بقلم مريم النويمي: ماذا لو أن مزدلفة لم تولد في السعودية
أنهى الحجاج يومهم في عرفات، وهم يهمّون بالنفرة إلى مزدلفة، داهم المخاض حاجة حامل، فأنجبت ابنتها في غير وقتها بعدما خالطتها نسمات عرفات، فأطلت على الدنيا قبل موعدها، طفلة (خديج)، ولدت في وقت مبارك وعلى بقعة مباركة، وتحت أيدٍ أمينة. تلقت العناية في مزدلفة ونقلت إلى مستشفى تتوفر فيه وحدة للعناية بحديثي الولادة. استقبلها مستشفى في العاصمة المقدسة تلقت فيه الرعاية، وحينما تطلبت الحالة عناية أكبر، وتخصصا لا يتوفر لديهم، حيث أصيبت بنزيف في الدماغ من الدرجة الرابعة، الأمر الذي يتطلب وجود جراحي المخ والأعصاب في المنشأة. نقلت إلى جدة بإخلاء طبي كحالة إنقاذ حياة. استقبلها مستشفى شرق جدة، ونومت في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. كم هي محظوظة الوحدة لتقديمها خدمة طبية لأصغر حاجة، رغم أن المستشفى ليس من مستشفيات المشاعر أو أحد مستشفيات العاصمة المقدسة لكنه حظي بفرصة خدمتها، فوزارة الصحة - عادة - تسخر كل إمكانياتها لخدمة الحجيج في كل بقعة سعودية. وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة بمستشفى شرق جدة التي لم تتم عامها الثامن بعد، استطاعت أن تقدم خدمة طبية متميزة لـ (مزدلفة) - الاسم الذي أطلق على المولودة - وذلك لحرص وزارة الصحة ورعايتها المستمرة لكل المنشآت الصحية، وبكرم شديد من حكومتنا الرشيدة، توفرت كل مقومات الرعاية الصحية المتميزة في المنشأة. مزدلفة عبرت بوابة وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة على جهاز تنفس صناعي، ولديها تشنجات وتعاني من مضاعفات (الخداجة)، وأمضت في العناية المركزة لحديثي الولادة قرابة الثلاثة أشهر، تمّ خلالها عمل أشعة رنين مغناطيسي للدماغ والذي أوضح عدم احتياجها لتدخل جراحي من فريق جراحة المخ والأعصاب، فُحصت شبكية عينيها عدة مرات، من بينها مرة ذهب بها الفريق الطبي من وحدة العناية بشرق جدة إلى م/ حراء العام في مكة لاستبعاد وجود خلل في شبكية العين أثر الخداجة. كان الفحص مطمئنًا وعادت بالبشرى (وقت خروجها قد أزف)، فقد اكتملت ونمت، وتوقفت تشنجاتها، واحتفل القسم بخروجها. غادرت مزدلفة، قبل أيام بعد قرابة ثلاثة أشهر من التنويم، خرجت من بوابة العناية المركزة لحديثي الولادة بيد والديها، تتنفس بملء رئتيها، مستقرة حالتها، تسمح لها بالسفر برفقة والديها اللذين تركا رسالة امتنان لبلادنا ولوزارة الصحة وللفريق الطبي بأكمله. خدمات طبية وفرتها لهم الحكومة السعودية مجانًا، فلو عرفنا سعر الحضانة في أقسام العناية المركزة لحديثي الولادة في اليوم الواحد، لعرفنا أن القيمة عالية جدًا، فكيف إذا اقترنت بفحوصات متقدمة! لا شيء يضاهي الصحة ولا بلد يشبه بلدي.
البلد الذي يثبت يومًا بعد آخر أنه الأكثر تقدمًا وعطاءً، فماذا لو أن مزدلفة لم تولد في السعودية!
لنا أن نحتفل بيومنا الوطني الرابع والتسعين بفخر، حفظ الله مزدلفة وحفظ السعودية ودام عزك يا وطن.
نقلا عن الوطن السعودية