لم يقتل عبد الله بن أبي، وقد قال: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ" (3)، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمي وقد قال له: "اعْدِلْ" (4)، ولم يقتل من قال له: "يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْغَيِّ وَتَسْتَخْلِي بِهِ" (5)، ولم يقتل القائل له: "إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ" (6)، ولم يقتل من قال له -لما حكم للزبير بتقديمه في السقي: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ" (7)، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذًى له وَتَنَقُّص، وهي ألفاظ يرتد بها قائلها قطعًا؛ لأنها اتهام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بما في ذلك من تكذيب له بأمانته وعدله.
ووأضاف "علام" ، أن عدم قتل النبي هؤلاء المرتدين وغيرهم مصالح عظيمة في حياته، وما زالت بعد موته كان الهدف كما قال بعض العلماء هو تأليف الناس وعدم تنفيرهم عنه؛ فإنه لو بلغهم أنه يقتل أصحابه لنفروا، وقد أشار إلى هذا بعينه، وقال لعمر رضي الله عنه لما أشار عليه بقتل عبد الله بن أبي: «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» (8)، ولم يستخدم ما أباحه الله له في الانتقام من المنافقين ومعاقبتهم كما ورد في سورة الأحزاب قال تعالى: ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ (9).
وأوضح "علام" ، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما روى: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا» (10)، فهو لم يقتله، وهنا السؤال ، فلماذا لم يقتل كل أولئك الذين يصدق عليهم قول ربنا: ﴿وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ﴾؟ (11).
وأضاف "علام" أن في عهد الخلفاء، وبالتحديد في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه، فقد روي أن أنسًا رضي الله عنه عاد من "تُستَر"، فقدم على عمر رضي الله عنه فسأله: "مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: فَأَخَذْتُ بِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِيَشْغَلَهُ عَنْهُمْ، قَالَ: مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَلْ كَانَ سَبِيلُهُمْ إِلَّا الْقَتْلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَوَا اسْتَوْدَعْتُهُمُ السِّجْنَ"، فلم يرَ عمر رضي الله عنه قتلهم بدءًا؛ رغم أنهم ارتدوا وقاتلوا المسلمين؛ لكنه رأى استتابتهم، وإلا سجنهم.
وكان الشيخ شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق رحمه الله يرى أن قتل المرتد ليس حدًّا فيقول: [وقد يتغير وجه النظر في المسألة؛ إذ لوحظ أن كثيرًا من العلماء يرى أن الحدود لا تثبُت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحًا للدم، وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثير من الآيات تأبى الإكراه في الدين].
وأوضح الدكتور شوقي علام، أن قتل المرتد لم يكن لمجرد الارتداد، وإنما للإتيان بأمر زائد مما يفرق جماعة المسلمين، حيث يستخدمون الردة ليردوا المسلمين عن دينهم، فهي حرب في الدين كما قال تعالى: ﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
وأضاف مفتى الديار المصرية أن رأي الشيخ شلتوت يؤيد ذلك ما ذكره الشيخ ابن تيمية: [أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قبل توبة جماعة من المرتدين، وأمر بقتل جماعة آخرين، ضموا إلى الردة أمورًا أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين، مثل أمره بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح، لمَّا ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال، ولم يتب قبل القدرة عليه. وأمر بقتل القُرَنيين لمَّا ضموا إلى ردتهم مثل ذلك، وكذلك أمر بقتل ابن خطل لمَّا ضم إلى ردته السبَّ وقتل المسلم، وأمر بقتل ابن أبي السرح لمَّا ضم إلى ردته الطعن والافتراء].
ومما سبق يتبين لنا: أن "قضية قتل المرتد" غير مطبقة في الواقع العملي ، ووجودها في المصادر التشريعية لم يكن عقوبة ضد حرية الفكر والعقيدة، وإنما تخضع للقانون الإداري.
وكان الشيخ بن باز له فتوى بقتل المرتد إذا لم يتب ، قائلا: "قد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: 5] فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.
وأضاف «بن باز» أنه: "في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: من بدل دينه فاقتلوه وفي الصحيحين عن معاذ ، أنه قال لمرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: لا أنزل (يعني من دابته) حتى يقتل قضاء الله ورسوله والأدلة في هذا كثيرة، وقد أوضحها أهل العلم في باب حكم المرتد في جميع المذاهب الأربعة، أما من أنكر ذلك فهو جاهل أو ضال لا يجوز الالتفات إلى قوله، بل يجب أن ينصح ويعلم لعله يهتدي.
وكانت الفنانة الكويتية قد نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو تقول فيه: «أنا ابتسام حميد الملقبة بالمطربة بسمة الكويتية، أُعلن تركي للإسلام وبكل فخر أعلن اعتناقي للديانة اليهودية»، وفق ما قالت.
واختتمت حديثها، بقولها: «لا ولاء ولا انتماء»